-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكوليرا ولا الطاعون!

جمال لعلامي
  • 796
  • 2
الكوليرا ولا الطاعون!
ح.م

لا أدري لماذا يجد الواحد منا عاطلا معطلا في اليوم الأول، بل في الأيام الأولى، الفاصلة مباشرة بعد انقضاء عطلته و”هبلته” واستئنافه للعمل؟.. قال لي أحد الموظفين، إنه كلّ سنة يقرّر عدم الخروج إلى العطلة الموسم القادم، حتى لا “يوالف”، وحتى لا يخرج، ثم يدخل وكأنه لم يخرج!

صعوبة العودة تخصّ العمال والموظفين والمسؤولين ومختلف المستخدمين في أغلب القطاعات، وتخصّ أيضا الأساتذة والتلاميذ، فيكون الجميع خاملا متكاسلا متقاعسا، متمنيا خلال المرحلة الأخيرة من “الهبلة” أن لا تنتهي هذه العطلة، رغم ما أصبحت عطلنا تقتضيه من تكاليف لا يقدر عليها إلا “المزلوط”، وإمّا المقتدر ماليا، قولا وعملا!

من الطبيعي أن يتعرّض الموظف “العاطل” بالعطلة، إلى الركود والجمود، والتعطّل، والهبل والخبل، فالمحنة التي ضربت جيوب الأغلبية المسحوقة من الجزائريين، ليست بالسهلة، التي تجعل أيّا كان قادرا على التحمّل وطول النفس، فبعد رمضان وعيد الفطر، حلّ موسم العطل والأعراس، ثم تلاه عيد الأضحى، وها هو الدخول المدرسي على مرمى حجر!

لم تعد أجرة “المعذبين” مؤهلة لمواجهة المزيد من الضربات، فالأزمة المالية أفسدت للودّ قضية، وأفسدت أفراح “الزوالية” وغير الزوالية، ومن البديهي أن يعود الموظف من العطلة مستسلما “كارها” مستلقيا أرضا، بعد ما فرغ الجيب، وكاد يجفّ الريق، ولم يبق لا أبيض ولا أسود، من مخلفات الأجرة السابقة، التي واجهت أكثر من مناسبة اضطرارية!

مصيبتنا أننا “والفنا” ما لا يجب، وقلدنا غيرنا في ما لا ينبغي تقليده، واستوردنا ما لا ينفع، فأصابنا الوهن ولم نعد قادرين على تحمّل أعباء إضافية وأخرى فجائية، فعمّت الخسائر، وتضاعفت الهموم، وزادت “الشروط”، وتمرّد الأبناء، اعتقادا منهم أنهم ينالون من آبائهم حقوقا وليس هدايا وامتيازات غير إلزامية ولا اضطرارية ولا من واجبات الأولياء على الأبناء!

لقد أصبحت العطلة المدفوعة الأجر واجبا لا يسقط أبدا بالتقادم، وكبش العيد، لم يعد أضحية وسنـّة، بقدر ما تحوّل إلى رياء ومنّ واستعراض عضلات، والمصروف الطائش لم يعد “جياحة” وسوء تدبير، وإنّما تحوّل عند ناقصي العقول إلى “شرّ لا بدّ منه”!

من الطبيعي أن تنقل الكوليرا الهلع إلى النفوس، ونحن في 2018، فجميعنا مضروب في مناعته، وأكبر وباء يتربّص بنا، هو الوباء الذي ضربنا في عقولنا وديننا وتقاليدنا وتربيتنا وأخلاقنا وأولادنا وجيوبنا، وهذا هو الطاعون الأكبر الذي لن تقدر عليه لا وزارة الصحة ولا الفلاحة ولا معهد باستور ولا منظمة الصحة العالمية ولا هم يحزنون!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مهبول يعطس

    المشكلة يا أخي السيد جمال لعلامي أكبر بكثير.....فالبحبوحة التي جعلت تتلاطمها أمواج التبذير و المهرجنات و الفستيات.و الاسلفيات و النهب بمشاريع وهمية..تشبه سيناريو الثمانينات.....الى اليوم لم تصنع لنا تنمية.....بل أشباه مشاريع...لمشروبات روح الكوكا و السفن أب و الزبدة و استيراد الشباشق و الشوالق و الخردة.....ضاع الجمل بما حمل.....قد تجد فيلم ديدبول تيناج موتان مضحك....لكنه تشهير بسيناريوا مؤلم يتوعدنا به أعداء الدين.....و هم لا يضحكون....بل يطبقون...سيناريو مخيف و مرعب...لأننا لم نعمل بالمثل الذي يقول القرش لبيض للنهار لسود.....تولانا الله برحمته كما قال و يقول دائما السيد الفاضل صالح عوض

  • شخص

    لا توجد أدنى الشروط التي تحفز على الذهاب بنشاط للعمل (ضعف الراتب، زحمة المرور، زحمة داخل وسائل النقل، غياب التربية و الأخلاق في الشارع و في وسائل النقل، المحسوبية في مكان العمل، ....................إلخ)