-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحذر من الأجنبي.. خاصية مفيدة!

الحذر من الأجنبي.. خاصية مفيدة!

الآراء السياسية المطروحة إلى حد الآن بالنسبة إلى مستقبل بلادنا، تبقى في مُجملها مُتَّفِقة على وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. وتبقى في مقام ثانٍ رافضة للاندماج ضمن أي أجندة أجنبية أو الخضوع لها رغم بعض أنواع التقارب غير البريئة هنا وهناك. ولعل هذا ما يُميِّز مجمل آرائنا السياسية بغض النظر عن قوتها أو ضعفها، حيث إنها أبدا ما تتفاخر بكونها تابعة لهذه الجهة أو تلك كما يفعل الكثير في بلاد أخرى.
عندنا رغم معرفتنا بوجود بعض الآراء والمواقف السياسية التي لا ترى نفسها إلا فرنسية مثلا أو قريبة من فرنسا، إلا أنه حتى هذه تبقى رافضة للجهر بولائها التام للفرنسيين، لعلمها أن ذلك يعني بالضرورة نهايتها على الأقل على المستوى الشعبي.
من جهة أخرى، ليس لدى سياسيينا ذلك الهوس بالقوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو غيرهما، إذا لم نقل إن كثيرا منهم لا يعجبه الحديث عن قربها منه أو قربه منها. لذا تجدهم جميعا يُسارعون إلى الإفصاح عن أي لقاء مع سفير أو دبلوماسي أجنبي، مهما كانت درجته، حتى لا يُسجَّل ذلك في رصيده السلبي بالنسبة للرأي العام. رغم أن كثيرا من هذه اللقاءات تُعَد جزءا من الأعرف الدبلوماسية المُتعارف عليها عبر العالم…
هذه الخاصية التي نملك بشأن الحذر من التعامل الأجنبي رغم أنها أحيانا مُبالغ فيها إلا أن منافعها أكثر من مضارها على أكثر من صعيد.
يكفي أننا تمكنا من تجاوز العشرية السوداء، رغم ضخامة الخسائر، لأن المعركة التي دارت بيننا كانت بين جزائريين فقط، وانتهت بينهم وفقط. وإذا ما بقيت من خِلافات مُعلَّقة لحد الآن فهي بينهم وفقط. كما أن كافة الآراء المطروحة لحد الآن بشأن مستقبل الوضع السياسي في بلادنا ما تزال مُتمَسِّكة بإبقاء الخلاف بين أهل الدار.
أما تلك الأطراف القليلة التي جاهرت بولائها للأجنبي، ولو من باب التحالف المصلحي، لا نشك أنها تعلم أنها انتهت كوجود شعبي في البلاد، ولم يعد بإمكانها بأي حال من الأحوال كسب رضا الناس حتى ولو وعدتهم بضخ الأموال الطائلة أو ببناء فردوس لهم على وجه الأرض.
ولذا فإني أقول إنه إذا كان من أمل في بقاء بلادنا مستقرة وبعيدة عن الكثير من الأزمات، فإن مرده لهذه الطبيعة المُترسِّخة في العمق الشعبي الحذرة باستمرار من الأجنبي… وحتى وإن كانت لهذه الحالة الشعورية سلبيات تتعلق بغياب دعم حقيقي لنا من أطراف عدة، وبمنعنا من بناء اقتصاد وطني حقيقي، إلا أنها ينبغي أن تبقى حافزا لنا لنُعوِّل بالدرجة الأولى على أنفسنا ونُمكِّن أبناءنا حقيقة من بناء بلدهم بأنفسهم من أبسط المستويات إلى أعلاها… وذلك هو البناء الصحيح، والأمل الأصح..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • bamour

    الأستاذ سليم قلالة دائما له تحليل صائب و أنا مع ما ذكر في مقاله ...بالعامية "" دهانا في دقيقنا ""