“الكابة” و”الشكارة” لتحويل أموال “الذهب”

من تجار لبيع الخضر والفواكة والمواد الغذائية والحبوب الجافة إلى تجار بالجملة للذهب والمجهورات.. البيع بدون فواتير.. سجلات تجارية على المقاس لتسهيل عمليات الفوترة الوهمية لاستيراد أطنان الذهب في إطار مقنّن لعملية التجارة الخارجية.. التعامل ونقل الأموال بـ”الشكارة”.. وضخ ملايير الدينارات من حساب لآخر بدون حسيب ولا رقيب.. هذه تفاصيل أخرى كشفت عنها الجلسة الجديدة لمحاكمة “فضيحة الذهب”.. تابعوا التفاصيل:
في اليوم الرابع من محاكمة “الذهب”، واجه القاضي تجار الذهب والمجوهرات بالجملة بحقيقة إتباعهم لأسلوب ومنهجية دقيقة في إطار جماعة إجرامية منظمة وباستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاطهم المهني، المتمثل في البيع بالجملة للذهب وهذا بدليل قيمة التحويلات المالية المعتبرة من حساباتهم البنكية إلى حسابات الشركات المتهمة المختص نشاطها في استيراد الذهب والمعادن الثمينة والتي عجزوا عن تبرير مصدرها، وكذا تحديد مداخليهم المشروعة، كما ثار القاضي ضد المتهمين الذين كانوا ينقلون الأموال “نقدا” إلى البنوك قائلا: “أنتم تتعاملون بـ”الشكارة” بدون حسيب أو رقيب؟
وخلال مواجهة القاضي للمتهم “ش. أحمد” المتابع بجنح الغش الضريبي، تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية منظمة عابرة للحدود الوطنية وباستعمال التسهيلات التي يمنحها النشاط المهني، مخالفة التنظيم والتشريع الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، أنكر التهم الموجّهة إليه .
وباشر المتهم تصريحاته بالقول: “سيدي الرئيس، أنا نصبوا عليّ”، ليقاطعه القاضي: “ما علاقتك بتجارة الجملة بالذهب؟ ليرد عليه المتهم: “أنا مارست نشاط صناعة المجوهرات منذ سنة 1991 إلى غاية 1998 بمحل تجاري صغير كائن ببلدية الكاليتوس، حيث كنت أقوم بصناعة المجوهرات وكذا البيع بالتجزئة وبعدها توقفت عن ممارسة هذا النشاط إلى غاية سنة 2022، وبسبب وضعيتي الاجتماعية المعسرة خاصة بعد إصابتي بمرض ضغط الدم وفقدت السمع على مستوى أذني اليسرى، تقدم مني “ب. نجيب”.
القاضي: كيف تعرفت على نجيب.
المتهم: أعرفه منذ سنة 2002 بصفته يمتهن صناعة الذهب بولاية باتنة وعرض عليه العمل معه في مجال بيع المجوهرات بالجملة، فوافقت على طلبه وبذلك قمت باستخراج السجل التجاري باسمي لممارسة نشاط التجارة بالجملة للمجوهرات والساعات بالمحل التجاري ببلدية بوقرة بولاية البليدة.
القاضي يقاطعه ويسأله: على ماذا تم الاتفاق، ليجيبه المتهم: كان المتفق عليه أن يسلمني البضاعة من الذهب وأقوم أنا ببيعها بالتجزئة وأتلقى هامش الربح، سيدي الرئيس، هدفي هو العودة إلى مجال عملي السابق المتمثل في بيع المجوهرات وصناعتها، إلا أنني والله سيدي القاضي لم أستلم أي بضاعة من الذهب من عند صاحب شركة CHAHIR IMP EXP “ب.نجيب”.
القاضي: لكنك، بالمقابل، كنت تستلم مبالغ مالية؟
المتهم: نعم، كان يقوم بتسليمي مبالغ مالية أجهل قيمتها نقدا، إلا أنها فعلا مبالغ ضخمة حيث كنت أقوم بصبها في حسابي البنكي المفتوح على مستوى البنك الوطني الجزائري وكالة “القدس” بالشراقة ومن ثمّ، تحويلها إلى حساب شركة نجيب.
القاضي: كم عملية تحويل قمت بها؟
المتهم: حوالي 4 أو 5 مرات، كما كان نجيب يسلمني الفواتير مدوّن عليها كافة البيانات حتى أقوم بالإمضاء والختم والبصم عليها، لكن بدون أن أستلم أي بضاعة من عنده.
القاضي: طريقة الدفع كيف كانت تتم؟
المتهم: سيدي الرئيس، “كان يجيب لي دراهم كبار نقدا.”
القاضي: يعني بـ”الشكارة”.
القاضي: لكنك استلمت مبلغ 20 مليون سنتيم من “ب. نجيب” نعم أم لا؟
المتهم: نعم، استلمت مبلغ 20 مليون سنتيم مرة واحدة فقط من نجيب على أساس أنني محتاج سيدي الرئيس .
القاضي: من كان يدفع الضرائب؟
المتهم: أنا اتفقت مع نجيب على أن يتولى دفع مستحقات الضرائب.. سيدي الرئيس أنا قدّمت شكوى ضد هذا الأخير على أساس النصب لأنني وقعت ضحية.. أنا لا أتاجر بالذهب ولم أقم بشراء أو بيع أي مجوهرات ولم أتلق أي أموال، بل أصبحت حاليا مدانا أمام إدارة الضرائب لأصبح متهما أمامكم اليوم.
تغيير النشاط وبيع بدون فوترة وتحويلات مالية ضخمة
ومن جهته، فإن المتهم “أ. أسامة” تاجر الخضر والفواكه في الأصل قبل أن يتحوّل إلى تاجر بالجملة للذهب، أنكر التهم الموجّهة إليه، إلا أن القاضي واجهه بوقائع شراء الذهب بقيمة تتراوح بين 9 و10 ملايين، وبيعها بدون فوترة.
أما المتهم “ط. يعقوب” الذي كان يمارس نشاط تجارة الجملة المتنوعة، ثم تحوّل إلى تاجر ذهب بالجملة، وحاليا يمارس نشاط تجارة البيع بالجملة لمواد تسمين الدواجن، حاصره القاضي بواقعة تحويل 112 مليار دينار جزائري عن طريق “الشكارة” من حسابه الخاص إلى حساب شركةTHE BEST IN GOLD الكائنة بولاية باتنة.
المتهم في معرض تصريحاته، أنكر جميع التهم الموجهة إليه وقال: “سيدي الرئيس، أنا قمت بشراء الذهب مرة واحدة فقط بقيمة تقدّر بحوالي 9 أو 8 مليار سنتيم، حيث قمت بتحويل هذا المبلغ من حسابي البنكي المفتوح لدى وكالة زيغود يوسف للبنك الوطني الجزائري إلى حساب شركةTHE BEST IN GOLD بموجب فاتورة واحدة صحيحة وقانونية بموجب طلبية ووصل تسليم البضاعة موقّع ومختوم من طرفي وتحمل بصمتي”.
وأردف المتهم قائلا: “سيدي الرئيس، عندما استلمت الذهب وقمت ببيعه بالتجزئة”، ليقاطعه القاضي ويسأله عن مصدر أمواله، ليجيب المتهم: “مصدر أموالي هي من تحصيل نشاطي التجاري وتسبيقات التجار، كما أنني أدفع قيمة الضرائب بانتظام وليس لديّ أي دين ضريبي”.
وبالمقابل، فإن المتهم “ب. أيمن”، ينشط في مجال بيع الأجهزة الكهرومنزلية الذي قام بتحويل أزيد من 195 مليون دينار، أي ما يفوق 19 مليار سنتيم، أنكر التهم الموجّهة إليه من طرف هيئة المحكمة، وأكد في رده على أسئلة القاضي، أنه مارس نشاط التجارة بالجملة للمجوهرات والساعات خلال سنة 2023 وحاليا توقف عن هذا النشاط وهو بصدد ممارسة نشاط بيع الأجهزة الكهرومنزلية منذ شهر أكتوبر 2023 إلى يومنا هذا .
وفي هذه الأثناء، قاطعه القاضي وسأله عن معاملاته التجارية المتعلقة بالذهب ومع من؟ ليرد عليه المتهم: “قمت بشراء الذهب لمرتين من عند شركة THE BEST IN GOLD الكائن مقرها بباتنة، وهذا بموجب فاتورتين صحيحتين وقانونيتين بقيمة مالية تقدّر بحوالي 19 مليارو500 مليون سنتيم”.
القاضي يسأله مجدّدا: كيف تمت عملية التحويل من حساب إلى حساب؟
المتهم: قمت بتحويل الأموال من حسابي البنكي إلى حساب شركة “غولد”.
القاضي: ما هو مصدر هذه الأموال؟
المتهم: سيدي الرئيس، المبلغ المالي ليس ملكي لوحدي وإنما هو عبارة عن تسبيقات لتجار التجزئة الذين أتعامل معهم في بيع المجوهرات المصنعة لهم، وأنا دفعت قيمة الضرائب بانتظام وليس لديّ أي دين ضريبي.
أمارس مهنة ” الذهب” منذ 40 سنة
أنكر المتهم “ب. مولود” حرفي في تصنيع المجوهرات وبيع الذهب بالجملة، التهم الموجهة إليه، وقال في تصريحاته أمام هيئة محكمة القطب إنه يمارس هذه المهنة التي ورثها أبا عن جد منذ أزيد من 40 سنة وإن جميع معاملاته التجارية وتحويلاته المالية صحيحة وحقيقية ومصدر أمواله مبرر، مستظهرا جميع الوثائق التي تثبت صحة أقواله، إلا أن القاضي واجهه بحقيقة ضخ الأموال في حسابه البنكي نقدا، قائلا “يعني تنقل أموالك عن طريق “الشكارة” “.
القاضي: أنت متابع بجنح الغش الضريبي، تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية منظمة عابرة للحدود الوطنية وباستعمال التسهيلات التي يمنحها النشاط المهني، التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية ومصرفية، ممارسة نشاطات تجارية تدليسية بتحرير فواتير وهمية ومزيفة هل تعترف أم تنكر؟
المتهم: أنكرها تماما سيدي الرئيس.
القاضي: متى جاءت فكرة ممارستك لتجارة الذهب بالجملة؟
المتهم: أنا أمارس نشاطا حرفيا في تصنيع المجوهرات وكذا البيع بالجملة للمجوهرات هنا في باب الوادي بالجزائر العاصمة منذ نحو 20 سنة وأمتهن تصنيعها منذ 40 سنة إلى يومنا هذا.. سيدي الرئيس هذه مهنة ورثتها أبا عن جد.
القاضي: هل لديك نشاط في مجال استيراد الذهب؟
المتهم: سيدي الرئيس أنا كنت أشتري الذهب من الوكالة الوطنية لتوزيع الذهب والمعادن النفيسة “AGENOR”، ثم أقوم بتصنيع الذهب شخصيا أو عن طريق حرفيين يعملون عندنا.
القاضي: وماذا عن الذهب الذي اشتريته من شركة “وسام بيجو”؟
المتهم: أنا أجري معاملات تجارية صحيحة وحقيقية فقد قمت بشراء كميات من الذهب المصنع ونصف المصنع من عند شركة “وسام بيجو” الكائنة بمدينة أولاد فايت بصفته مستوردا للذهب.
القاضي: من أين تجلب المواد الأولية؟
المتهم: كما قلت لك سيدي الرئيس من قبل، عند الوكالة الوطنية لتوزيع الذهب والمعادن النفيسة AGENOR وبعدها “وسام بيجو”.
القاضي: وماذا عن التحويلات المالية التي قمت بها لحساب شركة “وسام بيجو” والمقدرة بأزيد من 207 مليون دينار جزائري وهذا في سنة 2021.
المتهم: التحويلات المالية من حسابي البنكي المفتوح على مستوى مصرف السلام وكالة دالي براهيم إلى حساب شركة وسام بيجو هي تحويلات مالية صحيحة.. سيدي الرئيس فهي تضمنت معاملات تجارية حقيقية وقانونية، بموجب فواتير تجارية لا غبار عليها فيها التوقيع والختم والبصم عليها.
القاضي: قل لنا ما هو مصدر أموالك؟
المتهم: أنا تاجر ومصنع ذهب منذ 40 سنة كما قلت لكم، فمصدر أموالي كلها مشروعة بالأدلة والوثائق، حيث إن جزءا منها عبارة عن قرض بنكي وأدفع أقساطه عبر مراحل، كما أنني مستفيد من الإعفاءات الضريبية، فضلا عن أنني اقترضت مبالغ مالية من عند أخي.
القاضي: وكيف تضخ الأموال في حسابك ثم تحولها إلى حساب شركة “وسام بيجو”؟
المتهم: أنا أجمع الأموال ثم أنقلها نقدا إلى البنك لأقوم بتحويلها إلى حساب شركة “وسام بيجو”.
القاضي: نحن نتحدث عن 207 مليون دينار جزائري أي 20 مليار سنتيم.. يعني أنك تأخذ الأموال بـ”الشكارة” إلى البنك؟
المتهم: ليس دفعة واحدة سيدي الرئيس كل مرة “كيفاش” أحمل معي في سيارة 6 ملايير وفي بعض الأحيان 8 ملايير وهكذا.
القاضي: فهمت.. الملايير تديهم بـ”الشكارة” .
المتهم: أنا أبيع الذهب المستعمل للصائغين الذين أعرفهم وأتلقى الأموال نقدا ثم أقوم بضخهم في حسابي بالبنك.. أضف إلى ذلك سيدي الرئيس فأنا عندما أستلم البضاعة أقوم ببيعها بالجملة والتجزئة وأقوم بدفع الضرائب بانتظام لدى مديرية الضرائب بباب الوادي.
القاضي يقاطعه قائلا يعني أنت تدفع الضرائب كلها ولديك وثائق تثبت ذلك… المتهم يتقرب من رئيس الجلسة ويستظهر له جميع الوثائق اللازمة. معاملاتي لا غبار عليها.
من جهته، برر المتهم “ف. أسامة” تاجر بالجملة للمجوهرات والساعات، مصدر أمواله ببيعه للذهب بالتجزئة، وقال خلال استجوابه من طرف القاضي إن معاملاته كلها صحيحة ولا غبار عليها، إلا أن القاضي واجهه بحقيقة بيعه للذهب دون فوترة وهو ما يعتبر خرقا للقانون.
القاضي: أنت متابع بجنح الغش الضريبي، تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية منظمة عابرة للحدود الوطنية وباستعمال التسهيلات التي يمنحها النشاط المهني، التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية ومصرفية، ممارسة نشاطات تجارية تدليسية بتحرير فواتير وهمية ومزيفة ماذا تقول؟
المتهم: أنكر جميع المتهم المنسوبة إلي؟
القاضي : أنت تاجر جملة للذهب متى بدأت هذا النشاط؟
المتهم: أمارس نشاط التجارة بالجملة للمجوهرات والساعات بالمحل التجاري الكائن ببلدية عين النعجة منذ سنة 2022 إلى يومنا هذا.
القاضي: ما هي علاقتك بشركة “وسام بيجو”؟
المتهم: سيدي الرئيس أنا أقوم بشراء السلعة من مادة الذهب المصنع من عند الشركة المسماة “وسام بيجو” بأولاد فايت.
القاضي: من كان يسلمك السلعة؟
المتهم: ” ع. صفيان” وهو من كان يسلم لي السلعة بمقر الشركة.
القاضي: وماذا عن التحويلات المالية التي قمت بها من حسابك البنكي إلى حساب شركة “وسام بيجو” والمقدرة بأزيد من 285 مليون دينار جزائري وهذا في سنة 2022 وأزيد من 327 مليون دينار جزائري خلال سنة 2023؟
المتهم: سيدي الرئيس، التحويلات المالية التي قمت بها من حسابي البنكي المفتوح على مستوى وكالة زيغود يوسف إلى حساب شركة وسام للمجوهرات هي تحويلات مالية صحيحة، تضمنت معاملات تجارية حقيقية بموجب فواتير تجارية صحيحة، حيث قمت بالتوقيع والختم والبصم عليها.
القاضي: مصدر أموالك من أين؟
المتهم: مصدر أموالي مبررة ومشروعة، فجزء منها هي من مالي الخاص، والجزء الآخر ملك لأصدقائي في المهنة أي في مجال التجارة بالجملة للمجوهرات والمعادن الثمينة، حيث إنه بعد استلامي السلعة أقوم بتقسيمها على أصدقائي كل حسب المبلغ الذي اشترك به وبعدها كل واحد منهم حر في بيع سلعته بالتجزئة وأنا أتلقى حصتي من الأرباح.
القاضي: كيف كنت تنقل الأموال إلى البنك بعد البيع بالتجزئة؟
المتهم: نقدا سيدي الرئيس ثم أصبها في حسابي الشخصي .
القاضي: كم هي المبالغ التي تأخذها معك؟
المتهم: حسب عملية البيع ويمكن 11 مليارا، يمكن أكثر ويمكن أقل .. كل مرة “كيفاش”.
القاضي: 11 مليارا نقدا.. يعني أنك أيضا تأخذ الأموال إلى البنك عن طريق “الشكارة”.
المتهم: أنا أبيع الذهب بالتجزئة للصائغين وأصحاب المحلات الذين أعرفهم وأجمع الأموال عندهم نقدا.
القاضي: تعترف أنك تبيع دون فوترة؟
المتهم يتهرب ويبرر “سيدي الرئيس أنا بالتصريح لدى مديرية الضرائب عين النعجة بانتظام وكل معاملاتي صحيحة ولا غبار عليها”.