-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يراجعان الدروس وسط المواشي والدواجن

الشقيقان بدر الدين والنذير.. “الباك” للخلاص من بؤس الريف!

سمير مخربش
  • 501
  • 0
الشقيقان بدر الدين والنذير.. “الباك” للخلاص من بؤس الريف!
ح.م

يشارك الشقيقان بدر الدين والنذير من منطقة الرمادة ببلدية عين الحجر بولاية سطيف، في امتحانات شهادة البكالوريا بكل معاني الطموح والأمل من أجل النجاح رغم عوائق العزلة والحرمان المضروبين على المنطقة التي تفتقد إلى أدنى الضروريات.

الشقيقان من أبناء البيئة الريفية التي لا تتقاطع مع عوامل النجاح بالنظر للعزلة التي تعرفها مثل هذه المناطقة الواقعة بجنوب ولاية سطيف والتي تختلف كثيرا عن المدن الكبرى، فالمترشحون للبكالوريا بمنطقة الرمادة يحملون أكثر من تحد يبدأ بصعوبة التنقل إلى مركز الامتحان، حيث يؤكد  بدر الدين والنذير أن الثانوية التي يمتحنان فيها تبعد عن مقر سكناهم بنحو 13 كلم وعليهما الاستيقاظ قبل الساعة السادسة صباحا لانتظار الحافلة والتوجه إلى بلدية عين الحجر وسط موجة من الازدحام مع عامة الناس، وعند الانتهاء من امتحان الفترة الصباحية تحرم عليهما العودة إلى المنزل وعليهما البقاء قرب مركز الامتحان إلى غاية الأمسية ولا يمكنهما خوض أي مغامرة بعيدة عن الثانوية، وما عليهما إلا تناول وجبة خفيفة لسد الرمق والبقاء في الشارع إلى غاية الثالثة بعد الزوال. ويقول بدر الدين إن مثل هذه الظروف لا تشجع إطلاقا على التفكير في النجاح وهو ما جعله يدفع الثمن بعدما رسب العام الماضي ووجد نفسه مرغما على إعادة السنة والمشاركة في البكالوريا للمرة الثانية بعدما التحق به شقيقه النذير الذي يصغره سنا.

الشقيقان كانا يراجعان معا بفناء المنزل أين ينكبان على طاولة صغيرة ويجلسان على كراس بلاستيكية لا تتوفر فيها شروط الراحة فتجدهما منهمكين بحل المسائل ومناقشة المواضيع وسط جو حار يسيطر عليه الذباب ومختلف أنواع الحشرات مع معايشة قريبة للدواجن والماشية. وهي البيئة التي اعتاد عليها الاثنان اللذان تحديا الصعاب هذا العام خاصة بالنسبة للنذير الذي رفع السقف في تحصيله السنوي بتسجيل معدل يفوق 14 من 20 وبالتالي فهو يملك مقومات النجاح، ضاربا بذلك مثالا لاجتهاد أبناء المناطق الريفية الذين لا يطمحون إلى الظفر بالبكالوريا من أجل مواصلة مشاوارهم الجامعي فقط، بل إنهم يرغبون في النجاح للهروب من هذه البيئة الصعبةالمعروفة بحرِّها وعزلتها وجفافها وبُعدها عن حيوية المدن، وهي البيئة التي اعتاد فيها المترشحان على رؤية نفس الأزقة ونفس الأراضي الزراعية ونفس الأشخاص الذين تبدو عليهم ملامح الكآبة فأيامهما قاحلة متشابهة لا فرق فيها بين الأمس واليوم ولا أمل لهم في الغد القريب. ولذلك الفوز بشهادة البكالوريا بالنسبة لبدر الدين والنذير يعتبر أكثر من نجاح من شأنه أن يغير حياتهما إلى غد أفضل يظهران فيه بهندام أحسن ويتخلصان فيه من غبار البراري ووحشة العزلة وحصار الحياة الريفية. وتلك هي أيضا أمنية والدهما الذي يعد السند الوحيد بالنسبة إليهما وهو يتمنى من كل قلبه أن يرى ولديه هناك في الجامعة التي تعني انتهاء فترة العقاب وبداية حياة جديدة، وذلك ما وقفنا عليه بهذه المنطقة الريفية التي يتبين من خلالها أن بكالوريا الفقراء ليست كبكالوريا الأغنياء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!