-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرعب !

الرعب !
ح.م

لا يمكن أن نبقى نعدّ “الجمعات” الواحدة تلو الأخرى، وكأننا بصدد جمع طوابع البريد أو القطع النقدية القديمة، فما بين الجمعة 22 فيفري وجمعة 30 أوت مسافة زمنية طويلة، ما كان أحد يحلم بأنها ستنتهي بخروج الرئيس السابق من أضيق الأبواب ويزجّ بشقيقه رهن الحبس ويتبعه من كانوا يقدمون هدايا البلاط، ويتصرفون في المال العام في “مملكة” الجزائر كما يشاؤون.

فقد حان الوقت لأن يدخل الجزائريون مرحلة ما بعد الحراك الشعبي، ويعرفوا السفينة بربانها التي سيخوضون بها معركتهم مع أمواج الأزمات التي يتخبطون فيها، لأن عدم مواجهة المصاعب طوال هذا الوقت، سيجعلها مستعصية مع مرور الزمن وسيجعلنا غير قادرين على استجماع قوانا بعد أن تكون “المسيرات” قد أنهكتنا وسوء الظن بالآخر ورفضه قد أدخلنا في دوامة لا يمكن الخروج منها بسهولة.

الجزائر من البلدان النادرة في العالم، التي لا يختلف شعبها عرقيا وعقائديا وهوية إلا في بعض الفروع، وهي من أندر البلاد التي يعيش شعبها الحدث التاريخي أو السياسي أو الرياضي أو الاجتماعي مثل الجسد السليم والبنيان الواحد الذي يشدّ بعضه بعضا، ولأجل ذلك نرى ما يحدث من خلاف ورفض لمقترحات الآخرين، مثيرا للاستغراب، لأنه سيضيّع على الجزائريين مزيدا من الوقت والجهد، بعد أن ضيعوا قرابة ستين سنة من عمرهم في البحث عن طريقهم كمن جاء إلى الدنيا وهو لا يدري من أين أتى، وسيكون انتحارا أن نرفض العبث بالقوة، لنعود إليه برضانا.

سيكون من باب خداع النفس أن نشبّه مسيرات الثاني والعشرين من فيفري والفاتح من مارس والثامن منه من حيث الروح المعنوية العالية والبهجة التي ميزتها وتنوّع المشاركين فيها وأعدادهم المليونية وتفاؤل روادها، بمسيرة الثلاثين من شهر أوت بعد أن بدأ الرعب يتسلل في قلوب الناس خوفا من أن يُنسف حلمهم كما حدث في بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما ركب الزاعمون بأنهم يحكمون بأمر من الله والذين يستأصلون ويجتثون كل من يزعمون بأنه من غير جذورهم، فتقاذفوا البلاد يمينا ويسارا فمزقوها في ما يشبه الحرب الأهلية التي ضاع فيها ربع مليون جزائري ما بين ميت ومفقود، وضاع فيها حلم الجزائريين الذين منّوا النفس بأن يعيشوا ثورة زراعية وصناعية وثقافية حقيقية وأن يعملوا بصرامة لضمان المستقبل، وبالرجل المناسب في المكان المناسب، وبأن تكون العزة لهم والكرامة لهم، قبل أن يُصدموا بأنها مجرد شعارات من رؤساء يمكن الجزم بأنهم جميعا فاقدون للشرعية.

الذين اختطفوا البلاد وجعلوها رهينة بين أيديهم أخرجوا من الباب الضيق، بين محبوس ومنبوذ ومعروف من جميع الناس، ولا حجة لنا أمام العالم إن فشلنا في وضع أسس الجمهورية الفاضلة التي حلمنا بها في زمن الاستعمار الفرنسي وفي زمن الاستعمار الديكتاتوري الذي حكم البلاد، بين رئيس خطف الحكم خطفا وآخر انقلب عليه وثالث فُرض علينا فرضا ومنهم من قتِل ولا أحد يعلم من قتله وآخرهم لو لم يجرفه تيار الحراك الشعبي الجارف، لحكم الناس من قبره.

لقد بلغ الحراك الشعبي جمعته الثامنة والعشرين وبارومتر التفاؤل ينزل من أسبوع إلى آخر، وحان الوقت لعدّ ثمار الحراك الشعبي، وإعادة التفاؤل إلى مستواه الأول والحقيقي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • صالح بوقدير

    الرعب لايسكن الا الخونة _اللي في كرش التبن يخاف من النار كما يقال_ لكن بعدما ظهر جليا بالحجة والبرهان وسيقت العصابة الى السجن زمرا وأن العصابة هي من عبثت بالبلد ونهبت وبددت خيراته وعطلت مشروع المجتمع دون وجه حق وأشعلت الفتنة بعد أن قال الشعب كلمته بكل حرية وشفافية فكيف لك أن تغمض عينيك عن كل ماجرى وتجعل الضحية والجلاد في سلة واحدة

  • جزايرية

    ما فهمناكش واش تقصد لماذا اللف والدور ان

  • ياسين

    السفينة التي يدعى جل ركابها امتلاك الحقيقة المطلقة و أن الآخر شيطان رجيم أكيد سيكون مصيرها الغرق إن لم تتداركهم رحمة الله...فالرافضون لكل شيء لا يعجبهم العجب فلو نزل ملك من السماء لكذبوه؟ إن تزكية النفس و الغرور اقصر الطرق إلى الهاوية؟؟؟