الجيش يضغط على نتنياهو لعقد صفقة وتحويل شمال قطاع غزة لمنطقة عسكرية
على مدار الأشهر الماضية، شهد جيش الاحتلال الصهيوني سلسلة استقالات من قادته البارزين، نتيجة الفشل في إحباط هجوم “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر. كان من أبرز هؤلاء القادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء أهارون حاليفا، وقائد المنطقة الوسطى يهودا فوكس، وقائد فرقة غزة آفي روزنفيلد.
وفي اليوم الـ342 من الحرب على غزة، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن استقالة قائد “الوحدة 8200” في شعبة الاستخبارات العسكرية، العميد يوسي شاريئيل، الذي أبلغ رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، عن تنحيه، بسبب “مسؤوليته عن الإخفاقات الاستخباراتية في 7 أكتوبر وما قبلها” بحسب الصحيفة.
يأتي ذلك بعد أن استقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، اللواء أهارون حاليفا، في أبريل الماضي، حيث أقر بمسؤوليته عن الإخفاقات في عملية “طوفان الأقصى”. في رسالة استقالته، اعترف حاليفا بأن “قسم الاستخبارات تحت قيادته لم يكن على مستوى المهمة”، ما دفع لمزيد من التوقعات باستقالات من داخل الاستخبارات العسكرية، بما فيهم شاريئيل.
كما أعلن قائد ذراع البرّ استقالته الأسبوع الماضي، في حين تداولت وسائل الإعلام العبرية أخبارا عن نية رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، تقديم استقالته في ديسمبر المقبل، لكن وبحسب “القناة 12” العبرية، فإن “هاليفي ربط موعد استقالته بإنهاء التحقيق بهجوم 7 تشرين الأول واكتمال الاستعداد للحرب في الشمال”. وفي المقابل، نفى الجيش الصهيوني”التقارير عن موعد محتمل لاستقالة رئيس الأركان”، مشيرا إلى أن “هاليفي يركّز حاليا على إدارة الحرب وقيادة الجيش”.
ويأتي هذا بالتوازي مع استمرار جيش الاحتلال في الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتراجع عن شروطه المتعلقة ببقاء الجيش في “محور فيلادلفيا” الحدودي مع مصر جنوب غزة، خاصةً بعدما أكدت المؤسسة العسكرية للاحتلال الصهيوني عدم الحاجة لبقاء القوات الصهيونية بشكل دائم في المحور، وإمكانية الانسحاب منه والعودة إليه لاحقا إن دعت الحاجة.
تأتي هذه التحركات على نتنياهو ضمن مساعٍ لدفعه لإبرام صفقة تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية، التي اشترطت انسحاب الجيش من “فيلادلفيا” وممر “نتساريم” كجزء من أي اتفاق محتمل.
في نفس السياق، وفي أعقاب قرار نشر مقطع الفيديو الذي يُظهر النفق الذي قتل فيه الأسرى الستة، عاد جيش الاحتلال لينظّم جولة للصحافيين في المحور الحدودي، ثم يوجّه بإعداد تقارير صحافية تدعم روايته بشأنه.
بدوره، تولّى المتحدّث باسم الجيش، دانيال هاغاري، الإعلان عن “إنجازات” قواته في جنوب قطاع غزة، والترويج لما يشبه “إتمام المهمة”، إذ قال: “عثرنا على 9 أنفاق تحت محور فيلادلفيا، مغلقة كلها من الجانب المصري”. وأضاف: “دمّرنا 80% من الأنفاق في المحور”.
وبالنسبة إلى العملية العسكرية المستمرة في رفح، قال: “دحرنا لواء رفح التابع لحركة حماس، ودمّرنا 13 كيلومترا من الأنفاق”. وبهذا الإعلان، يحاول الجيش القول إنه أتمّ المهمة، ما يضع مزيدا من الضغوط على المستوى السياسي، وتحديداً نتنياهو للتوجّه نحو مفاوضات جدية.
في نفس السياق، أشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أن “التقديرات تفيد بأن معظم عمليات التهريب عبر الأنفاق أسفل محور فيلادلفيا تمت خلال فترة حكم الرئيس المصري محمد مرسي”. ووفقا لهذه التقديرات، تمّ حينها تهريب معدّات ضخمة مكّنت حماس من إنشاء صناعات دفاعية واسعة النطاق في غزة (مصانع ضخمة لإنتاج الذخائر)، مما ساهم في تعزيز قوة المقاومة.
وأضافت الإذاعة، أنه على الرغم من الجهود التي بذلتها مصر في السنوات التالية، وتحديدا خلال عهد الرئيس، عبد الفتاح السيسي، لإغلاق أنفاق التهريب وزيادة الرقابة على معبر رفح، كانت المقاومة قد تمكنت بالفعل من امتلاك قدرات إنتاجية ذاتية كبيرة. وأشارت الإذاعة إلى أنه “من خلال المواد الخام التي تمّ تهريبها من إسرائيل ومصر على مرّ السنين من دون انقطاع، أنتجت حماس بنفسها جزءا كبيرا من المخزون الهائل من الذخيرة والصواريخ الذي كان لديها عند اندلاع الحرب”.
وفي موازاة لذلك، ذكرت قناة “كان” العبرية، أن كبار مسؤولي جيش الاحتلال يدرسون إمكانية قبول خطة تحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة عسكرية. تُعرف هذه الخطة باسم “خطة الجزيرة”، حيث يفكر الجيش في اعتمادها بشكل كامل أو تبني أجزاء منها على الأقل، وفقاً للقناة.
وخلال الأيام الأخيرة، أبدى عدد من الضباط في الجيش دعمهم لهذه الخطة، التي وضعها رئيس مجلس الأمن القومي السابق، غيورا آيلاند. فبحسب القناة، “ثمّة في الجيش من أعربوا بالفعل عن دعمهم لها”.
وإذا تمّت الموافقة عليها من قبل جيش الاحتلال الصهيوني والقادة على المستوى السياسي، “فمن المتوقّع أن تكون خطوة جذرية في الحرب، وقد يتم احتلال منطقة تبلغ حوالي ثلث القطاع، وأخذها من سكان غزة”، وعندها “يضطر المسلّحون الذين بقوا في المنطقة إلى الاستسلام أو القضاء عليهم”.