-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رفع تقريره حول النظام الضريبي الجديد إلى السلطات العليا

“الكناس” يقترح: ضريبة على الأرض بدل الثروة

إيمان كيموش
  • 5482
  • 0
“الكناس” يقترح: ضريبة على الأرض بدل الثروة
أرشيف

يدعو خبراء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير حول النظام الضريبي الجديد تم رفعه إلى السلطات العليا في البلاد، إلى ضرورة استبدال ضريبة الثروة التي لم تُحصّل المبالغ المنتظرة منها منذ سنّها عبر قانون المالية لسنة 2020، بضريبة جديدة على الأرض، مع نشر مديرية أملاك الدولة في سجل رقمي لأسماء أصحاب العقارات، وقيمة هذه الأراضي الحقيقية ومطابقتها مع ما يتمّ التصريح به.
وحسب تقرير معد من طرف خبراء “الكناس”، يحمل عنوان “نظام ضريبي جديد وعملي لمواكبة تنويع الاقتصاد الوطني”، تمت المصادقة عليه مساء الأربعاء في الجمعية العامة للمجلس، فتكييف النظام الضريبي والارتقاء به من بين المحاور الكبرى التي يجب العناية بها، حيث شرعت السلطات الرسمية في الخطوات الأولى نحو هذا المنحى، لكن يجب -حسب معدّي التقرير- الاعتراف بأن هذه المهمّة طويلة الأمد تحتاج إلى تضافر الجهود، وهو ما أدرجته لجنة الحوكمة المالية والسياسات الاقتصادية المعدّة للتقرير في المجلس، في برنامج عملها لسنة 2023.

4 ضرائب مُبسّطة يدفعها المواطن
ودعت اللجنة إلى تغيير النظام الضريبي، ومحاصرة الاقتصاد غير الرسمي المتنامي والذي أصبح شبه قانوني، وهو ما تسبّب في عجز عن مكافحة التهرّب الضريبي، مع فرض ضرائب معقولة يدفعها متحمّلها بشكل مُنتظم وفعّال، وتكمن الأهداف المتوخاة من نظام ضريبي جديد وعملي في أن يكون بسيطا وسهل الفهم ومقبولا ومنصفا للخاضعين للضريبة وإدماج جميع قطاعات الاقتصاد التي تنشط بشكل غير رسمي للقطاع الرسمي، وإيجاد حلّ للنظام الضريبي غير العادل نتيجة تهرّب نسبة كبيرة من الخاضعين للضريبة، من خلال اعتماد مبدأ جديد وهو دفع الضريبة على الدخل والأرباح المحقّقة لممارسي النشاطات التجارية، وعلى ما نستهلكه، وعلى القيمة السوقية للعقارات والممتلكات التي بحوزتنا، وهي رسالة واضحة وبسيطة، لو تمت ترجمتها على واقع المواطن الجزائري ستحظى بإجماع واسع.

المحافظة على مبدأ التدرّج للأجور ومبدأ التناسب مع عوائد الادخار
ووفق التقرير، تحافظ الاختيارات المتخذة على مبدأ التدرّج للأجور ومبدأ التناسب مع عوائد الادخار، وهي أرباح الأسهم والفوائد ودخل الإيجار، مع اقتراح تكييف معدلات الخصم تدريجيا مع المستويات التي تمارس في العديد من الاقتصادات القابلة للمقارنة أو المنافسة في بلدنا، ويتعلّق الأمر أيضا بتشجيع الاحتفاظ بالمُدّخرات داخل الشركات عوض حيازتها على المستوى الشخصي، غير أن الضرائب اليوم لا تشجع أبدا على وضع مدّخرات في الشركات، وتجبر الناس على إخراج الأموال أو الأراضي والأصول العقارية من الشركات والاحتفاظ بالمدّخرات بشكل شخصي.
واقترح التقرير استحداث ضريبة على الأرض تمثّل نسبة من القيمة السوقية لأصول الأراضي العقارية، حيث أن الضريبة على الممتلكات الموجودة في النظام الضريبي الحالي تمتلك خصوصية تضعف نطاقها، حيث لا تستند إلى القيمة الأصولية الحقيقية للأصول المعنية، ولكن على مساحات مبنية وعلى مقياس مُحدّد إداريا، إذ أن الضريبة على الأملاك المنصوص عليها في التشريع الجزائري منذ سنة 1994 والتي لم تطبق من قبل وتم تغييرها إلى ضريبة الثروة عبر قانون المالية التكميلي لسنة 2020 قد تغيّر اسمها إلى ضريبة الثروة مؤخّرا بقانون المالية لسنة 2020، ولكن بكيفيات غير مناسبة تجعلها غير مطبّقة إلى اليوم في الواقع.
ويستدعي تطبيق هذه الضريبة، حسب مُعدّي الدراسة، الإعلان عن سجل معاملات الأراضي والعقارات عبر الأنترنت المحتفظ به لدى أملاك الدولة كخوة مبدئية، وبما أن هذه المعاملة هي الشائعة في جميع أنحاء العالم، فإن نشر هذا التسجيل سيسمح بالمقارنة الحقيقية لتقييم أصول عقارية تستند عليها ضريبة الملكية، كما ينبغي دراسة شروط التنفيذ بعناية لضمان فعاليتها، خاصة فيما يتعلّق بالمعدّل والإعفاءات المحتملة والتحكّم في القيم التي تعلنها الخدمات الضريبية.
ويضيف التقرير: “إن إدخال ضريبة عقارية حقيقية سيساعد على إنشاء مصدر التمويل للسلطات المحلية على المدى المتوسّط كما هو الحال في معظم أنحاء العالم، ومن ناحية أخرى يهدف ذلك إلى تصحيح خلل ضار، حيث أن عدم وجود تكلفة لامتلاك أصول عقارية يميل إلى تغذية التضخم الاصطناعي لأسعار العقارات وتوليد نقص الأراضي”.

الضريبة على النشاط المهني تسبّبت في الهروب نحو القطاع غير الرسمي
واقترحت الدراسة إلغاء الضريبة على النشاط المهني، بحكم أن هذه الضريبة تسهم في الهروب نحو القطاع غير الرسمي، ويعتبر إلغاؤها جزءا رئيسيا من أهداف الحكومة، حيث أن تطبيقها يؤدي لنتائج عكسية، فهي تحرم الخزينة العمومية من موارد ثمينة بدون أن تقلّل أو تلغي آثار ضريبة النشاط المهني الضارّة.
أما بخصوص الضريبة على القيمة المضافة، فقد اقترح خبراء “الكناس” تحصيلها بشكل أكبر، حيث أنها محلّيا لا تتجاوز 3 بالمائة، فيما تمثل الضريبة على القيمة المضافة المحصلة من الواردات حوالي 10 بالمائة، وخسرت الخزينة العمومية من الموارد ما يعادل 1179 مليار دينار سنة 2021، أي حوالي 30 بالمائة من إيرادات الميزانية باستثناء الجباية البترولية.
ودعا المجلس إلى وضع الشروط الحقيقية لتعميم ضريبة القيمة المضافة، حتى لا تجد الشركات أي عقبات أمام الخصم وتسديد أرصدة الإئتمانات الضريبية بسرعة وبدون شروط غير معقولة، مع إلغاء أو الحد من جميع أنظمة الضريبة الجزافية التي تعيق خصم الضريبة على القيمة المضافة وتشكل في الواقع نظاما غير رسمي مقنّن.
ودعا “الكناس” أيضا إلى اعتماد نظام ضريبي مبسط ومفهوم مقابل دعم ميزانية الاستثمار، من خلال إلغاء الضريبة على النشاط المهني، واسترداد الائتمان الضريبي على القيمة المضافة واستقرار ضريبة أرباح الشركات على المدى بنسبة 20 بالمائة، حيث يوفر هذا النظام فائدة كبرى لأي مستثمر.
ودعا المجلس الاقتصادي إلى تبسيط قانون التسجيل الذي ينظم معظم المعاملات التجارية غير المفهومة اليوم، وأن يخرج النشاط الفلاحي من الوضع الغامض الذي يوجد فيه، وأن يفرض نفسه بشكل واضح، فيما يتعلّق بنسبة الأرباح مثله مثل بقية الأنشطة التجارية الأخرى، وهذا لا يشكك بأي حال من الأحوال في دعم الإنتاج المحلي، ولكن لا يستبعد فرض ضرائب على المداخيل المتأتية منه، ويتعلّق الأمر بالدرجة الأولى بمداخيل المجال التجاري.
وأكد “الكناس” أن هذه المقترحات لا يمكن تنفيذها إلا على المدى الطويل وعلى أساس مشروع محدّد بوضوح، داعيا إلى مراقبة أكثر دقّة لأداء كل ضريبة، وزيادة الشفافية وتسهيل الوصول إلى المعلومات، مع اعتماد مقبوليتها الاجتماعية أكثر من الأدوات القسرية لوحدها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!