-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفساد أصبح ثقافة وطنية!

الفساد أصبح ثقافة وطنية!

قبل أيام عالجت إحدى المحاكم الجزائرية قضية غريبة في شكلها ومضمونها، بطلها منتخبون محليون تلاعبوا بالمال العام وبدّدوا الملايير من أموال الشعب بطريقة تعكس المستوى الخطير الذي وصله الفساد الذي انتشر على كل المستويات.
مسؤولون بالبلدية تواطؤوا مع مقاولين ووقّعوا فواتير لأشغال وهمية لم تُنجز وتقاسموا الملايير في ما بينهم، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، وكان لا بد من التغطية على جريمتهم، فقاموا باستغلال البراءة في محو آثار الجريمة، وتحت شعارات التطوع والعمل الخيري جندوا أطفال الكشافة الإسلامية لتنظيف الشواطئ مجانا.
العملية وقعت بين سنتي 2009 و2014، واكتشفها منتخبٌ محلي لاحظ اختفاء مبالغ هامة تُرصد سنويا لنظافة الشواطئ لكنها حُولت إلى الأرصدة الشخصية للمتورطين في الفضيحة، وتجاوزات أخرى كثيرة كلفت خزينة الدولة ما يزيد عن 15 مليار سنتيم، وعلى إثرها أبلغ هذا المنتخب الديوان الوطني لمكافحة الفساد والرشوة.
وتعالج المحاكم يوميا قضايا فساد تختلف من حيث الحيثيات لكنها تتشابه في تبديد المال العام، واستغلال المنصب والنفوذ للحصول على الامتيازات، ولولا بعض المسؤولين المخلصين لبقيت هذه الفضائح طي الكتمان.
ونظرا إلى كثرة الفاسدين على كل المستويات خاصة في أوساط المتعاملين الخواص مع الإدارات والمؤسسات العمومية، فقد أصبح للفساد يدٌ تبطش بكل مسؤول نزيه تسوّل له نفسه التصدي للمفسدين، ووضع حد لنفوذهم وتجاوزاتهم، وغالبا ما يتعرض المسؤولون النزهاء لمتاعب وقضايا كيدية لمجرد أنهم أصرُّوا على تطبيق القانون وحرمان البعض من الامتيازات التي كانوا يأخذونها من دون وجه حق.
لقد كشفت قضية الكوكايين أن الفساد بلغ مستوى متقدما في التأثير على المسؤولين النافذين بالنظر إلى الجرأة الكبيرة المتمثلة في إدخال سبعة قناطير من هذه المادة المخدرة باهظة الثمن إلى البلاد، وهو أمرٌ نادر الحدوث حتى في الدول ذات السمعة السيئة في الاتجار بالممنوعات.
قبل سنوات قال فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان إن الفساد أصبح “رياضة وطنية”، ويبدو أن الأمر تطوَّر بعد سنوات وأصبح الفساد ثقافة وطنية تُمارَس على كل المستويات وفي كل المجالات وبكل الطرق والأساليب، فحتى الموظف الذي يتحايل في أداء وظيفته ويتهاون في القيام بواجباته، هو في نهاية المطاف يمارس نوعا من أنواع الفساد، والطالب الذي يغشّ في الامتحان، والأستاذ الذي يتواطأ معه، كلهم يمارسون الفساد على مستواهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • سامي

    'ربما وصلنا إلى النهاية"؟؟؟ و لسنا ندري ما هو المصير الذي يخبؤه لنا القدر؟؟؟ هل هو نفس مصير القوم المفسدين الذين ذكروا في القرآن الكريم؟؟؟ "أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (الآية 6 من سورة الأنعام)

  • beladjine badra

    ولهذا يتم السعى وراء وامام المواطن النية اثناء الحملة الانتخابية.اما الفساد فا مسافة 1000 ميل تبدء بميل مند الصغر

  • الطيب

    كيف جاء الفساد ؟
    الأناينة و لا أريكم إلا ما أرى صنعت التهميش .
    التهميش صنع الرداءة .
    الرداءة هي أم الفساد .