-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصهيوني الأسير يردّ على بن غفير

الصهيوني الأسير يردّ على بن غفير

ما فتئت غزة العزة، عبر تاريخها الملحمي الطويل، ترسل إلى العالَم برسائل من داخل أنفاقها العامرة، وبطولة كتائبها الظافرة، وقوافل شهدائها الناصرة، هذه الرسائل التي تمثل نبراسا إسلاميا، يهتدي به الحائرون، وأساسا وطنيا، يسترشد به المستضعفون.

لقد أضحت غزة، مدرسة رائدة، في عالم الجهاد، ونخبة قائدة، في ملحمة الإعداد والاستعداد؛ يستلهم من معانيها كل الرواد، ويُضرب بها المثل في البطولة، والمقاومة، والاستشهاد.

هذه الأرض الفلسطينية، النبيلة، والأصيلة، هي من تنبت المقاومين، كما تنبت الزيتون، وتورّث الإباء للأجيال، جيلا بعد جيل، فقد غدت قِبلة للإسلام، في نقائه، وصفائه، ووفائه، ونموذجا لحماية الأوطان، بالدفاع عنها بالمال، والدماء، وقوافل الشهداء.

إن من يتابع تطور الأحداث في المشهد الفلسطيني، كما ترسمه غزة، يدرك بأننا أمام نوع فريد من المكان، والزمان، والإنسان، قلّ أن تجود به الأوطان.

سواء في أرض المعارك والصمود، أو على صعيد صياغة السلم، تميزت غزة بالريادة، وحسن القيادة، فأنبتت البذور، وقصمت للخونة والمعتدين الظهور.

رحماكِ يا غزة في ما تصنعين، من آيات المجد، والبطولة، جعلتك مضرب الأمثال في الرجولة، والفحولة. ما الذي طوّع لك، عقول الأكاديميين من الجامعيين والجامعيات، في مختلف القارات، وعلى تباين اللغات والإيديولوجيات؟

إنه الصدق في الخطاب، والدقة في الحساب، وتجسيد القدوة في السلوك، والبحث عن الصواب.

شهد العالم، بمختلف مكنوناته، على صدق القضية، وحسن النيّات والطوية، والكشف عن رزايا الفاشية الصهيونية الوحشية الإبادية.

ليس أنصار القضية وحدهم من يشهدون بذلك، ولكن أحرار العالَم، من المثقفين والمنصفين، والأسرى الصهاينة، وقد خرجوا من أسر الفلسطينيين.

إن حسن تنظيم مراسم الإفراج عن الأسرى، وأناقة الإخراج العسكري والتنظيمي الذي صاحب ذلك، ودماثة المعاملة للأسرى، وتقديم الهدايا لهم، والبِشر والطلاقة التي قوبلوا بها، واللياقة البدنية والمعنوية التي ظهر بها المحرَّرون من الأسر، كل ذلك يمثل آيات مما يزخر بهم مجاهدو القسام من حسن استعداد، ودقة تنظيم، جعل العالَم يعيد كل حساباته بخصوص حركة حماس السياسية وذراعها العسكري.

يسوءنا أن يسقط بعض محترفي السياسة في وطننا العربي، من مطالبة حماس بالتخلي عن حكم غزة، “حماية” لها!

إن هذا السقوط في كمين الصهاينة، ومن شايعهم، بمطالبة حماس، بالخروج من غزة، حضنها الدافئ، ليمثِّل مسخرة مضحكة مبكية في وقت واحد.

أين الحد الأدنى من العدل، ومن النزاهة، ومن الإنصاف، أن يطالَب الذي يملك، باسم من لا يستحق؟ وأين الزعم بالحق في تقرير المصير، الذي يتشدق به دعاة الحرية السياسية؟

ولعل من آيات هذه البراعة لدى كتائب القسام، أن يقوم أحد المفرج عنهم من الأسرى الصهاينة، بتقبيل رأس أحد حراسه من مجاهدي القسام، مما يؤكد العناية التي حظي بها طيلة أسره، والمعاملة التي كان محاطا بها. إن ما قدّمه هذا الأسير من تقبيل رأس حارسه هو خطابٌ فصيح وصريح، يقذف به في وجه غلاة الصهاينة، من أمثال نتنياهو، وبن غفير، وغيرهما، في اتهامهما لحماس بالوحشية، والتخريب، والإرهاب.

أين يكمن الإرهاب، وفي أي جانب؟ هل هو في المعسكر الذي يفرج عن السجناء الفلسطينيين وهم يحملون آثار الهزال، والتعذيب، وسوء المعاملة؟ أم هو في جانب مجاهدي القسام الذين يخرجون للناس في صحة جيدة، وكلهم بهجة، وفرحة، فيقبِلون على تقبيل رأس أحد آسريهم؟

لقد شهد العالم لإسرائيل، طيلة تاريخها الدموي الأسود، بأنها تدمِّر دائما ولا تعمِّر، كما شهد لها القاصي والداني، بأنها جزءٌ مما يصيب السجناء الفلسطينيين والمدنيين، من عذاب، وإرهاب، واغتصاب، ومن تدمير، وتهجير، وتجويع، وتعطيش، لمن ساقتهم الأقدار إلى أن يكونوا تحت قبضتها.

وإنه ليسوءنا والله، أن يسقط، بعد كل هذه الأمثلة، والتجارب المخزية، بعض محترفي السياسة في وطننا العربي، من مطالبة حماس بالتخلي عن حكم غزة، “حماية” لها!

إن هذا السقوط في كمين الصهاينة، ومن شايعهم، بمطالبة حماس، بالخروج من غزة، حضنها الدافئ، ليمثِّل مسخرة مضحكة مبكية في وقت واحد.

أين الحد الأدنى من العدل، ومن النزاهة، ومن الإنصاف، أن يطالَب الذي يملك، باسم من لا يستحق؟ وأين الزعم بالحق في تقرير المصير، الذي يتشدق به دعاة الحرية السياسية؟

وأين النزاهة في تمكين الشعوب من اختيارها من يحكمها، في ظل الشفافية، والحق في إسناد مسؤوليتها إلى من تثق فيه؟

هل يعقل –يا سادة- أن يأتي من يبعد عن غزة، بآلاف الأميال، ليطالب بامتلاكها، وتعميرها، وإلحاقها بشعبه، الذين لا رابط بينها وبينه، سواء في الدم، أو العرق، أو الأرض، أو الدين، أو اللغة؟

إن غزة العزة، هي رمز للقدس، ولكل فلسطين، ومن ثمة فهي مشروع أمة، لا أحد يملك حقَّ التحكُّم فيه، أو التحدث باسمه سوى أبناء فلسطين الأحرار، المنبثقين عن أصالة الشعب الفلسطيني، الذي ما فتئ يدفع دمه، وقوافل من أبنائه، في سبيل تحريره، وتطهيره من رجس المحتلين الصهاينة المجرمين.

ومن شاء أن يتأكد من ذلك، فليعُد إلى ملاحم قوافل الشهداء، من عز الدين القسام، وأحمد ياسين، وأبي إبراهيم يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وإسماعيل هنية… على سبيل المثال لا الحصر.

لقد ظلت هذه الأسماء الكبيرة، محفورة في ذاكرة كل فلسطيني وفلسطينية، ولا تخلو أسرة فلسطينية، لم تقدّم شهداء للقضية الوطنية المقدسة، أفبعد كل هذه التضحيات، يأتي من تسوّل له نفسه أن يطالب الفلسطينيين بالتخلي عن حماس، وعن المقاومة؟

إن كل هذا، يدخل في محاولة تأجيج المشهد السياسي، وبدل أن يتوحّد العرب والمسلمون في خندق واحد، هو خندق المقاومة الفلسطينية، ويشدون على أيدي حماس والمقاومة، يتبجح البعض، بكل صفاقة، بالمطالبة بإخلاء غزة من حماس ومقاومتها.

وبعد، لقد قالت غزة باسم العمق الفلسطيني كلمتها الأصيلة والنبيلة، وكتب أبناؤها بدمائهم، وعلى جدران السجون، وساحات الوغى: هذه أرضنا، وسندافع عن مقدساتنا، بالمال، والدم، والدموع، وبالتالي فلن نغفر، ولن ننسى، ولن نركع.

ودعك مما يتشدق به الأعداء من خطاب اليأس، والانهزام، والزعم بإمكانية هزيمة حماس، والقضاء عليها، إن مثل هذه المزاعم، إن هي إلا ذرٌّ للرماد في العيون، يقصد بها الاستهلاك المحلي، وهدهدة الصبي حتى ينام.

﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[سورة الشعراء، الآية 227].

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!