-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

القوة المرنة.. لا العبارات الخشنة

القوة المرنة.. لا العبارات الخشنة

بعض المصطلحات الحادة والمُتشدِّدة ينبغي أن تزول من قاموس خطابنا السياسي، إذا أردنا أن ننتقل بسلام إلى المرحلة القادمة من تاريخنا. الزمن اليوم ليس زمن الانفعال والغضب والانتقام أو الضرب بيد من حديد وإبراز القوة المادية بأي شكل من الأشكال… بل هو زمن القوة المَرِنة والذكاء والحِكمة والخطاب الهادئ الذي يُطمْئِن النفوس ويفتح الآفاق الواعدة نحو المستقبل… نحن لسنا في حاجة إلى عبارات كـ”التغيير الجذري”، أو “القطيعة التامة” أو “الانقلاب الكلي” أو “التصحيح الشامل”، وما شابه من ألفاظ خشنة كثيرا ما تبدو مُستقطِبة للأسماع جالبة للأنظار مُحرِّكة لعواطف الغضب… بل نحن وبالذات اليوم في حاجة إلى طمأنة النفوس وتهدئة غضب الكثير ممن ظُلِموا أو هُضِمت حقوقهم في أي مستوى كان، وطَرح بدائل التحسين المستمر والتدريجي للأوضاع وتقليم الأغصان الفاسدة في الأشجار، وتلقيمها وتطعيمها بالبراعم الصالحة المُثمِرة، بدل اقتلاعها من جذورها ورميها لتُصبح هشيما تذروه الرياح، ثم بعدها الشروع في التفكير، إذا شرعنا، في غرس جديد لا ندري ما نفعل في انتظار نموه… وكأننا نُركِّز كافة تفكيرنا العقلي “الانفعالي” وجهدنا البدني، على مسألة الاقتلاع من الجذور، (التغيير الجذري)، وننسى طرح سؤال: وماذا بعد، (علما بأن أغلب تلك العبارات الخشنة غير قابلة للتطبيق، وإن طُبّقت تَفترض البدء باقتلاع قائلها ومن الجذور… )
إن مشكلتنا اليوم هي هذه بالذات، نملك القدرة على التدمير ولا نملك القدرة على البناء. يتجلى ذلك في انتشار خطاب بيننا غير قادر على الإقناع بغير العبارات الحادة والمستفزة والممتلئة حنقا على الآخر المُخطئ في كل شيء غير القابل للإصلاح أو حتى لدعوته للإصلاح.
فقط، هو ذا الخطاب الذي غالبا ما أصبحت تستسيغه اليوم الأذن وترفض آليا غيره، ولو حَمَل الخطاب الهادئ المرن كل المعاني الصحيحة والقادرة على تصحيح الأخطاء وتحسين أوضاعنا في المستقبل…
غالبيتنا اليوم تُريد من يَعِدُها بالحلول الفورية والعاجلة ولو كانت وهمية أو مُزيَّفة أو غير قابلة للتطبيق، وترفض من يطلب منها العمل وبذل مزيد من العرق والجهد كحلول واقعية صحيحة وغير كاذبة لمشكلاتنا على المديين المتوسط والبعيد… وهذا خلل ينبغي تصحيحه. إن السياسيين الذين بنوا بلدانهم حقا هم مَن صارحوا شعوبهم بالحقيقة وبالمصاعب والآلام قبل الحديث عن توفر الإمكانيات وتحقيق الأحلام… ولكنهم كانوا صادقين في ذلك، وكانوا أول من يُضَحي لمواجهة تلك المصاعب والآلام… أولئك هم بحق رموز القوة المرنة التي ما أحوجنا إليها هذه الأيام… أما غيرهم من محترفي التلاعب بالعبارات الخشنة فلن ينفعنا معهم سوى الحذر كل الحذر إذا أردنا للأمل أن يبقى حيا في هذا البلد…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • إميقري في وطنه

    إيييييييييييييييييييييييييييييه يا بروفيسور ،،،،،وين راك تغني.....!!!!!!!

  • ابن الشهيد

    الأمل المفقود ؟

  • التقرعيج

    استاذي المحترم كلامك عسل مصفي للعقلاء و الحكماء, لكن سيريات زلالف في وجوه الظالمين راحة للنفس القلب و الاعضاء حسب بحت علمي تجريبي ميداني من جامعة هارفرد بامريكا.