-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطيران في الوقت المناسب

الطيران في الوقت المناسب

أن تطير متأخرا، خيرٌ من ألا تطير أبدا… دعونا نحوّر هذه المقولة الشهيرة من الركوب إلى الطيران، عندما نذكر الخطوط الجوية الجزائرية، التي قامت ببعض الفتوحات الجوية في الفترة الأخيرة، أعادت من خلالها، الأوكسجين للمسافرين الذين بقوا على الأرض ينتظرون وسيلة الطيران التي تنقلهم إلى بلدان إفريقية وأوروبية، فلا يجدون غير خطوط جوية أجنبية، يقطعون بها عشرات الآلاف من الكيلومترات من أجل مئات الكيلومترات فقط.

لم يحدث وأن لاقت شركة وطنية كمّا من الانتقاد اللاذع عبر تاريخ وجودها، كما لاقته الخطوط الجوية الجزائرية، حتى إن البعض قاطعها داخليا، مُفضّلا جحيم السفر البري على الانتظار وسوء الخدمة الجوية، وقاطعها البعض خارجيا، مُجبرا، في غياب رحلات مهمة ظلت مستعصية على هذه الشركة الفقيرة في بلد غني، قبل أن تعود بعض الخطوط من خلال فتح الكثير منها في دول كان السفر إليها يتطلب رحلة حول العالم.

معروف في عالم الطيران، أن قوة أي شركة تكمن في موقع وجغرافية البلد الذي تنتمي إليه، فإذا كان في وسط العالم أو بوابة لقارّة ما، أو ممرا إلى كبريات بلاد العالم، فإن هذه الشركة قد اختصرت مسافة النجاح، بهِبة ربانية جغرافية، تمنحها السبق والتميّز، لأجل ذلك لم تتقدم الخطوط الجوية اليابانية والدانماركية والبرازيلية أو على الأقل لم تنافس خطوطا تتواجد في بلدان وسطى مثل التركية والقطرية.

وكنا نشعر بالحسرة عندما نرى فريقا جزائريا مجبرا على لعب مباراة كرة في نيامي النيجيرية المجاورة للجزائر، يسافر إلى باريس في قارة أوروبا، من أجل الانتقال إلى نيامي في الساحل الإفريقي، أو عندما يسافر جزائريٌّ إلى الدوحة القطرية عبر خطوطها من أجل الانتقال إلى عاصمة جنوب إفريقيا جوهانسبورغ.

وإذا عجزت شركة خطوط يتواجد مقرُّها في وسط العالم وفي بلد ثري وله الملايين من المسافرين عن النجاح، فيجب ألا نفكِّر كثيرا في توقيف كل مسؤوليها، وإرسالهم إلى مِهن أخرى.

الخطوط التي فتحتها الجوية الجزائرية مؤخَّرا إلى أديس أبابا وجوهنسبورغ وداكار وواغادوغو وأبيدجان وسان بيترسبورغ وكاراكاس، بقدر ما هي غير كافية بالنظر إلى موقع الجزائر، إلا أنها خطوة صغيرة في رحلة الألف ميل، التي يجب أن تكتمل، ويجب ألا يبقى الأمر مقتصرا على مطار العاصمة، فمن غير المقبول أن تمتلك الجزائر مطارات استنزفت- ومازالت تستنزف- مئات الملايير، في تلمسان وجيجل وغيرهما من الولايات، ولا يطير فيها المسافرون إلا مرة واحدة إلى مارسيليا الفرنسية.

نجحت دولٌ صغيرة في صناعة جوية نافست أعرق شركات الطيران في العالم، في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية مثل قطر ورواندا وماليزيا، مستغلة كل فراغ جوي لاحظته هنا وهناك، وحان الوقت للجوية الجزائرية لأن تصنع “سوناطراك طائرة” دائمة، توفر الخدمة اللائقة وتقدِّم الثقافة الجزائرية الأصيلة، وتحترم الوقت وتنقل الناس حيثما شاؤوا إلى قارات العالم الخمس.

تقول الكاتبة السورية، غادة السمان: “حين رميتَ بي لم أتكسر بل تعلمت الطيران”. ويقول الفيلسوف الألماني، فريديرك نيتشه: “كلما ارتفعنا أكثر، بدونا أصغر حجما لأولئك الذين لا يجيدون الطيران”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!