-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجولاني و”الشراكة الأمنية” مع الاحتلال!

حسين لقرع
  • 1453
  • 0
الجولاني و”الشراكة الأمنية” مع الاحتلال!

يكشف التصريح الذي أدلى به الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع لصحيفة “جويش جورنال” اليهودية الأمريكية، أنّ “الجولاني” يقود سوريا نحو التطبيع الكامل مع الاحتلال، على أن يجري ذلك تدريجيّا لتهيئة السوريين لهذا التحوّل الكبير من محور المقاومة إلى محور التطبيع والانبطاح.

الجولاني قال للصحيفة اليهودية المتصهينة، التي تتبنّى طروح الاحتلال وتعادي المقاومة الفلسطينية وتصفها بـ”الإرهاب”، قال بالحرف الواحد بشأن الغارات الصهيونية على بلاده: “سأكون واضحا، عصر الغارات غير المنتهية يجب أن ينتهي، لا تزدهر أيّ دولة وسماؤها مليئة بالخوف، لدينا أعداء مشتركون، ويمكن أن نصل إلى شراكة أمنية مع إسرائيل في المستقبل”!

لا يخفى عن أيّ لبيب هنا أنّ الجولاني يدعو ما سمّاها “إسرائيل” إلى وقف غاراتها الجوية على مخازن السلاح السوري، وتوغّلها المتواصل في الأراضي السورية حتى باتت على بعد بضعة وعشرين كيلومترا فقط من دمشق، ولإغرائها بذلك، فهو يذكّرها بأنّ لديهما “أعداء مشتركين” ويمكن إقامة “شراكة أمنية” بينهما لمحاربتهم معا!

وإذا بحثنا في هوية “الأعداء المشتركين” للاحتلال والجولاني، فإنّنا لا نرى الآن سوى إيران و”حزب الله” اللبناني، ولا نعتقد أن “داعش” تشكّل عدوّا للكيان، وإن عادت الجولاني وكفّرته وبدأت تحاربه في الآونة الأخيرة، فـ”داعش” مثلها مثل “هيئة تحرير الشام” بقيادة الجولاني، لم تطلق يوما رصاصة واحدة على الاحتلال، ولا نعتقد أنّها ستفعل ذلك في الحاضر والمستقبل؛ فبأسها شديد على المسلمين فقط، وهي تسفك دماءهم بلا حدود أو ضوابط، وكذلك فعل الخوارج المارقون عبر العصور.

إذن “الأعداء المشتركون” للجولاني والكيان، هما إيران و”حزب الله” اللبناني، والجولاني يعرف أنّ الاحتلال قد عرض، منذ سنوات، على مجموعة من الدول العربية المتصهيّنة تحالفا ضدّ إيران، لذلك، يحاول الضّرب على هذا الوتر الحسّاس لإقناع الاحتلال بأنه يمكن أن يؤدّي دورا في هذا التحالف ويكون “شريكا أمنيّا” موثوقا به في هذا الشأن، وأنّه يستطيع مساعدته في حربه ضدّهما، على الأقل، من خلال تحويل جيشه إلى حرس حدود يمنع تهريب ولو بندقية إيرانية واحدة إلى “حزب الله”، الذي ينبغي أن يستمرّ حصاره إلى أن يقبل بنزع سلاحه أو يواجه عواقب وخيمة.

في الأسابيع الأخيرة، كثرت التقارير التي تكشف عن لقاءات عديدة ومحادثات بين مسؤولين سوريين وصهاينة، في الولايات المتحدة وأبو ظبي بوساطة إماراتية، وفي أذربيجان برعاية تركية، وكان العنوان الأبرز لهذه اللقاءات العديدة هو “البحث في قضايا أمنية مشتركة لتفادي التصعيد وخروج الأوضاع عن السيطرة”، كما قال الجولاني في باريس يوم 7 ماي الماضي، لكنّنا نعتقد أنّ هذه اللقاءات ليست سوى مقدّمة لما هو أكبر وأخطر، وهو تطبيع العلاقات الكاملة بين الطرفين، وقد كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ذلك بوضوح حينما قال، وهو على متن طائرته المتّجهة من الرياض إلى الدوحة: “قلت للشرع ينبغي أن تنضمّوا إلى اتفاقية أبراهام، فقال: نعم”، ولا شكّ أن ذلك جزء من اتفاق غير مكتوب بينهما، مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن بلده.

إذن هي مسألة وقت فحسب، وإلى أن يتحقّق ذلك، لا بأس أن يحضّر الجولاني الشعب السوري لهذا الانقلاب السافر من محور المقاومة الذي ثبت عليه النظام البعثي 77 سنة كاملة، إلى محور التطبيع والهرولة والانبطاح، السّمّ يسقى جرعة جرعة وبكميات صغيرة حتى لا يقتل.. كذلك فعلت الدول المطبّعة من قبل، والجولاني يسير على خطاها بمباركة إماراتية إبراهيمية، وسبحان مغيّر الأحوال؛ فبالأمس كان الجولاني، القائد “السلفي الجهادي” لـ”جبهة النصرة” يقول في حوار شهير لـ”الجزيرة”، إنه لن يتوقف في دمشق، بل في القدس محرّرا، واليوم يعرض “شراكة أمنية” مع الاحتلال ضدّ “أعدائهما المشتركين” وهما إيران و”حزب الله”!

وعندما يطبّع الجولاني بشكل كامل، سينضمّ إلى باقي المهرولين الذين باتوا يرون المقاومة الفلسطينية عدوّا أيضا ينبغي للاحتلال أن يتخلّص منه، ويمكن مساعدته في هذا الشأن، وقد بدأ يمهّد لذلك بالزجّ بعدّة قيادات فلسطينية مقاومة في السجون السورية، وإغلاق مقرّاتها، ومعسكراتها، ومصادرة أسلحتها. ترى هل سيترحّم السوريون يوما على عهد بشار الأسد؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!