الحلقة الحادية عشرة: الخطر المضحك!

الحداثيون العرب خطر على اللغة العربية والوحي والروح العلمية والتراث. لكن محمد شحرور هو أخطرهم على الإطلاق. هو أضعفهم وأخطرهم لأنه حظي بتغطية إعلامية غير مسبوقة. وكل فيديوهاته تحظى بمئات الآلاف من المشاهدات. وكتبه منتشرة كثيرا فضلا عن التغطية التلفزيونية الواسعة في مختلف الفضائيات.
ربما كان طرحه الضعيف هو السبب المباشر في التسويق الإعلامي الهائل، فأسلوبه بسيط وحلو وطرحه مفهوم للمبتدئ، لأنه لا ينطلق من منطلقات فلسفية، بل منطلقاته بسيطة وواضحة وسهلة الفهم، وتثير الإعجاب والدهشة رغم سخافتها، ولذلك فإن تأثيره واسع جدا. وهو مثير لسخط حتى الحداثيين أنفسهم للسبب الأول الرئيس وهو حسدهم له على كل تلك الشهرة رغم أنه ليس من فرسان ميدان الحداثة كما صرح بذلك غير واحد ومنهم محمد أركون، والسبب الثاني لأنهم يرون أنه بقراءته تلك البسيطة قد غطى على قراءاتهم الفلسفية التي يرون أنها أجدر بالتسويق وبصفة الأكاديمية والفلسفة والعلمية.
فنصر حامد أبو زيد يرى أن قراءة محمد شحرور تلفيقية بين العلمانية الصلبة والنصوص الشرعية الرخوة، وأنه يحاول أن يُرجع كل النصوص الشرعية إلى الأصول العلمانية.. وهذا صحيح إلى حد كبير ومثاله الانفجار العظيم أو الإجماع والبرلمان أو النساء أو عشرات الأمثلة. لكنّ هناك سببا آخر لسخطهم على قراءته وهو أنها متضمنة للاعتراف بالوحي وهم في جملتهم لا يعترفون بالوحي، ولذلك فهم لا يريدون ذلك رغم أنهم يعترفون أن إقرار شحرور بالوحي ما هو سوى إقرار شكلي، لأنه يرى أولا أن القرآن خاضع لكل زمان! فقرآن القرن السابع الذي نزل في زمن النبي –صلـى الله عليه وسلم- غير القرآن الذي يجب أن نقرأه اليوم، والدين في عمومه غير دين الدولة العباسية الذي نخضع له اليوم لأنه انبثق من أصول فقه الإمام الشافعي المسيسة خدمة للعباسيين، ولذلك فهو يسعى إلى وضع أصول جديدة.
وحتى السنة النبوية فإنه يقسمها إلى قسمين: السنة البلاغية حيث يبلغ النبي -عليه السلام- عما أمر به، والسنة التشريعية التي ما هي إلا اجتهادات خاصة من النبي -عليه الصلاة والسلام -كانت صائبة في زمانه، لكنها لم تعد كذلك اليوم! والقرآن هو اليوم ملك للإنسان، فالله حي والإنسان حي والحي أعطى القرآن إلى الحي، فالقرآن الآن ملكنا ونفعل به ما نشاء، واللغة غير اللغة، لاسيما في مجال المترادفات التي لا يؤمن بها ويريد أن يؤسس للغة جديدة مبنية على أنه لا توجد مترادفات في اللغة العربية.
ربما يبدو هذا الأمر مضحكا لكن كل الخرافات والبدع والشرك والكفر هي أمور مضحكة؛ فاتخاذ ولد لله أو شفيع من الحجارة أمور مضحكة، أو عبادة البقرة والفأر، لكنها أغوت ملايين البشر المستعدين للموت دفاعا عن هذه العقيدة، ولا أدل على ذلك من المسلمين الذين يقتلون بين الفينة والأخرى في كشمير حين يسمع الهندوس أنهم ذبحوا خفية بقرة لإطعام بطونهم الجائعة. وأشد ضحكا من هذه المضحكات أن نكتفي بالضحك ولا نفعل شيئا بينما دين شحرور يمتد ويُضل الجماهير.