السفارة لم تعد في العمارة

تصر الثورة المصرية من حين لآخر آن تصفع وعي المثقفين والمتابعين الذين لم يستوعبوا بعد أن هذه الثورات العربية جاءت انطلاقا من إرادة الشعوب العربية وظلوا يثرثرون حول الدور الأمريكي في هذه الثورات وكأنها من صنع الثورات ووجهها.
-
بالأمس ليلا تحركت جموع الشعب المصري لتحطيم جدران بناها من أراد حماية السفارة الاسرائيلية ومن ثم اقتحم المتظاهرون أبواب السفارة الاسرائيلية التي قامت على أرض مصر بموجب اتفاقيات كامب ديفد..
-
الشباب الذين اقتحموا السفارة الاسرائيلية لم يكونوا قد ولدوا بعد عندما حصل السلام والصلح مع العدو الاسرائيلي.. وظن الأعداء واصدقاؤهم ان اجيال الشهادة على الصراع ستموت، وان اجيالا جديدة ستولد في ظل الصلح مع اسرائيل وستكون هذه الأجيال ولدت في رحم الواقعية.. ومن هنا تأتي المفاجأة.
-
ماذا كان يظن اولئك الذين أرادوا ان ينزعوا مصر من تاريخها وان يلقوا بها على هامش التاريخ، هل تستجيب لهم الأقدار التي يتحرك بها ضمير الشعب وانتماؤه وايمانه العميق بهويته ورسالته..
-
ما بالهم كيف يحكمون؟ هل تصبح مصر متكأ لاسرائيل وعرابة لمواقفها العدوانية على فلسطين والعرب؟ ما بالهم كيف يحكمون؟ هل يتوقعون ان تقبل مصر بضياع فلسطين وتدنيس مقدساتها واستيطان ارضها وذبح اهلها؟ هل يتوقعون ان تقبل مصر الثورة ان يقتل الاسرائيليون رجالا من الشرطة المصرية وان تظل سيناء ناقصة السيادة وان تظل مصر لا مهمة لها الا حماية أمن اسرائيل ومحاصرة قطاع غزة.
-
لم تعد العمارة قابلة لاستيعاب السفارة، وكل عمارة في مصر هي تلك العمارة الثائرة التي لفظت السفارة الحقيرة ولم يعد أحد قادرا على القيام بالدفاع عن استمرار العلاقة باسرائيل في ظل العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية.
-
لم تعد الظروف هي تلك التي انشأت كامب ديفد، وليس من العقل ان يستمر التفكير كما كان عليه قبل انطلاق الثورات العربية، فنحن في زمن جديد تماما له منطقه ومنهج تفكيره الخاصين.
-
ان الثورة المصرية تفتح ملفات مستفحلة في الحياة الاحتماعية والسياسية وليس امام الوضع الحالي في مصر الا الانتقال تماما الى حيث طموح الشعب وإرادته وهويته وطموحه.. لقد عادت مصر لذاتها ولن ترجع عقارب الساعة للوراء ..وسيعرف ابناء الثورة المصرية كيف يعالجون الملفات بروح حقيقية منتصرة، وان الأمة كلها ستعرف لمصر مكانتها وهي تخوض هذه المعركة الحاسمة المقدسة، وسنظل ننتظر نتائج هذه الحرب، فعليها سيتوقف مستقبل الأمة وقضاياها.