-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

القصف بالقصف والدم بالدم

حسين لقرع
  • 1213
  • 2
القصف بالقصف والدم بالدم

بعد 24 ساعة فقط من استشهاد ثلاثة مقاومين في غزة بقذائف مدفعية الاحتلال، ردّ محمد طارق يوسف، الشاب الذي لا يتجاوز عمره 17 عاما، بعمليةٍ بطولية شرق القدس طعن فيها ثلاثة مستوطنين فقتل واحدا وجرح اثنين قبل أن يرتقي شهيدا.
هذه العملية البطولية الجديدة، التي جاءت بعد أيام قليلة من قنص ضابطٍ للاحتلال ردا على استشهاد أربعة مقاومين، تؤكّد أن الشعار الجديد للمقاومة “القصف بالقصف والدم بالدم” ليس مجرّد تهديدٍ تريد به تخويف العدوّ، بل هو واقعٌ جديد ترمي به إلى فرض معادلة جديدة على الاحتلال تجعله يحجم في نهاية المطاف عن مهاجمة الفلسطينيين واستباحة دمائهم كما يفعل منذ 70 سنة؛ فحينما تردّ المقاومة في كل مرة في غزة والضفة الغربية، على أيِّ عربدة للاحتلال، وتضربه في مقتل بوسائل مختلفة، فسيُردَع في النهاية ويُجبَر على مراجعة سياسته المتعجرفة التي تعوّد فيها على ضرب الفلسطينيين وإيلامهم من دون أن يتلقى ردود فعل عملية.
صحيحٌ أن هذه المعادلة الجديدة التي تريد المقاومة فرضَها على العدوّ قد تجرّ حربا رابعة على غزة، ولكن ماذا سيخسر الفلسطينيون أكثر مما خسروا إلى حدّ الساعة؛ فهم يعيشون منذ 2007 حصارا خانقا نشرَ الفقر والبؤس على نطاق واسع في القطاع، وحوّل حياة مليونين من سكانه إلى جحيم يومي.. الكهرباء تنقطع 18 ساعة يوميا في هذه الأجواء الحارة، والمعابر مغلقة، والمستشفيات تعاني نقصا حادا في الأدوية والمستلزمات الطبية، وأغلب الغزاويين يضطرون إلى شرب مياه غير نظيفة، حتى برامج وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) تقلّصت بفعل تخفيض الولايات المتحدة مساهمتها المالية السنوية من 365 مليون دولار إلى 65 مليونا فقط، في حين ترفض الدول العربية مساعدة القطاع برغم أن مداخيلها السنوية بلغت في 2016 فقط نحو 2400 مليار دولار!
ستكون الحربُ الرابعة مؤلمة للفلسطينيين بلا شكّ، ولكن ماذا يمكن أن تحقق للعدوّ أكثر مما حققته الحروبُ الثلاث السابقة غير تدمير المدمَّر؟ إطلاق الطائرات الورقية الحارقة سيستمرّ طالما رفض الاحتلالُ رفع الحصار عن غزة، وسيقضّ ذلك مضاجع المستوطنين ويُحرج قادة العدو أكثر، وإطلاق الصواريخ على المستوطنات ونيران القناصة على جنود العدوّ سيتواصل كلما كان هناك عدوانٌ بالطائرات والدبابات.. وإذا أراد الاحتلال إنهاء ذلك عبر التوغل في غزة لإعادة احتلالها، كما يهدّد قادتُه هذه الأيام، فليجرّب مجددا، وقد حاول ذلك في الحروب الثلاث السابقة وخرج خائبا بعد أن خلَّف عشرات القتلى من جنوده الجبناء الذين لا يقاتلون إلا من وراء جُدر، بينما أصيب المئات منهم باضطراباتٍ نفسية مزمنة…
الشعبُ الفلسطيني البطل يقاوم جبروت العدو وطائراتِه الحديثة وقنابله الأمريكية الذكية وصواريخَه المتطورة ودباباته… بعمليات الطعن بسكاكين المطبخ، والدهس بالسيارات، وبإرسال الطائرات الورقية والبالونات الحارقة على حقوله وغاباته لتحوّلها إلى رماد، وبمسيرات العودة التي يقدّم فيها الشباب أروع التضحيات، وبنيران القناصة وما تيسَّر من صواريخ بسيطة محلية الصنع… وغيرها من الأساليب التي يُبدعها يوميا.. إنَّ شعبا مثل هذا قد يدفع ثمن مقاومته باهظا، ولكننا لا نشكّ لحظة واحدة في انتصاره الحتمي في نهاية المطاف، ودحرِ عدوه وإسقاط كل المؤامرات الدنيئة والصفقات المُذلّة الهادفة إلى تصفية قضيته العادلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبدالله عبدالله

    بارك الله بكم ...اتابع مقالاتكم الرائعة عن جهاد الاشقاء الفلسطينيون في الارض المباركة فلسطين فرغم معاناتهم سينتصرون باذن الله ....شكرا لكم استاذ حسين وان شاء كل حرف تكتبه يكون في ميزان حسناتك .فارض الاسراء والمعراج تمنى صحابة الرسول ص ان يجاهدوا فيها .....بقولهم ياليتنا نكون معهم فنفوز فوزا عظيما

  • Kader

    جريدة الخبر تقول قتل بدل استشهد ؟ ؟ ؟