الرئيس تبون: نستلهم من شهدائنا الثقة في مقومات الجزائر للدفع بها إلى مصاف الدول الناشئة

بعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يوم الإثنين، رسالة إلى المواطنين، بمناسبة إحياء ذكرى اليوم الوطني للشهيد الموافق لـ18 فيفري من كل عام.
وأكد الرئيس تبون في رسالته بالمناسبة أن احتفال الجزائريين بهذه الذكرى “تعبير عن الوفاء لما قدمه الشهداء على درب التحرر والانعتاق، وتخليد لتضحيات جسيمة تكبدت مشاقها قوافل من الرجال والنساء”.
وذكر الرئيس أن الاستعمار الفرنسي “عطل مسيرة الشعب الجزائري الأبي لأزيد من مائة وثلاثين سنة”، وقال إنه كان “استعمارا مستوطنا مدمرا، يساوره وهم البقاء، وليس في حسبانه التفريط في الخيرات والثروات”.
“وإننا ونحن نحتفي بذكراهم الغالية في جزائر ناهضة، إنما نستلهم من إدراكهم ذاك، الثقة في مقومات بلادنا، وتسخير مقدراتها للدفع بالجزائر إلى مصاف الدول الناشئة”، يضيف الرئيس الجزائري.
رسالة الرئيس:
أيّتُها المُواطنات، أيُّها المُواطِنون، تَحْتَفِي الجزائر بِاليَوْمِ الوَطني للشَّهِيد، تَعْبِيرًا عَنْ وَفَاءِ الشَّعْب الجزائري لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ دِمَاءِ شُهَدائِهِ على دَرْبِ التَحَرُّر وَالانعِتَاق، وَتَخْلِيدًا لِتَضحِيَاتٍ جَسِيمَةٍ تَكَبَّدَت مَشَاقَّهَا قَوَافِلٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء الوَطنِيِّينَ الأحْرَارِ، الَّذِينَ أدْرَكُوا بَعْدَ عُقُودٍ مِنَ النِّضَالِ في مَدْرَسَةِ الحَرَكَةِ الوَطنِيَة، أنَّ الاسْتِعْمَارَ الَّذي سَطَا بِأسَالِيبِهِ الوَحْشِيَّةِ التَّدْمِيرِيَّةِ على أرْضِنَا الطَّاهِرَةِ، وَعَطَّلَ مَسِيرَةَ شَعْبِهَا الأبِيّ لأزْيَدَ مِنْ مَائَة وَثلاثين سَنَة، وَبِئْسَ مَا اقْتَرَفَ أدْعِيَاءُ الحَضَارَةِ وَالتَّمَدْيُن، هو اسْتِعْمَارٌ مُسْتَوْطِنٌ مُدَمِّرٌ يُسَاوِرُهُ وَهْمُ البَقَاء، ليس في حُسْبَانِهِ التَّفْرِيطُ في الخَيْرَاتِ وَالثَرَوَاتِ، أحْبَطَتْ أوْهَامَهُ ثَوْرَةٌ عَارِمَةٌ، بَارَكَها الله تَعَالى بِقَدْر مَا حَمَلَتْ مِنْ صَبْرِأبْنَاءِ شَعْبٍ مُقَاوِمٍ، وَمِنْ تَعَلُقِهِ بِالحُرِّيَةِ وَالكرَامَةِ وَإعْلائِهِ لِلْقِيَمِ الإنْسَانِيَةِ، شَعْبٌ عَقَدَ العَزْمَ على تَحْرِيرِ الأرْضِ الَّتي ظَلَّت تَلْفُظُ وَتَرْفُضُ الوُجُودُ الاسْتِيطَانِيّ الاسْتِعْمَاريّ بِمُقَاوَمَاتٍ لَمْ تَهْدَأ مُنْذُ أنْتَدَاعَتْ إليْهَا جَحَافِلُ الغُزَاةِ المُعْتَدِين، مُقَاوَمَةٌ تِلْوَ المُقَاوَمَة، خَلَّدَهَا بِاعْتِزَازٍ التَّاريخ الوَطنيُّ في الذَّاكِرَةِ الجَمَاعِيَّة للأُمَّة.
لَقَدْ أدْرَكَ أوْلَئِكَ الثَّوَّارُ أنَّهُ لا خِيَارَ إلّا الكِفَاح المُسَلَّح، وَخَاضُوهُ بِبَسَالَةٍ وَجَدَارَةٍ، لَمْ تُثْنِهِم حِسَابَاتُ مَوَازِينِ القُوَّةِ .. وَلَمْ تُثْبِطُ عَزَائِمَهُم الأهْوَالُ وَالمُكَابَدَاتُ .. فَمَضُوا بِنُوفَمْبَرِ الأغَرّ إلى النَّصْرِ .. وَإنَّنَا وَنَحْنُ نَحْتَفِي بِذِكْرَاهُم الغَالِيَةِ في جَزائِرَ نَاهِضَةٍ، إنَّمَا نَسْتَلْهِمُ مِنْ إدْرَاكِهِم ذَاكَ، الثِّقَةَ في مُقَوِّمَاتِ بِلادِنَا، وَتَسْخِيرِ مُقَدَّرَاتِهَا لِلْدَّفْع بِالجزائِرِ إلى مَصَافِّ الدُّوَل النَّاشِئَة.
وَإنَّنَا لَعَلى يَقِينٍ تَامٍّ بِوَعْيِ الشَّعْب وَأبْنَائِنَا الشَّبَاب، بِأنَّ التَّوَجُّه نَحْوَ هَذَا الاسْتِحْقَاق النَّهْضَوِي الاسْترَاتِيجي بِأبْعَادِهِ السِّيَاسِيَّةِ وَالاقتصادِيَّةِ وَالاجتِمَاعِيَّةِ، هُوَ أنْبَلُ التَّحَدِّيَاتِ الجَامِعَةِ المُحَفِّزَة للإرَادَاتِ، وَأصْعَبُ الرِّهَانَاتِ الَّتي يَتَطَّلع الجزائرياتُ وَالجزائريُون إلى كَسْبِها، وَهُوَ أصْدَق مَا يُعَبِّرُ عَنِ الوَفَاءِ لِشُهَدَائِنَا الأبْرَار، الَّذِين أتَرَحَّمُ مَعَكُم على أرْوَاحِهِم الزَّكِيَّة في اليَوْمِ الوَطَنِي لِلْشَّهِيد، وَأتَوَجَّهُ في هَذِهِ المُنَاسَبَةِ بِالتَّحِيَّةِ وَالتَّقْدِير لأخَوَاتي المُجاهِدَات وَإخْوَاني المُجاهِدِين.