“السياحة الزراعية” تستقطب هواة الاستكشاف ومحبي الطبيعة!
تحولت المزارع النموذجية ببعض القرى والأرياف، إلى قبلة ووجهة سياحية بامتياز، أين أصبحت تستقطب مؤخرا عددا معتبرا من المغامرين والمستكشفين، الذين يرغبون في الاطلاع على الأنماط والممارسات الزراعية التقليدية والحديثة، والتعرف على التقنيات المستخدمة فيها، بالإضافة إلى الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية المتوفرة في العديد من المزارع النباتية والحيوانية، ورغم أن هذا النوع من السياحة غير معروف بالجزائر، إلا أن بعض الجمعيات والمغامرين أطلقوا مؤخرا مبادرات من أجل خلق نشاط اقتصادي جديد يسمى “المزارع السياحية”.
وتعتمد السياحة الزراعية في الغالب على فتح أبواب المستثمرات الفلاحية والمزارع النموذجية، أمام الزوار المحليين سواء من المنطقة ذاتها أم حتى السيّاح الأجانب، لعرض منتجاتهم وممارساتهم، ونشاطاتهم الفلاحية اليومية، من تربية للحيوانات المختلفة والعناية بالمزروعات وغيرها، كما أنها تتيح تلك الزيارات لهواة الطبيعة ومحبيها، الفرصة لشراء ما يحتاجه من منتجات نباتية وحيوانية من المصدر مباشرة بتكلفة معقولة وجودة عالية.
وفي سياق ذلك، يقترح الخبير والباحث في سياسات الاقتصاد عبد المجيد سجال، في تصريح لـ”الشروق” دعم السياحة المحلية وبالأخص جذب السيّاح نحو المستثمرات، والأرياف لما لها من فوائد اقتصادية، وكذلك الدفع بعجلة التنمية المحلية، بالإضافة إلى نشر الوعي السياحي والترويج للمنتج السياحي الجزائري لدى الأجانب.
وأشار المتحدث، إلى أن الكثير من الفلاحين يمتلكون مستثمرات فلاحيه قادرة على تقديم خدمات سياحية كبيرة، وتسويق منتجاتهم بطريقة سهلة إلى المستهلك مباشرة، بالإضافة إلى خلق حركية سياحية بالأرياف التي تعاني أغلبها حاليا من العزلة، مضيفا أن انتعاش هذا النشاط لن يقوم -بحسبه- إلا باستحداث شراكة ثنائية بين كل من وزارتي الفلاحة والسياحة، وكذا وزارة التجارة من أجل دعم هذا النشاط الاقتصادي الجديد تحت ما يسمى “المزارع السياحية”، التي ستقدم إنتاجا فلاحيا، إلى جانب خدمات أخرى مثل الإطعام والمبيت والتجوال بالخيول، وعرض الحيوانات الريفية الأليفة، وبيع المنتجات الطبيعية مباشرة إلى الزائر، وكذا نشاطات ترفيهية وتثقيفية للأطفال، بالإضافة إلى انتعاش بعض الحرف التقليدية وبيعها، منها صناعة منتجات الألبان والعسل وحتى الورود ونباتات الزينة، كما ستخلق الفرصة أيضا – يضيف المتحدث، لبيع وتسويق مختلف أنواع التوابل والأعشاب الطبية بيع الزيوت الطبيعية ومواد التجميل “البيو”.
الاستثمار في الكفاءات العلمية وخريجي المعاهد البيولوجية
وفي مقابل ذلك، دعا عبد المجيد سجال، إلى فتح المجال أمام المستثمرين في القطاع خاصة من يملكون قطع أراضي شاسعة، التي يمكن تحويلها إلى مستثمرات فلاحية، واستغلالها سياحيا، مع وضع قانون منظم لهذا النشاط، وحتما سيخلق مداخيل معتبرة ومناصب شغل دائمة وحتى موسمية، كما أن الدعم المادي للمستثمرين، بحسب الخبير سجال، سيخلق منافسة قوية بين الفلاحين في إنشاء مزارع رائعة تنعكس إيجابا على المنظر العام للأرياف الجزائرية، والاقتداء ببعض التجارب في مختلف دول العالم، على غرار الصين التي تملك تجربة رائدة في المزارع السياحية، على حد قوله.
ولنجاح التجربة، يقول محدثنا إنها تحتاج للاستثمار بشكل دقيق ومدروس من خلال توفير الأجواء المناسبة حتى يجد السائح راحته، ويقوم بجولة في الريف بسيارته أو دراجته الهوائية، يقتني ما يريده من لحوم، وبيض، وخضار وفواكه خالية من الأسمدة العضوية، مع إنشاء أحواض لتربية السمك، وإسطبلات للحيوانات، بطريقة بيولوجية من خلال الاستعانة بمتخصصين في التغذية الحيوانية الصحية، ومنح الفرصة لعشرات الشباب الذين يتخرجون سنويا من معاهد البيولوجيا والزراعة.