الحكومة ترصد مكافآت مالية لمن يبلغ عن المهربين

رفعت الحكومة من درجة خطر التهريب على اقتصاد البلاد إلى درجة الخطر الذي كان يمثله الإرهاب في العشرية الحمراء على أمن الدولة، ولجأت الحكومة مرة أخرى، للمواطن الذي كان عونا لها ولسنوات متواصلة في الإبلاغ عن تحركات الإرهابيين، لكن هذه المرة للإبلاغ عن تحركات شبكات التهريب من وإلى الجزائر، خصوصا على الحدود الغربية، حيث تفشت ظاهرة تهريب الوقود مقابل تهريب المخدرات.
رمضان بلعمري
وفي هذا السياق، صدر بالجريدة الرسمية في العدد 53 بتاريخ الثلاثين أوت الماضي، ثلاثة مراسيم تنفيذية تخص مكافحة التهريب، وإلى جانب أن هذه المراسيم حددت أحكاما جديدة تخص تشكيل “ديوان وطني لمكافحة التهريب” سيكون من الآن فصاعدا تحت وصاية وزارة العدل، فضلا عن إنشاء لجان محلية لمكافحة الظاهرة نفسها.
والشيء المميز في هذه المراسيم التي وقّعها رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، هو تقنين المكافآت المالية الموجهة للمواطنين الذين يتعاونون مع السلطات العمومية لمكافحة التهريب.
فقد أصبح بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06-288 المؤرخ في الثاني من شعبان 1427 الموافق للسادس والعشرين أوت 2006، للمواطن الحق في الحصول على مبالغ مالية نظير الإبلاغ عن تحركات المهربين، وتقول المادة الثانية من هذا المرسوم إنه “يحدد رئيس المصلحة أو الوحدة التي يخضع لها ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتحقيق مبلغ التحفيزات الذي يمكن دفعه للأشخاص الذين يقدمون للسلطات المختصة معلومات من شأنها أن تفضي إلى القبض على المهربين”.
وبينما تحدد المادة الثالثة من هذا المرسوم أن هذه “التحفيزات المالية تقتطع من ميزانية المصالح المكلفة بمكافحة التهريب في فصل يسمى النفقات المختلفة”، توضح المادتان الرابعة والخامسة من المرسوم ذاته أن دفع هذه المكافآت المالية للمواطنين يتم بعد تنفيذ عملية حجز السلع المهربة أو يتم ذلك على دفعات حتى تكتمل المهمة، مع احتفاظ السلطات العمومية بحق تقدير قيمة المكافأة، وهو الأمر الذي يعتبر قرارا غير قابل للطعن فيه.
وفي قراءة لأحكام هذه المراسيم التنفيذية، يمكن بسهولة اكتشاف أن الحكومة تمتلك أرقاما مخيفة عن ظاهرة التهريب، وما يتم الكشف عنه من طرف مصالح الدرك الوطني والجمارك الجزائرية ليس سوى “الجزء المكشوف من جبل الجليد” كما يقولون، ويكشف لجوء الحكومة من جهة أخرى، باتجاه طلب نجدة المواطنين لمساعدتها في مكافحة التهريب عن ضعف الهياكل وقلة الوسائل الجاهزة لمكافحة الظاهرة التي تزداد حدة من عام لآخر، خصوصا على الحدود الغربية للبلاد، في ظل غلقها منذ عام 1994.
وليس خافيا اليوم، على أحد أن شبكات التهريب من وإلى الجزائر أصبحت تشكل “دولة داخل دولة”، لكن الرهان الأصعب الذي تواجهه السلطات العمومية، مثلما يظهر ذلك مرارا في تصريحات مسؤولي جهاز الدرك والجمارك، هو أن ظاهرة “استيراد” المخدرات مقابل “تصدير” الوقود والملابس والحليب ومشتقاته والمشروبات الغازية والدقيق والأدوية والأجهزة الكهرومنزلية، أخذت منحى خطيرا لا يمكن بأي حال من الأحوال التساهل معه، أما الرهان الآخر، فهو يتمثل في كيفية غلق أو مراقبة مئات المنافذ التي يستعملها المهربون على طول الشريط الحدودي سواء الشرقي منه أو الغربي.