-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“السيليما” في التلفزيون

عمار يزلي
  • 1113
  • 1
“السيليما” في التلفزيون
أرشيف

لا أريد أن أدخل في الجزئيات، لأن من شأن الاهتمام بالجزئيات أو التفاصيل بمعزل عن العام، أن يعطي تفسيرا سطحيا للظواهر، اجتماعية كانت أم ثقافية! تماما مثل ما نعطي فيلا لمجموعة من المكفوفين ونطلب منهم بلمسة واحدة أن يعرفوا هذا الشيء الذي يلمسونه! سيعتقد الماسك بالخرطوم أنه أنبوب سقي البطيخ! وسيعتقد الماسك بالبطن أنه كيس وبري، ويرى الممسك بالذنب أنه يلمس أفعى بلاستيكية.. وهكذا دواليك، لكن لا أحد يستطيع أن يقول أن هذا فيلا، بمجرد لمسة موضعية مجزأة عن الكل! هكذا حال وضع الإنتاج الرمضاني عندنا، وقد سبقني العزيز قادة بن عمار في “رمضان شو” في التطرق إلى هذا الموضوع أكثر من مرة! ولا أقول بقية الإنتاج بشكل عام، لأننا قطعنا أشواطا مهمة في بعض القطاعات الاستهلاكية ولازلنا نطمح لجودة أعلى! لقد سبّقنا الأكل على السينما والكتاب وهذا مفهوم، لكن أن نتأخر إلى هذا الحد فيما دول الجوار تهرب علينا بسنوات، فهذا ما لا يفهم! تأخر رجال الأعمال في الاستثمار في القطاع الإنتاجي تسبب في الإقبال على إنتاج ضعيف، هزيل، متسرع، بلا مضمون ولا شكل أحيانا، فما خلا بعض النماذج، أما الكثير، فإذا حضر الشكل غاب المضمون! التفكر بعقلية المناسبة لا بعقلية الإنتاج الدائم الموجه للسوق جزء من هذا الهم! المشكل ليس في الأشخاص، وقد سمعت ريم غزالي تبكي فرحا وقرحا لما حدث لها في تونس وترفع شعار الوطنية ونون النسوة لتبرير ما لا يبرر! الكل يعرف سبب المشكل! المشكل ليس في ريم ولا في غزال، المشكل في أننا نقيم مشتلة في بيئة قاحلة، وبلا رعاية، رغم كثرة “الرعاين”! كانت تجربتها تحديا كبيرا وهي مشكورة، لكن هذا لا يمنع من القول إن الإنتاج كان دون مستواها، مثل باقي البرامج المتسرعة الأخرى التي لا نعرف هل هي فكاهية أم درامية، لأن الفكاهة لا وجود لها ولا الدراما!: أحيانا، لا لغة، ولا فكرة ولا سيناريو! فقط مجموعة من المواهب الكبيرة، والرغبة الجامحة والجامعة في شيء واحد هو قوة التحدي لدى شباب طموح وبإمكانه أن يصنع العجب لو وجد تربة خصبة ومناخا مساعدا، في بلاده تغنيه عن الهجرة لإنتاج شيء يسمى مسلسلا أو سلسلة! نحن نسلسل منتجينا وكتابنا ومبدعينا وطاقاتنا الشابة في التمثيل والكتابة والإخراج بسلاسل من العقبات بسبب تصحر المناخ الثقافي رغم صحرائنا الواسعة.. هذا الأستوديو الضخم الطبيعي الذي صرنا نخشى حتى من زيارة الأجانب له.. ونخاف على السياحة منه.. وفيه!
هناك طاقات تمثيلية شابة رهيبة عندنا، في التمثيل، في الكتابة وفي الإخراج وفي الانفوغرافيا! رهيبة، لكن رهينة “العوائق المزدهرة” التي تكبل العمل وتجعله يظهر بهذا المستوى! عمل غير مناسب، ينتج بمناسبة! يعد في شهر أو أيام وبميزانية متواضعة. سيناريو لا يقرؤه كثير من الممثلين إلا عشية التصوير! هذا إذا كان هناك سيناريو أصلا! من لا يبدع في القصة والرواية وليس له تصور للدراما وتسلسل الأحداث والتشويق، لا يمكن أن يبدع في كتابة السيناريو! وهذا ليس معنى أن السيناريست عليه أن يكون “ويليام فولكنر”!، بل فقط مبدعا! له القدرة على الكتابة والخيال والتحكم في الشخوص والتصوير.
لا يجب أن نلوم شبابنا، لأنهم يستنشقون الأوكسجين من تنور ينفث ثاني أكسيد الكربون! إنهم يخبزون عجين البلد في فرن بليد.. فلا نطلب منهم هامبورغر أو الثريد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بن المعلم الجزائر العاصمة

    تقول أستاذ عمار أن لدينا مواهب رهيبة في التمثيل والكتابة والإخراج وأنا أقول اين هذه المواهب الرهيبة بعد 50 سنة إستقالا لم تنجب الجزائر كاتب سيناريو واحد بموستوى مقبول حتى لا اقول جيد أما الممثلين عندنا شباب عديم الثقافة لايجيد حتى الكلام بالدارجة من شدة الإعاقة اللغوية . لاداعي يا استاذ أن نكذب على أنفسنا نحن في قاع الإنحطاط الثقافي نتيجة إنهيار المنظومة التعليمية واللغوية في البلد