-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشعوب المتوحشة

الشعوب المتوحشة

يزعم الأوروبيون ويدّعون أنهم هم الشعوب الأرقى والأكثر تحضّرا، وأن غيرهم من الشعوب هي الشعوب المتوحشة غير المتحضرة، ولو كانت ذات ذكر عظيم في تاريخ البشرية، كالشعوب المستوطنة في آسيا شرقها وغربها وجنوبها، والحضارة غير الثقافة، فقد يكون إنسان مثقفا ثقافة واسعة ولكنه غير متحضّر، إذ الثقافة – عند بعض المختصين في هذا الميدان- هي التقانة، ومجالها الجوانب المادية، بينما الحضارة هي سلوك وآداب وأخلاق..

ومن ألقى نظره على تاريخ الأوروبيين في القرنين التاسع عشر والعشرين، يقف على سلوكهم الخشن المتسم بالوحشية والقساوة ضد بعضهم بعضا، فضلا عمن احتكوا بهم من الشعوب غير الأوروبية.. ولتكتف بذكر ما يسمّونه “الحربين العالميتين”، وما هما إلا حربان أوروبيتان (1914-1918 و1939-1945)، حيث ذهب ضحيتهما ملايين البشر، وهدّمت الآلاف من المنشآت. ولهذا اعتبر بعض الغربيين سنة 1914 هي نهاية “الحضارة الأوروبية”، ومنهم المفكر الألماني شينجلر في كتابه “تدهور الحضارة الغربية” الذي ترجمه من الألمانية إلى الفرنسية الكاتب الجزائري محند تازروت المتوفى في حوالي 1974 (؟).

في سنة 1492، اكتشف الأوروبيون العالم الجديد الذي أطلقوا عليه -فيما بعد- أمريكا، نسبة إلى أمريكو ميسيوتشي، وقد تميز هذا الاكتشاف بأقصى وأقسى درجات أو دركات التوحش والقسوة والإبادة لسكان البلاد الأصليين، ممن سموهم “الهنود الحمر”، حتى كادوا يبيدون عرقهم.

ومما يدل على ذلك ما وقع في سنة 1992، حيث عقد أحفاد أولئك السكان الأصليين مؤتمرهم الثاني في دولة غواتيمالا، ووجّهوا رسالة إلى قادة الدول الأوروبية وإلى “البابا” في الفاتيكان يطلبون فيها منهم عدم الاحتفال بالذكرى المئوية الخامسة لاكتشاف هذا العالم من طرف الأوروبيين، لأن هذا الاحتفال يذكّر بالجرائم التي لا نظير لها التي ارتكبها الأوروبيون المتحضّرون ضد سكان هذه البلاد الأصليين.

ومما جاء في هذه الرسالة التي لم يلق لها الأوروبيون بالا ما يلي: “إن الشهادات تثبت الإدانة بحق، ففي سنة 1492، كانت التقديرات بخصوص عدد سكان أمريكا تتراوح بين 70 و88 مليون نسمة، لم يبق منهم سوى ثلاثة ملايين ونصف بعد مرور مائة وخمسين سنة، لقد انخفض عدد الأزتيك من 15 مليون نسمة إلى 2 مليون خلال قرن واحد، وتدهور عدد السكان في المكسيك الأوسط من 25 مليون إلى 1 مليون..”. إن هذه الأرقام هي من المصادر الأوروبية نفسها.. وهي مشار إليها في أطروحة الدكتور علي بشريرات المسماة “ممارسات حقوق الإنسان في الجزائر 1830-1962″.. وبعد هذا يتشدّق الأوروبيون بـ”الإنسانية” و”حقوق الإنسان”، وهم أبعد خلق الله عنها، والعيب كل العيب في سفهائنا الذين يصدقون الأوروبيين في دعواهم، ويعتبرونهم “مثلا أعلى” للإنسانية، وهم في الدرك الأسفل منها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!