-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قصة كسكسي مليانة ومزيت قسنطينة وسراير ورقلة

الكسكسي الجزائري.. طبق يتجدد كل 100 عام

فاروق كداش
  • 5618
  • 0
الكسكسي الجزائري.. طبق يتجدد كل 100 عام

وصف المؤرخون الجزائريين وشعوب شمال إفريقيا بأنهم شعوب تحلق الرؤوس، وتلبس البرنوس، وتأكل الكسكس.. وتجرنا شهادة التاريخ هذه إلى الحديث عن أعرق طبق عرفه التاريخ.. وهو طبق يقوم من رماد الماضي، ليتجدد ويتكيف مع الحاضر، ويستلهم من المستقبل أفكارا لا تنضب. من كسكس مغمومة من الأوراس، والسراير من ورقلة، وكسكس البلوط من جيجل، وكسكس أمكفول من منطقة القبائل، وكسكس بالمعمر من مستغانم، والكسكس بالبونيط من دلس، إلى الكسكس الملكي بالمرقاز في المهجر.. والقائمة طويلة..

يعود تاريخ الكسكس إلى القدم، منذ عهد ماسينيسا، ويختلف في أصوله.. فهناك من يقول إنه بربري، وهناك من يقول إنه روماني، والدليل وجود مخازن القمح قبل 5000 سنة، في مغارة قلدمان ببجاية. والعجيب في هذا الطبق، أنه كان طبقا عالميا منذ زمان. فهو منتشر بشكل أو بآخر من سيوة المصرية إلى ضفاف الأطلسي. وقد ذكر الكسكس منذ القرن العاشر الميلادي، في مؤلفات أدباء الأندلس. وإلى غاية القرن السادس عشر، كان الكسكس يحضر بمرق أبيض. في فترة الاستعمار، كان الصناعي الإيطالي، دانيال ريتشي، أول مصدر للكسكس الجزائري إلى فرنسا، بفضل تقنية التجفيف الاصطناعي. وقد شارك .في البليدة، 1853 وكان هذا سنةونال إحدى الميداليات ،1849عام ،الكسكس الجزائري في مسابقة طهي عالمية في فرنسا.

الكسكس الجزائري الآن، مصنف منذ 2020 ضمن التراث غير المادي للبشرية.. إرث يجب على الأجيال الآتية أن تترك النت جانبا، وتهتم أكثر بما تركه لنا الأجداد.

والكسكس كلمة أمازيغية، اشتقت من سيكسو، التي تعني حبات الكسكس الدائرية. أو قد تعني الطريقة التي تفتل بها حبات القمح الصغيرة..

وقد تكون الجزائر البلد الوحيد الذي يملك أكبر عدد من أنواع الكسكس، باختلاف المناطق والعادات والتقاليد، منها ما هو معروف لدى العام والخاص، ومنها ما هو فريد من نوعه.

ويجهل الكثير منا أن الكسكس موجود أيضا في بلدان الساحل الإفريقي، بمسميات عدة، منها البازي والفوتو ولاشيري. وقد ذكر ابن بطوطة هذا الطبق في إحدى رحلاته إلى السودان. وهذا التواجد الجغرافي، قد يؤكد نظرية ميلاد الكسكس في الجنوب، ومنه هاجر إلى الشمال..

في جنوبنا الكبير، الكسكس ملك بين الأطباق. وقد يكون رابطا بين كسكس الساحل وكسكس الشمال.. المردود وليوزان بورقلة إلى “أوشو أسوفر”، بالميزاب إلى “عيش السراير”، المعروف باسم كسكس تيميمون الأخضر.. ويعد هذا الأخير طبقا علاجيا بامتياز. فهو يضم في مقاديره الكثير من النباتات الطبية، التي تعطيه لونه المميز، مثل النعناع وإكليل الجبل ناروعشبة ال.

ويرافق هذا الكسكس مرق أحمر منعش للغاية وحار للغاية. محضر من لحم الجمل أو الضأن، بنكهة الثوم، وورق الغار، والحلبة والكمون. وبالإضافة إلى الطماطم والجزر والفول، يضاف إلى المرق العدس وفاصولياء المنطقة، التي تسمى التدلكت. ويعكس الكسكسي براعة الإنسان في ترويض الجفاف عن طريق استخلاص الموارد من الطبيعة، مؤكدا نظرية “المزاجات” لأبقراط، الذي كان شعاره “من طعامك، اصنع دواءك”.

الحمّامة.. كسكسي برتبة دواء

يعتبر طبق ثاحمّامتس (الحمّامة) من رموز مدينة البليدة، والأطلس البليدي الأوسط بصفة عامّة. وهو عبارة عن طبق كسكسي يعدّ مع عشرات الأنواع من الأعشاب الجبلية، التي تعطيه لونه الداكن ونكهته الرائعة !

يعود أصل هذه الكلمة إلى الحمّام، لأن خليط هذه الأعشاب يغتسل به في الحمام، للتداوي، ولتعافي النفساء من الولادة، ثم قام البعض بإضافة الكسكسي إلى علاج الأمراض الباطنية. وقيل إنّ آكل هذا الطبق يفرز العرق بعد الأكل كأنه في حمّام.

ومن أهم الأعشاب التي تكونه، الحلحال، أوراق التوت، الكرز، جوز الرعيان، الضرو، الزيتون، لويزة، مريوث، الزعفران، الزعتر، الحلبة، العرعار، العلايق.. وهي كلها أعشاب طبيعية تقوم النسوة بشرائها، لإعداد الطبق بها، خصوصا أنها صحية تقي من العديد من الأمراض، خاصة الرشح والحساسية وآلام المفاصل وضغط الدم والسكري. ويعد هذا الطبق بمثابة تطعيم سنوي لسكان متيجة من مختلف الأمراض.

الكسكس الوردي.. رمز مليانة العريقة

طبق الكسكس الوردي، هو طبق تختص به مدينة مليانة، التي فتنت الإدريسي، العالم والشاعر المسلم، بجمالها. وصفها بأنها “مدينة لم يسبق لها مثيل”. سر تسميته بالكسكس الوردي يرجع إلى الرمان الممزوج بالسميد الرطب، وكذلك ماء الورد الذي يعطره، بعد فتله وغربلته، ليصبح كسكسا جاهزا في النهاية. ويقدم بمرق أحمر وخضروات ولحم.

إنه طبق شهير للغاية في هذه المنطقة، يقدم ساخنًا في المناسبات الخاصة. طبق أتمنى أن تتاح لك الفرصة لتذوقه، ومدينة أتمنى ألا تلغيها من رحلتك القادمة.

مزيت قسنطينة

المزيت، هو نوع من الكسكسي، عادة ما يوضع لأسابيع أو سنة في مطمور حتى يتزيت، كما أن هناك من القسنطينيين من يضعون بدله القمح، يوضع في المطمور ليزيت قبل أن يستخرج ويغسل بالماء ثم يخلط بكمية هائلة من الزيت حتى لا يلصق ثم يفرك ويفور. وهي أكلة طيبة برائحة قد تبدو قوية.. ولكن الطبق لذيذ. في سكيكدة، يقال له المغلوت، وهو طبق صحي كثيرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!