-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الزمياطي” لا ينفع!

جمال لعلامي
  • 1424
  • 0
“الزمياطي” لا ينفع!

“20 مليونا عمولة لتهريب 24 قنطار زطلة”.. “40 ألف إعانة مالية للراغبين في بناء سكن”.. “200 ألف سكن جديد في الترقوي والإيجاري والريفي”.. “9 أسابيع لإتمام الدروس وتأجيل الاختبارات في حالة الإضرابات”.. “احتجاز 223 حراق في تركيا من بينهم جزائريون”.. “هكذا خطط مشعوذون لنهب 140 مليار من البريد بالسحر”.. “45 ألف مولود غير شرعي سنويا في الجزائر”.. هذه بعض الأخبار المنشورة أمس بلغة الأرقام.
اخترت هذه المواضيع المبنية على الأرقام، ولغة الأعداد، لنلفت الانتباه إلى خطابات الأرقام التي تكون صائبة أحيانا، ومحبطة أحيانا أخرى، ومثيرة للاستفزاز والاشمئزاز أحيانا أخرى، ومن الطبيعي أن يتراوح المواطن البسيط، بين الذهول والاستغراب والاستفهام، خاصة عندما تتعلق هذه الأرقام بملفات على شاكلة السكن والتوظيف ومختلف الإعانات المادية والعينية و”الفيزا” والهجرة والأجور وغيرها من القضايا التي تتسبّب في وجع الدماغ!
في اعتقاد مواطنين نزهاء وخبراء ووزراء وحتى بلهاء، أن الكثير من الأرقام تتعرّض إلى إضافة الأصفار على اليمين، فيما هناك أرقام أخرى يتمّ حذف أصفراها أو وضعها على اليسار، وفي الحالتين فإن الهدف يختلف في الأولى والثانية، ويصبح مترامي الأطراف بين صناعة التفاؤل ومضاعفة التشاؤم واليأس والقنوط و”القنطة”!
ليس غريبا لو ضخّم بعض المسؤولين هنا وهناك، في وزارات أو ولايات أو بلديات أو شركات إنتاج، أرقامهم، في وقت هناك آخرون يخفضون الأرقام، لكن الأكيد أن السبب والهدف بين الخيار الأول والاختيار الثاني، يختلف وستناقض في شكله ومضمونه قلبا وقالبا!
لا معنى للغة الأرقام إذا لم تكن صادقة ونزيهة وشفافة، ولا معنى لها إن كانت مقاصدها بعيدة عن الواقع حتى وإن كان مرّا، ولا جدوى منها إن حاول وزير أو وال أو مدير أو مير، تغطية الشمس بالغربال، والنفخ في الرماد، ونسف “بالونة” التعويم والتنويم وربح الوقت!
لا يُمكن للسياسي أو الاقتصادي أو الجامعي أو الباحث أو الإعلامي أو رجل الدين أو الخبير أو الأستاذ، وغيرهم، الاستغناء عن الأرقام، فبالأرقام تتضح الصورة، ويتلوّن المشهد، ويفهم المتلقي الرسالة، ويطمئن المرعوب، ويحترس “المندوب”، ويبحث المتضرّر عن مخرج النجدة، وينتظر المستفيد تلقي “الغنيمة” من مساهمته في إنتاج الأرقام!
لقد عوّضت الأرقام والنسب المئوية، لغة الخشب و”الهف” و”التبلعيط” و”الزمياطي” وضرب “خطّ الرمل”، لأن الأرقام هي الواقع أيضا بكلّ تفاصيله، وعندما يضيء المصباح، من الطبيعي أن يختفي الظلام من الزاوية المظلمة ولو مؤقتا!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!