الحكومة تحضّر لإضعاف “السكوار” قبل القضاء عليه كلّيا

طمأن وزير المالية لعزيز فايد باتخاذ الحكومة عبر مشروع القانون النقدي والمصرفي الجديد كل الاحتياطات اللازمة لفتح مكاتب الصرف بالسرعة القصوى، حيث حدّدت الحكومة الشروط ورأسمال المكاتب ومناطق تواجدها بكافة المدن والولايات والموانئ والمطارات، وهو ما سيسمح باستقطاب العملة الصعبة، وتطويق السوق الموازية.
وخلال جلسة مناقشة مشروع القانون النقدي والمصرفي الجديد صبيحة الإثنين، قرأ مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، مضمون التقرير التمهيدي الذي احتوى 23 ملاحظة، تساءل عبرها أعضاء مجلس الأمّة حول سبب حصر المادة 33 في تقديم بيان محافظ بنك الجزائر أمام المجلس الشعبي دون مجلس الأمة، وطالبوا باستحداث صندوق سيادي لتوظيف أموال احتياطي الصرف في الأسواق المالية، يكون موضوعا تحت رقابة البرلمان.
وانتقد أعضاء مجلس الأمة المادة 40 من مشروع القانون النقدي التي لم تتطرّق إلى ملف الصكوك الإسلامية إلى جانب السندات، والمادة 48 التي سمحت لبنك الجزائر بتقديم تسبيقات للخزينة في الحالات الطارئة، دون تحديد سقف للتسقيفات ولا معنى دقيق لعبارة الأزمات الاستثنائية، كما شدّدوا على أنه في إطار الحفاظ على الاستقرار المالي نصّت المادة 47 على إمكانية تقديم سيولة مقبولة بكافة السندات، ولم تنص على الصكوك الإسلامية، وطالب أعضاء الأمة أيضا بتوسيع تشكيلة المجلس النقدي والمصرفي.
وتساءل السيناتورات عن عدم توسيع المادة 64 لصلاحية المجلس النقدي والمصرفي وتمكينه من إتخاذ إجراءات احترازية للصيرفة الإسلامية وطالبوا بمراجعة الإطار التنظيمي لمكاتب الصرف وتجسيد قرار فتح بنوك جزائرية في الخارج في أسرع وقت، واستفسروا عن مدى مطابقة إتفاقية “بازل” الدولية الخاصة بسلامة النظام المصرفي، وتساءلوا لماذا لم يتم تعزيز عمل الهيئة الوطنية الشرعية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية بهيئة استرشادية من باب التكامل في أداء أدوات الصيرفة الإسلامية، وتحدّثوا عن عدة عراقيل تعترض الصيرفة الإسلامية في الجزائر ككثرة الوثائق وارتفاع الهوامش، وهو ما يرهن تحدي السلطات العليا في البلاد التي وضعت الإطار التشريعي والتنظيمي لمنتجات الصيرفة الإسلامية.
واستوضح أعضاء مجلس الأمة إن كان بنك الجزائر جاهزا للعملة الرقمية لاسيما تكريس آليات مكافحة تبييض الأموال، حيث قد تكون هذه العملة ملجأ لها، واستغربوا من استمرار تقسيم العملة إلى سنتيمات غير متداولة في الحياة اليومية وطالبوا بمراجعة قيمة الدينار وإخضاع بنك الجزائر لمراقبة مجلس المحاسبة ومنع منح القروض لمتعاملين بضمانات لا تعادل حجم المبالغ الممنوحة وإعداد بنية تحتية وتقنية لمزوّدي خدمات الدفع والوسطاء المستقلين.
وصبّت تدخلات أعضاء مجلس الأمة خلال المناقشة والتي عادلت 20 تدخّلا، حول ضرورة تطويق سوق العملة الصعبة الموازية، حيث أكّد العضو بن ددوجة عبد الحميد على أهمّية المسارعة في القضاء على سوق “الدوفيز” غير الرسمي، والنهوض بالصيرفة الاسلامية وحماية الإطارات البنكية من التجريم وفتح مكاتب الصرف لامتصاص الكتلة النقدية خارج القنوات الرسمية، والإسراع في إصدار نصوصها التطبيقية وإطلاق الدينار الرقمي، لمواجهة العملات المشفّرة، كما دعا السيناتور لكحل مراد إلى ضرورة ضبط المادة 143 الخاصة بنقل العملة الصعبة للخارج دون قيود، ودعا دادي عقون مراد إلى حوكمة النظام المصرفي، وتعزيز الحماية القانونية لموظفي البنوك ورفع الضغوط والإكراهات التي واجههوها خلال الفترة الماضية.
وتحدّث مقرّر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية عن ردّ ممثل الحكومة بشأن النقاط المطروحة، موضحا أن الوزير شدّد على أن السوق السوداء للعملة الصعبة متوارثة عن إجراءات الانفتاح الاقتصادي التي شهدتها الجزائر سنوات التسعينيات وما نجم عنها من تجاوزات، وسيتم العمل على القضاء عليها بشكل تدريجي عبر فتح مكاتب صرف، ثم إضعاف هذه السوق قبل إنهائها بشكل تام في مراحل لاحقة، كما شدّد على أن عملية إعداد النص التشريعي الجديد الخاص بالنقد والمصارف استنزف 3 سنوات من العمل، بمشاركة كافة الأطراف ذوي الاختصاص لاسيما إطارات بنك الجزائر والمتخصصين في الصيرفة الإسلامية، بما يجعله نص نابعا عن حقائق اجتماعية وثقافية للبلد.