-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السبحة و”حباتها” !

السبحة و”حباتها” !
ح.م

طرَق الجزائريون باب الجمعة الثالثة عشرة، بكثير من العزة والكرامة الحقيقية التي افتقدوها منذ قرابة نصف قرن، وهم أكثر إصرارا على أن يكون باب القضاء وفناؤه، يسَع هؤلاء الذين أذاقوا الناس من كؤوس قرفهم حتى صرنا نظن أن “القرف” قدرنا المحتوم، كما ظن جزائريون منذ قرابة قرن أن “الاستعمار” قضاء وقدر.

مازال الإجماع على ضرورة هدم كل البناء الذي شيّده أفراد العصابة، ورحيل البُناة بعد أن يمرّوا على قضاة التحقيق الذين سيحدّدون درجات إجرامهم والتهم السوداء، “التي تليق بهم”، ولكن الاختلاف في كيفية إعادة البناء والمهندسين الواجب تسليمهم مشروع الأمة الضخم الذي ينتظره الجزائريون، على أحرّ من السعير.

العصابة وأفرادها، مثل السبحة وحبّاتها، كلما سقطت واحدة منها جرّت البقية للتناثر أرضا، ومن الصفات “القبيحة” في أي عصابة في العالم، أن أفرادها يحبّون الشر لرفقائهم في الإجرام، بقدر ما يكرهونه لأنفسهم، فهم فعلا مثل البنيان غير المرصوص، الذي لا يشدّ أي واحد منه الآخر، في حالة السقوط، وكما جرّ رجل الأعمال الذي لم يعمل في حياته، السيد علي حداد، رئيسي حكومة ووزراء وزملاء في “التجاوزات”، إلى العدالة، وجرّ آخرون أبناءهم وأقرب الناس إليهم، فإن البقية ستجرّ من ساعدوهم على نهب المال العام، وسيسهل عمل القضاء، ويصبح لكل متهم شاهد من أهله، ولن يتأخر الاعتراف الذي هو سيدّ الأدلة دائما، وينتقل التحقيق، إلى المجالس القضائية والحكم النهائي، الذي يحقق الانتهاء من فترة المتابعة، وتقديم الردع أمام الشعب، وخاصة أمام المرشحين لقيادة البلاد في الفترة القادمة.

ارتباك السيد علي حداد في محكمة “سيدي امحمد” ودفع ما لا يقل عن ستين حبّة من وزراء ومسؤولين ورجال أعمال للتناثر على الأرض، دليل على أن عمر الشرّ وجيز جدا، وكما “يجتهد” السارق طوال العمر، لأجل النهب والسطو، فإن سقوطه الحر يكون دائما مدويا، ومساعدا للمحققين الذين تكفيهم هذه الاعترافات شرّ القتال، في قضية تبدأ شائكة ومعقدة وتنتهي يسيرة.

لقد تبيّن من خلال التحقيق مع الكثير من الذين زرعوا مخالبهم في معنويات الناس، أنهم كانوا نمورا من ورق، أو جبالا من رمل، فلم يكتفوا برفع الراية البيضاء استسلاما واعترافا، بل رفعوا شعار “أجُرّ من كان معي إلى ما أنا فيه”.

وعلى الشارع الجزائري أن يحوّل هذه المشاهد إلى سلوك وأسلوب حياة، بعيدا عن الانتقام والثأر والتشفي، ويعرف الجميع أن لكل مجرم نهاية وأحسنها على الإطلاق أن تكون أمام باب العدالة.

العبرة الأقوى ليست تلك الموجهة إلى أفراد العصابة التي نهبت النفيس والنفس والنفَس، وليست تلك التي أثلجت صدر المظلومين من عامة الناس، وإنما للذين عاشوا جزءا من حياتهم “يؤلهون” تارة هذا الجبل الرملي ويمتهنون “الشيتة” لذاك النمر الورقي، والحكاية أشبه بغرق فرعون، فلا سحرة نفعوا ولا هامان استوزر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!