الدروس الخصوصية والفايسبوك يضللان تلاميذ البكالوريا

أعاد امتحان الفلسفة لشعبة الأدبييّن، موضوع الدّروس الخصوصية إلى الواجهة مُجدّدا، بعدما ” خابت” توقعات المُترشحين بسبب حفظهم ” الانتقائي” لمقالات فلسفيّة معينة، بتوجيه من أساتذة الدروس الخصوصية أو إتباعا لإشاعات ” الفيسبوك”، فوجدوا أنفسهم خارج الإطار، ما أدخل كثيرين في حالة هيستيريا وصدمة، لدرجة كاد بعض المترشحين يقدمون أوراق إجاباتهم فارغة، في وقت أشاد أساتذة بموضوع الفلسفة الذي اعتمد على الذكاء والفهم لا الحفظ.
تطرح ظاهرة تركيز كثير من التلاميذ الأدبييّن خلال التحضير للبكالوريا، على حفظ مواضيع معينة في مواد أساسية في شعبتهم، أكثر من سؤال، فهل يعقل أن يكتفي مترشح للبكالوريا في شعبة الآداب والفلسفة والتي يصل معاملها إلى 6 ويعتبر امتحانها مصيريا، بحفظ مقالين فلسفيين من أصل 40 مقالة درسها طيلة الموسم الدراسي، ويدخل قاعة الامتحان معتمدا على مقترحات سمعها من الفسيبوك .. !، ليتفاجأ بإدراج مقالة فلسفية غير التي كان يتوقعها، رغم أنها من المقرر الدراسي، مضيعا بذلك نقطة أهم مادة في شعبته، والتي بإمكانها إنجاحه في البكالوريا.. هذا ما عاشه تلاميذ البكالوريا دورة 2025، عندما صدموا مما اعتبروه امتحانا ” تعجيزيا وصعبا وغير متوقع” في مادة الفلسفة، والظاهرة نفسها شهدتها دورة 2015 عندما كان الجميع ينتظر موضوع الشعور واللاّشعور، ليتفاجؤوا بموضوع الأنظمة الاقتصادية والذي كان سهلا، لكن بعض المترشحين سقط مغشيا عليه من الصدمة، وتكررت الظاهرة في دورة 2023..ويثير سلوك إصرار كثير من التلاميذ على ” الحفظ الانتقائي” في جميع المواد الاستغراب، وكأنهم يبحثون عن الرسوب في البكالوريا.. !
أنا ” أشمّ” مواضيع البكالوريا.. !
وفي الموضوع، يؤكد الأمين العام الوطني للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين ” ساتاف”، بوعلام عمورة، بأن الفلسفة هي مادة منهج وفهم، وكما أنه من غير المنطقي أن يذهب مترشح للبكالوريا لامتحان مصيري بمقالة مقترحة.. !.
وحمّل عمورة، مسؤولية انتشار ظاهرة ” الحفظ الانتقائي” في البكالوريا، إلى بعض من يقدمون الدروس الخصوصية، والذي لا يملكون حسبه، مؤهلات تربوية كافية لتقديم دروس، بل هم حاملون لشهادات جامعية وفي اختصاصات بعيدة كل البعد عن ميدان التربية والتعليم، فيتسببون في ضياع مستقبل التلميذ.
وأكد محدثنا، بأن بعض هؤلاء الأساتذة، يركزون على شرح 3 أو 4 مقالات فلسفية للتلاميذ المكدسين في ” قراجات” أو يفتحون قنوات على ” يوتيوب” لتقديم دروس الدعم، ويقومون بالتنبؤ للتلاميذ بمواضيع الفلسفة في امتحان البكالوريا ويقولون مثلا..أنا متأكد 100 بالمائة أن هذا الموضوع سيدرج في البكالوريا.
ساتاف: يدخلون امتحان مصيري وفي مادة أساسية بحفظ مقال أو اثنين.. !
وبحسبه، تلميذ في شعبة الآداب الفلسفة، لابد أن يمتلك منهجية صحيحة، ويكون مُلما بآراء الفلاسفة وبالحجج والبراهين والنقد والتركيب ” لأن الهدف من الفلسفة، هو استدعاء ملكة الفهم عند التلميذ وتنمية قدرته على التفكير الحر، وليس جعله ببغاء يحفظ كل المواد عن ظهر قلب، حتى تمارين الرياضيات باتت تحفظ.. !” على حدّ قوله.
وذكر بوعلام عمورة، بأن الأجيال السابقة كانت عندما تتحصل على نقطة 9 من 20 في مادة الفلسفة، يعتبر ذلك إنجازا بسبب صعوبة هذه المادة ” أما الآن فيبحثون على نقطة 20 على 20 في مادة فلسفية قائمة على الفهم والتحليل، ويحضرون لها بحفظ مقال أو إثنين فقط”، ليخلص محدثنا، إلى أن موضوع الفلسفة للشعب العلمية والأدبية في دورة 2025، كان متميزا وفي القمة، وجمع بين التصميم والقيمة والمصداقية، ودفع بالمترشحين لاستعمال الذكاء والتحليل في الإجابة والذي يجب أن يكون في جميع المواد وليس الفلسفة فقط، وكما أن السؤال كان من المقرر الدراسي.