-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العمل الخيري.. نقاط على حروف

حسن خليفة
  • 497
  • 2
العمل الخيري.. نقاط على حروف
أرشيف

مع أن العمل الخيري نسق منتظم موصول دائم، ممتدُّ الأصول والفروع، يسري في كل وقت وفي كل مكان، لا يمكن جعله يوما واحدا في السنة (5سبتمبر) كما دعت إلى ذلك الأمم المتحدة قبل سنوات طويلة، لكن التذكير والتعزيز وحثّ الناس ـ في كل المجتمعات الإنسانيةـ على مزيد البذل، لتدارك الفوارق وسد الاختلالات والفوارق الرهيبة بين البشر هو أمرٌ بالغ الأهمية يحمل طابع الاستعجال باستمرار؛ لإغاثة الملهوفين وسد رمق المساكين واحتياج المحتاجين ـ وما أكثرهم ـ وعمل الخير يُرجى منه الخير العميم والفضل الكبير.
وفي بلدنا الجزائر ما أمسّ حاجتنا إلى عمل مؤسسيّ منظّم منسّق في هذا الشأن، يتم فيه التعاون بين مكوّنات المجتمع؛ من هيئات رسمية وشعبية ومجتمعية :
– أولا: لدراسة الاحتياجات على أسس علمية موضوعية، وضبط ما يجب ضبطه بشأنها بشكل دقيق وصارم.
– ثانيا: لإحصاء المتضررين (المحتاجين) الحقيقيين مع تصنيف احتياجاتهم.
– ثالثا: تلبية تلك الاحتياجات وفق برامج منظمة، تسمح بإيصال “الخير” إلى الناس دون منّ ولا أذى، وفي كنف الاحترام ورعاية الكرامة الإنسانية، لكل واحد وواحدة، بعيدا عن الاستعراض المبتذل والتصريحات والتصوير والنشر الواسع، ولو كان الغرض من ذلك هو دفع الناس إلى مزيد بذل.
– رابعا: الارتقاء في التعبير عن خيرية المجتمع الجزائري والتأكيد على وعيه المتقدّم في المسائل الإنسانية بصفة عامة، والمسائل ذات الصلة بالتعاون والتكافل والإغاثة والمساعدة بصفة خاصة؛ وقد أكد مجتمعُنا هذه الخيرية في كثير من المناسبات والسياقات، ولا ينبغي المزايدة في هذا الشأن عليه، فهبّاته صيفا وشتاءً، وليلا ونهارا معروفة في أوقات الشدّة (كالفيضانات، والزلازل، والظروف الخاصة…)، وإنما يحتاج الأمر إلى ترشيدٍ وعمل منظّم مصنّف مدروس حتى يعظم الخير، ويتحقق المطلوب من الإغاثة والمساعدة، في أوانها، وتكون لمستحقيها دون غيرهم. وأفضل ذلك أن يكون في شكل عمل مؤسسي متين.

ثمة عددٌ لا بأس به من الجمعيات والهيئات الوطنية والولائية العاملة في حقل “العمل الخيري”… آثارها مشهودة، وجهودها معروفة، نسأل الله أن يثبّت أجور العاملين والعاملات في تلك الهيئات كلها.

غير أن هناك أكثر من داع يدعونا إلى ضمّ الجهود ولفت الأنظار إلى أهمية إيجاد كيان قويم متين يقرّب ويسدّدُ ويرشّد ويلمّ المتناثر من تلك الجهود ويعمل على توحيد المدخلات والمخرجات في هذا الشأن الديني والوطني والمجتمعي العظيم (عمل الخير)، وذلك وجهٌ مطلوب من وجوه إيتاء البرّ أي أن يكون على أصول واضحة، وبقواعد متينة، وفي ضوء دراسات ومقاربات سديدة.

ولسنا في حاجة إلى التذكير بأهمية العمل الخيري عموما، فنصوص القرآن الكريم، وأحاديث النبيّ الأكرم ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة عظيمة في هذا الباب، ولكن تنزيلها عمل إنساني قويّ يحقق الغرض، ويستحقُّ الثواب العظيم الذي هو مرضاة الله تبارك وتعالى.. ذلك هو الإشكال، فما تزال أعمال الخير والبرّ مبعثرة، مشوّشة، ناقصة، لا تسدّ الاحتياجات الواقعية، ولا تغني ولا تكفي، ما يجعل أمر الاحتياج قائما يكبر ويزداد سنة بعد سنة.

وتعظم المصيبة عندما نولّي وجوهنا شطر الجهات الرسمية في هذا الباب، فإن مجموع تجاربنا (الرسمية) فشلت أو كادت؛ والدليل ما نقرأه ونشاهده (في الإعلام) عن “المساعدات” و”القفة” و”المنح المدرسية ” وما في حكمها. هناك فضائح تهتز لها القلوب، والدليل على ذلك “سوق” عدد من رؤوس المسؤولين عن التضامن إلى السجون؛ لتلاعبهم بأموال اليتامى والفقراء والمساكين.. وشيوع الأخبار السيئة في كل مناسبة تضامنية عن عبث واستهتار وتلاعب واحتيال ومحاباة…

 ولعل كل هذا يقتضي العمل الجادّ لإيجاد صيغة مناسبة يتداعى إلى إعدادها كل المهتمين بالعمل الخيري، تطرح فيها القضايا والمشكلات ذات الصلة، ويُبحث عن حلول جذرية حقيقية لهذا الأمر.
وربما كان أنسب بداية هو لقاء علمي إعلامي مجتمعي في شكل “ملتقى متخصص ” للعمل الخيري تتداعى إليه الجمعيات والهيئات ذات الصلة بالتعاون مع مديريات في الوزارات ذات الصلة أيضا، طبعا إلى جانب خبراء ومختصين ورجال خير وعلم وأكاديميين، لدراسة هذه المسألة على نحو موضوعي جديد متين للخروج بورقة طريق لسد ّ كل المنافذ المنكرة، وفتح منافذ الخير والبذل بطرق معلومة شفافة ونزيهة وبإشراف أهل الثقة.
إنها مسألة وطنية إستراتيجية، تدخل في صُلب أهداف الأمم المتحدة التي تنص، في مجال العمل الخيري على ما يلي:

 * إذكاء الوعي بصعوبة التحديات، والدفع قدما نحو عمل جمعي عالمي في ما يتصل بالقضايا العالمية.
* تعزيز الثقة بين المجموعات المتنوِّعة وبناء رصيدٍ اجتماعي بينها.
* تجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية وإيجاد مجتمعات أكثر اتساقا وتواؤما.
* تعزيز المرونة من خلال العمل الجمعي، وتحسين الحسّ المجتمعي من خلال تعزيز مفاهيم المسؤولية المجتمعية. وهي ـ قبل َ ذلك ـ تصبُّ في نهر الرشاد والتحفيز على عمل الخير في نظامنا الإسلامي العظيم.
يمكن أن نعزز ذلك كله، في مجتمعنا، ونضيف إليه الكثير مما له بقيمنا ومبادئ الخير والإحسان في إنساننا الجزائري المندفع إلى فعل الخيرات والصالحات بشكل لافت ومبهج.

ومقتضى الأمر أن نجعل هذا الأمر (العمل الخيري) ضمن أولوياتنا المجتمعية في مجال الإصلاح الاجتماعي، وقد تواصلتُ شخصيا مع إخوتي في بعض الجمعيات الوطنية كالإرشاد والإصلاح، وكافل اليتيم، وجزائر الخي، وناس الخير… وغيرها من أجل التداعي والجلوس لمدارسة هذا الأمر بالتعاون مع جمعية العلماء وهيئة الإغاثة فيها. وآمل أن يتحقق ذلك في الآجال القريبة، خدمة لمجتمعنا وديننا وإرضاء لربنا قبل ذلك.

ولستُ أشكُّ في أنه يمكن تحقيق الكثير من الخير بالتعاون والتنسيق والتعاضد والتفهّم والتفاهم.

إن نريد إلا الإصلاح وما التوفيق إلا من الله تعالى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مقبرة المواهب

    لكن تديروا فينا الخير و تسكتوا شوية و كل واحد ينقي دواروا ماشي خير و خير و رحمة ربي تنزل ما تشوف بليس ما تسمي منوا ... الهدرة ديالكم روفران مليح للنعاس قد ما تطولوا نزيدوا نرقدوا ههههههه اخ فش اخ فش

  • أيوب

    هذه خطبة الجمعة ليس أكثر...متى ترتقي العقول الى أسمى وأرفع ....العقلية المغشوشة يجب ان تحال على التقاعد .على غرار المعمرين وكبار السن...أليس كذلك....