-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ضحايا ضربات الشمس يملؤون المستشفيات

الشلف.. ولاية ساحلية بمناخ صحراوي

م. قورين
  • 403
  • 0
الشلف.. ولاية ساحلية بمناخ صحراوي
أرشيف

تشهد ولاية الشلف في الآونة الأخيرة، موجة حر شديدة غير مسبوقة، مما تسبب في إتلاف المحاصيل الزراعية ونفوق الطيور، كما تظهر معطيات إحصائية، إصابة قرابة العشرة بالمئة من الوافدين على الاستعجالات الطبية بضربات الشمس، إلى جانب عجز أجهزة التبريد في الحفاظ على المواد الغذائية المخزنة بالثلاجات، وتعرض بعضها للتلف بالمحلات التجارية والمنزلية، فيما تبقى النقطة السوداء لساكنة الولاية، تتمثل في الانبعاثات السامة للمحاجر ومؤسسة الاسمنت ومشتقاته، والتي تساهم في الرفع من درجات الحرارة.
وحسب مصادر استشفائية للشروق، فقد سجل مستشفى الأخوات باج بعاصمة الولاية، إصابة قرابة العشرة بالمئة من الوافدين على الاستعجالات الطبية بضربات الشمس، وذلك من أصل 200 مريض كل ساعة، أغلبهم متأثرون بمخلفات درجة الحرارة التي بلغت ذروتها خلال الآونة الأخيرة، خاصة المصابين بالأمراض المزمنة وكبار السن والأطفال الصغار، فضلا عن الذين يتم استقبالهم في حالات الإغماء أو جفاف البشرة أو آلام في الرأس أو القيئ أو الفشل، بسبب صعوبة تأقلمهم مع درجات الحرارة العالية، كأطفال القمر والذين لا تسمح لهم حالتهم الصحية بالتنقل والخروج تحت أشعة الشمس.
بدورها مصالح الحماية المدنية سجلت العديد من التدخلات لإجلاء المصابين بضربات الشمس وتحويلهم إلى مختلف المستشفيات، بخاصة منهم المصابون بالأمراض المزمنة وضيق التنفس، كما سجلت اندلاع عدة حرائق في المنازل، وكذا احتراق وانفجار مكيفات هوائية أدت إلى تسجيل عدة إصابات.

نصائح للمسافرين
أمام هذا الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، اضطر غالية المواطنين لتشغيل المكيفات وأجهزة التبريد طوال النهار والليل، حيث أصبحت ملاذا للعائلات الشلفية للهروب من جحيم الحرارة العالية، ليبقى المواطن مخيرا بين الاستعمال العقلاني للتيار الكهربائي أو تحمل عبء فاتورة الكهرباء، ولتفادي ضربات الشمس، دعت الطبيبة “طهراوي دومة” بالعيادة المتعددة الخدمات بأم الدروع، كبار السن لتجنب الخروج من العاشرة صباحا إلى ما بعد صلاة العصر، وبدوره طالب رئيس المكتب الولائي لنقابة نقل المسافرين السيد “بخة عبدالرزاق” أصحاب الحافلات وسيارات الأجرة، ومستعملي الطريق الوطني أو الطريق السيار، بإعادة برمجة رحلاتهم عبر مثلث النار “الشلف وعين الدفلى وغليزان” والخروج من لهيب هذا المثلث فجرا، تفاديا لأعطاب مركباتهم، جراء ارتفاع درجات الحرارة، ولتفادي المجازفة بصحتهم، ونصح المسافرين باستعمال الطريق الوطني الساحلي رقم 11 الرابط بين العاصمة وولاية وهران بالرغم من أنه يضيق في شقه بولاية الشلف، خلافا للمقاطع الرابطة بين النقطة الحدودية مع ولاية تيبازة باتجاه العاصمة ومستغانم ووهران، التي تم إعادة تأهيلها وتحويلها إلى طرق مزدوجة.
وحسب بعض المسافرين المصطافين تحت ظل أشجار بساتين الحمضيات المترامية على قارعة الطريق الوطني رقم 04، فإنهم فضلوا أخذ قسط من الراحة، وتفادوا مواصلة السير عبر الطريق السيار، لانعدام أبسط مرافق الراحة به، وفضلوا الطرق الوطنية، ورغم ذلك، فارتفاع درجة الحرارة حال دون مواصلتهم للسير، ودفعهم للتوقف لتفادي تعرض مركباتهم لأعطاب.

حيوانات برية تلجأ إلى المدن
من جهة أخرى، رسمت الحرارة صورة سوداء على خريطة المساحات الخضراء بخاصة حقول الكروم، وأتلفت منتوجها، وأكثر من ذلك تحولت بعض المساحات بعاصمة الولاية، إلى ملاجئ للطيور من اللقلق الأبيض والحمام، والتي نفقت أعداد منها بفعل الحرارة المرتفعة، كما سُجّل خروج بعض الحيوانات البرية من الغابات إلى قارعة الطرقات المعبدة في وضح النهار، واقتحامها لبساتين المنازل بحثا عن قطرة ماء، فيما خلت الشوارع الرئيسية والطرق الولائية من حركة المرور خاصة في أوقات الذروة، وذلك ما أعاد مشاهد الإنسانية، بقيام بعض المحسنين وسط المدن والمناطق الريفية، بعرض دلاء وقارورات الماء البارد للمارة، على قارعة الطرقات والشوارع الرئيسية والطريق السيار، إلى جانب تخصيص بعض الصحون والأواني المنزلية والبلاستيكية المفتوحة على سطوح المباني والأماكن المحاذية لمساكنهم للطيور والحيوانات البرية.
كما سجل ساكنة عديد المناطق بالولاية، تذبذبا وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، مما خلق حالة توجس لدى المواطنين، ودفع بأحد البرلمانيين إلى توجيه رسالة عبر حسابه الخاص على الفايسبوك، إلى وزارة الطاقة للاستفسار عن أسباب هذه الانقطاعات التي لم تعرف الولاية مثيلا لها من قبل، وذلك رغم الاستثمارات الكبيرة التي حظيت بها الولاية لتطوير شبكتها وتحسين خدمات الطاقة لسكان الولاية.
وفي غياب خيارات لأطفال وشباب المنطقة بعد غلق النافورات والأحواض المائية، وانخفاض مستوى منسوب السدود، وجفاف مجاريها التي كانت تغذي المساحات الفلاحية، وتمركز غالبية المسابح بعاصمة الولاية، وقلة انتشارها، لم يجد هؤلاء الأطفال من خيار سوى التوجه نحو الشريط الساحلي للهروب من موجة الحر الشديدة، فتحولت الشواطئ الممنوعة والمسموحة إلى قبلة لغالبية سكان الولاية، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما فضلت بعض العائلات حط رحالها بين غابات جبال الونشريس، وذلك هروبا من حرارة الشمس الشديدة، فيما اضطرت أغلب المؤسسات المنتجة ومقاولات البناء، إلى توقيف نشاطها إلى حين تراجع درجات الحرارة، وهو الموقف نفسه الذي اتخذه عديد الفلاحين وحتى الناقلين.

دعوات إلى مراعاة خصوصية الولاية
موجة الحرّ الشديدة أثرت كذلك على نشاط الأسواق الشعبية للخضر والفواكه المترامية على قارعة الطرقات الوطنية والولائية، حيث باتت تختفي بعد الساعة العاشرة صباحا، ويتجدد نشاطها بعد السابعة مساء إلى غاية منتصف الليل، وإلى ذلك سجّلنا تواجد طوابير لامتناهية للشاحنات ذات المقطورة المحملة بالطماطم الصناعية على وجه الخصوص، والتي تقضي عدة أيام تحت أشعة الشمس على الطريق الوطني رقم 04 أمام وحدات التحويل، لتتحول حمولتها إلى مصدر للروائح الكريهة، كما أن أماكن ركنها أصبحت بؤرة لحوادث مرور الدرجات النارية، بسبب تسربات زيوتها.
من جهته، طالب “مكيوي البشير” رئيس المكتب الولائي لحماية المستهلك بالشلف بضرورة تدخل الوصاية لإعادة النظر في برمجة فترة عمل المصالح الإدارية والخدماتية، وتغيير توقيتها الزمني، وكذا إعادة ضبط رزنامة الامتحانات المهنية وامتحانات نهاية السنة الدراسية الخاصة بشهادة الباكالوريا والتعليم المتوسط، وذلك لتفادي التأثير السلبي لدرجات الحرارة على نتائج الممتحنين، بسبب عدم توفر عديد الهياكل التربوية على وسائل وأجهزة التكييف، كما وجه ممثل المكتب الولائي لحماية المستهلك بالشلف نداء للسلطات المحلية والمركزية لتسريع تجسيد مشاريع محطات تحلية مياه البحر لسد حاجيات سكان المنطقة من هذه المادة الحيوية، خاصة محطة تحلية مياه البحر لواد قوسين المعطلة منذ أزيد من عشر سنوات، بسبب خلافات حول نزع الملكية، والثانية بمنطقة المرسى المخصصة لتزويد ساكنة الجهة الغربية للولاية وسكان قاطنة تيارت وغليزان وحتى جزء من ولاية مستغانم، وكذا تخصيص مساحات وفضاءات خضراء بالمناطق الغابية للبلديات الداخلية، وتحويلها إلى متنفس لأطفال الولاية، أما ممثلو القطاع الفلاحي فقد طالبوا بمساعدتهم في الحصول على رخص حفر الآبار لمواجهة موجة الجفاف وارتفاع درجة الحرارة غير الاعتيادية، لتمكينهم من الحفاظ على منتجاتهم الفلاحية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!