.. الله يهديكم!
الوضع أصبح بالفعل لا يُطاق في قطاع التربية، وبدأت روائح الخوف تزكم الأنوف، وتنقل الرعب إلى التلاميذ والأولياء والأساتذة، ومعهم الوزارة والنقابات.. وها هم الأئمة يتدخلون و”يفتون” بعدم جواز هذا الإضراب الذي لا يُريد أن ينتهي!
فتوى الأئمة، لا تخص بطبيعة الحال النقابات المضربة فقط، وإنما تعني كذلك هذه الوصاية التي مازالت تسبح ضدّ التيار، وأضحت ـ إلى أن يثبت العكس ـ عاجزة عن اختراع حلول مرضية وعادلة، حتى وإن كانت بمنطق “العصا لمن عصى“!
النقابات كسرت “عصا” الوزارة وكسرت أنفها، والوزيرة بن غبريط مازالت تتفرّج، أو تلعب دور “شاهد ما شافش حاجة“، ورغم “التنازلات” التي بدأت بها خليفة بابا أحمد، إلاّ أنها مازالت بعيدة كلّ البعد عن القدرة على إيجاد مخرج نجدة لهذا الطوفان الذي سيدفع ثمنه التلاميذ!
أحزاب سياسية دعت “الكناباست” إلى وقف الإضراب، مثلما دعت السيّدة نورية إلى التنازل أو الاستقالة، لكن مثلما تعتقد النقابات أنها “مظلومة” وسينصرها الله على الوزيرة، فإن بن غبريط ترى بأنها هي “المظلومة” وأن الله سينصرها على هذه النقابات “المتمرّدة” التي تعمل على كسر شوكتها!
نعم، الوضع لم يعد يتطلب السكوت أو الحياد أو التفرّج، خاصة مع الأنباء التي بدأت تتناقل احتجاج التلاميذ وخروجهم أو تهديدهم بالخروج للشارع للدفاع عن “مصلحتهم” ومستقبلهم وحظوظهم من البكالوريا!
المضربون اختاروا التصعيد، واتهموا الوصاية بتعفين النزاع، لذلك اعتصموا أمام مديريات التربية عبر الولايات، في فصل جديد من فصول حرب مفتوحة لا يُمكنها سوى أن تعطّل المدرسة وتضرب استقرار المتمدرسين والمعلمين معا!
المصيبة، أنه لا البرلمان ولا الأحزاب ولا الحكومة، ولا النخبة ولا “الحكماء“، نطقوا أو تدخلوا قبل فوات الأوان، ولولا محاولات وسائل الإعلام استنطاق هؤلاء وأولئك، لظلّ الصراع أحاديا ومختزلا بين وزارة تضع الطين في أذنيها، ونقابات تسيّر الإضراب بمنطق التغنانت!
بعيدا عن مضمون وشرعية المطالب التي ترفعها النقابات، وبعيدا عن خيارات الوزارة، فإن الحاصل منذ أكثر من شهر، هو مؤشر خطير، فهل يُعقل يا عباد الله، أن يفشل المتخاصمون في تجاوز المأزق وإنقاذ مدرسة هي ليست ملكا لأيّ طرف، ولكن استخدامها من طرف المتهارشين أصبح لا يُطاق، وأصبح فيه الكثير من المخاطر والقنابل الجاهزة للانفجار!