-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المدارس العليا للأساتذة : إلى متى؟!

المدارس العليا للأساتذة : إلى متى؟!

تعرف المدارس العليا للأساتذة الإحدى عشرة عبر الوطن إضرابا متواصلا منذ منتصف نوفمبر، أي منذ شهرين ونصف، وإذا تغاضينا عن العطلة الشتوية نستخلص أن الدروس قد توقفت خلال شهرين كاملين، ولم تدم مدة الدروس التي ألقيت قبل الإضراب إلا شهرا أو شهرا ونصفا!

ماذا تبقى من السنة؟

وهكذا إذا احتسبنا العطلة الربيعية وراعينا وتيرة العمل خلال شهر رمضان والأسابيع المخصصة للامتحانات والمداولات والتصحيحات وبافتراض أن الدراسة انطلقت من جديد يوم السبت 3 فيفري وانتهت في 4 جويلية فمدة الدراسة المتبقية لن تزيد عن 3 أشهر. بمعنى أن السنة الجارية ستكون مدة الدراسة الإجمالية فيها بالنسبة لهذه المدارس حوالي 4 أشهر  ! هذا إذا غضضنا الطرف عن مدة التربص المغلق (3 أسابيع) لسنوات التخرج والامتحانات الشاملة، وعن ضرورات التوقف المبكر في مدارس الجنوب!!


ما هي المطالب؟

حسب علمنا فالمطالب المعلنة للطلبة هي ثلاثة : فتح الماستر، والأولوية في التوظيف، والتوظيف في الولاية المنتسب إليها الطالب. وإذا أمعنا النظر في هذه المطالب يمكن أن نلاحظ ما يلي :

1) فتح الماستر : ليس لنا إلا أن نواصل تنديدنا بسياسة وزارة التعليم العالي تجاه المدارس العليا بخصوص الدراسات العليا منذ 3 سنوات. ولا داعي لإعادة تفاصيل تعاطي الوزارة مع هذا الملف… فأقل ما يقال فيه أنه تعاطٍ لا يحترم هذه المؤسسات، ولا دورها، بل يتعامل مع أهلها في هذا الموضوع كما لو كانوا من “الأنديجينا”!

وهو ما يجعل المتتبع يشكك في النوايا ويميل إلى الاعتقاد بأن ثمة من هؤلاء المتعاملين من يريد كسر شوكة المدارس والنزول بها إلى الحضيض. ونحن لسنا أوصياء على وزارة التعليم العالي (بل العكس هو الصحيح)، لكننا نرى بأن عليها أن تنكب في أقرب الآجال لحل هذا الملف بصفة نهائية حتى لا يعاد طرحه للمرة الرابعة في مطلع السنة القادمة.

2) الأولوية في التوظيف : ما دامت المهمة الأولى (وليست الأخيرة) للمدارس العليا (خلافًا للمؤسسات الجامعية الأخرى) هي تكوين المكوّن (المعلم والأستاذ لمراحل التعليم الثلاث) فمن الطبيعي أن تكون الأولوية المطلقة لخريجي هذه المدارس. بعبارة أخرى، يجب أن تبدأ عملية التوظيف كل سنة بخريجي المدارس العليا، وتستكمل عند الحاجة بخريج المؤسسات الأخرى (بعد متابعتهم لقسط من التربصات والتداريب اللازمة لمباشرة عملية التدريس).

وفي باب آخر، يذكر بعض الطلبة انشغالا ثانيا يتمثل في كون بعض الولايات التي يقصدها المتخرجون من عدة مدارس عليا يتم ترتيب الجميع في نفس القائمة حسب علاماتهم الدراسية. في حين أن أساتذة المدارس المختلفة لا يقيّمون الطلبة بنفس المقاييس فلعل العلامة 10 مثلا في بعض المدارس تعادل في الواقع 12 في مدارس أخرى. ومن ثم يجد المتفوق نفسه أدنى ممن هو أقل منه تفوقًا.

نعتقد أن وزارة التربية أصبحت الآن واعية بهذا النوع من المطالب والانشغالات من هذا القبيل، وأنها ستعمل بجدّ وحكمة للتغلب عليها للصالح العام.

المطلب الشائك

3) التوظيف في ولاية مسقط رأس المتخرج : هذا مطلب شائك ويهم جميع المتخرجين، أوْقع وزارة التربية في مأزق من الصعب أن تخرج منه. ذلك أنها التزمت، حسب علمنا، ضمن العقد المبرم مع طلبة هذه المدارس بتعيينهم في ولاياتهم، ثم ألغت هذه المادة من العقد الجديد لما تبينت لها استحالة الوفاء بهذا الالتزام.

ومصدر هذا المأزق أن وزارة التربية (حالها كحال هيئات أخرى في الدولة) تبني سياستها المستقبلية على معطيات وإحصائيات خاطئة أو غير متكاملة لأنها تهمل العديد من العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو لا تتفطن لها في الوقت المناسب. ولا بد أن نعترف في هذا السياق بأنه بدون تخطيط بعيد المدى على مستوى الدولة يصعب على أيّ كان توفير بيانات ذات مصداقية تامة. وأين نحن من التخطيط بعيد المدى؟؟!!

نذكر على سبيل المثال أن سياسة الحكومة في فتح المدارس العليا خلال العقود الماضية، انتقلت من فتح مدرستين أو ثلاث خلال فترة معينة إلى فتح عدد كبير منها (بوزريعة، القبة، وهران، قسنطينة، سكيكدة، بشار، سعيدة، مستغانم، ورقلة…). ثم بعد سنوات عمدت إلى غلقها والاكتفاء بـ 4 مدارس. ومرة أخرى، عادت في المدة الأخيرة إلى فتح كم كبير من المدارس العليا للأساتذة (11 مدرسة حاليا). ولا نستبعد أن تعود إلى غلق بعضها بعد سنوات! ومثال آخر يوضح تخبط وزارتي التعليم يتمثل في فتح قسم للإعلام الآلي بمدرسة القبة من أجل تكوين أساتذة في هذا الاختصاص… ولم تكد الدفعة الأولى تتخرج حتى ظهر لوزارة التربية بأنها ليست بحاجة إلى هذه الفئة من الأستاذة!

قلنا أن المطلب شائك لأن وزارة التربية من جهة مطالبة بالوفاء بعهودها (التوظيف في ولاية الطالب) وفي نفس الوقت لا يمكنها أن تفتح مناصب عمل بعدد كاف لكل المتخرجين في كل الاختصاصات وفي كل الولايات التي ينتسب إليها المتخرجون. بمعنى أنه إذا كان عدد الأساتذة الذي تحتاج إليه إحدى الولايات في اختصاص معيّن هو 10 أساتذة مثلا، فكيف نطالب الوصاية بفتح 20 منصبا بحجة أن هناك 20 متخرجا في هذا الاختصاص؟ هذا المطلب لا يقبله العقل السليم… وهذا ما نعتقده يبرّر موقف الوزارة بصفة خاصة والحكومة بصفة عامة في هذا الموضوع.

ومن جهة أخرى، من حق الخريج المطالبة بالالتزام بالعقد من الجانبين. ولذلك فهذه القضية بالذات تحتاج إلى تكاتف الجهود على جميع المستويات (وزارة التربية والتعليم العالي والولاة وكل المؤسسات الحكومية) للخروج من هذا المأزق إذ ليس من المعقول -وأغلب المتخرجين إناث- أن نُعيّن متخرجة في ولاية نائية عن مسكن ذويها دون مراعاة بعض الظروف الاجتماعية والأمنية والمادية.

 

هل من حلول؟

ومن الحلول التي يمكن أن تساعد على تخطي هذه العقبة أن تضمن وزارة التربية -بالتعاون مع الجهات الرسمية في مختلف الولايات- مأوى للخريجين والخريجات إذا ما عُيّنوا خارج ولاياتهم. وهذا المأوى يكون مثلا في شقق أو بيوت جماعية داخل أو خارج المؤسسات التعليمية بالنسبة لغير المتزوجين. أما المتزوجون فيمكن لوزارة التربية أن تسهل لهم عملية كراء بيوت في مطلع العام الدراسي في انتظار أن يجد المتخرج مسكنا وفق رغبته أو تحويله إلى ولايته إن شغرت المناصب إذا لم يطب له المقام في مكان تعيينه الأول. وعندما نعلم أن الإناث والذكور من الطلبة يسكن معظمهم في أحياء جامعية خلال سنوات الدراسة بعيدا عن ولاياتهم فإننا نرى أن حلا من هذا القبيل يسد حاجة المتخرج.

وبطبيعة الحال فنحن لسنا بصدد تقديم جديد في هذه الإشارات لأن هذه الحلول موجودة ومعمول بها جزئيا، ويكفي تعميمها والاتفاق عليها والالتزام بها مع الخريجين. وكل هذا في انتظار إصلاح جذري لحال المدارس العليا من حيث الشهادات والمناهج والعقود المبرمة مع وزارة التربية.


إلى متى؟

وفي كل الأحوال، فليس التمادي في الإضراب عن الدراسة هو الذي سيحل هذه المعضلة الأخيرة، فالمثل يقول “إذا أردت أن تُطاع فاطْلب المُستطاع”! وفي كل الأحوال أيضا، فمن شأن الإضرابات والانقطاع عن الدراسة تقليص كمية التحصيل العلمي للطالب.

وما الفائدة ترجى في آخر المطاف، في باب أداء المهام المهنية، إذا كان ما يتحصل عليه الطالب خلال 5 سنوات من الدراسة لا يتجاوز معدل سنتين ونصف من التحصيل الفعلي بحكم تكرار مثل هذه الانقطاعات عن الدراسة سنويا؟ كل أملنا أن يدرك المعنيون المخاطر المحدقة بمهام المدارس العليا للأساتذة وبأهلها وأن يجتهدوا في إيجاد الحلول المناسبة في اقرب الآجال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • fatiha

    نورمالمو يطالبو يديرولهم تكوين وتكويت لكي يؤدو واجبهم و يؤلفون كتب جديدة و تقنيات جديدة للتعليم ماشي يضيعو الوقت في الماستر

  • fatiha

    واش راحين يديرو بالماستر اصلا ضياعة الوقت في باطل

  • ابن الجنوب

    خرافةالمعاهدالتكنولوجيةالتي صممتم آذاننابموالهاهي معاهدضمت الفاشلين الذين سقطوافي امتحان البكالورياوالذين دخلوهابشهادةممرن وبالتزوير والمعرفةثم ترقوابعدذلك للجامعات عن طلريق الدروس الليليةوتحصلواعلى لقب أساتذةالتعليم العالي واستولواعلى مناصب علياهم سبب إنكسار الجامعةوإنكسارالتعليم في جميع مراحله ولولم يكن كذلك لماوصل وضع التعليم إلى هذالإنحدارلأنه لوكان ماتدعون صحيحالكان منحنى مستوى التعليم يسير في أتجاه تصاعدي وبماأن الرداءةالتي حقنتهاالمعاهدالتكنولوجيافمع مامرالوقت ظهرأثرهاوالنهايةماوصلناإليه

  • زهر الدين بدراوي

    خراب التعليم في الجزائر مرده اولئك المتخرجين في عديد التخصصات التي يقال عنها مدرسيةن والمعاهد التكنولوجية خرجت زبدة ونخب التدريس في نختلف التخصصات اما جامعة اخر الزمانن فالطلبة بيادق يتلاعب بها الاداريون والاساتذة الباحثون الكاذبون الا من رحم ربك، وفي تخصصات اخرىك ينجح الطلبة بالدين وبمعدلات دون دون العشرة ثم ينتقلون الى الماستير بالديون ويناقشون بطريقة فلكلورية اطروحات الماستير التي تمتص من الشبكة العنكبوتية وتشكل لهم لجان على المقاس وتوزع الحلوى والكسكس والمرق وتتعالى الزغاريد، وننجح بصفر.

  • بوكوحرام

    مات الضمير وطغى ملء الجيوب والبطون والكسب اكثر على كل شيء ..اللهم ارزق البلاد بحاكم صارم
    ............... رحم الله الشهداء .................

  • الموسطاش

    لا مفر من تمديد السنة الدراسية إلى شهر أكتوبر هذا إن عادوا هذا الشهر ! وإلا ستكون الرداءة و الانحطاط !

  • أستاذ م م

    عندئذ يصبح إتمام البرنامج الشغل الشاغل للطلبة قبل الشروع في أي إضراب. والهدف في النهاية هو الحفاظ على سمعة ومكانة المدرسة بل حفاظا على استمرارها ووجودها !!!
    لأن الإضراب هو عملية إيصال رسالة إلى المسؤولين حول المشكلة ! إذن ما الداعي لإطالته على حساب البيداغوجيا ؟ أو أن البيداغوجيا آخر الاهتمامات ؟ بل هي الضامن الأساسي للتفوق و النجاح أما التعيين في الولاية المجاورة بسبب عدم وجود مناصب في الولاية الأم عهي أمور تقنية تخطيطية
    إتمام البرنامج و نوعية التكوين بالمدرسة أسبق من أي أمر آخر

  • أستاذ م م

    للأسف يبقى إتمام البرنامج البيداغوجي المسطر آخر الاهتمامات ! لابد من استدراك كل ماضاع من عدد الأسابيع من دروس و أعمال توجيهية وتطبيقية وهذا ليس عقابا للطالب وإنما صونا لمدرسته من إضعاف نوعية التكوين
    لابد من فصل البيداغوجيا والتحصيل العلمي عن الأمور الإجتماعية أو الإضراب ، وذلك بالقيام بعملنا على أكمل وجه إرضاءا لله و لضمائرنا ! وهي رسالة الأستاذ الأساسية ! ويتطلب الحرص على احترام تقارير تقدم الدروس التي يسجلها الأساتذة في اجتماعات المجالس واحترامها بصرامة من طرف الإدارة.
    ///يتبع////

  • عبدالقادر

    المشكلة عندنا في سلم القيم فالأمم المتقدمة تضع التعليم في أعلى أولوياتها لأنها تدرك,,, و تعلم,,, و تعرف,,,وتفهم,,
    ففي المدرسة يتجدد المجتمع,,و في المدرسة يصنع المستقبل,,,
    فالمدرسة في فلسفة الصراع,,, نصر أو هزيمة,,,,موة أو حياة,,,
    و للأسف نحن مصابون بالجهل المركب...لا نعلم,,و لا ندرك أننا لا نعلم

  • محمد

    اولا نشكر استاذنا الفاضل على هذا المقال الرائع و التضحية بوقته من اجل الوطن
    كيف لطلبة المدرسة العليا للاساتذة ذوي التكوين الجيد ان يحرموا من مزاولة الماستر في حين يسمح به للاخرين دون مستوى بجامعات اخرى و حقهم في التوظيف يصبح مطلب مثلهم مثل بقية خريجي الجامعات
    تحتار في المنطق الذي به تسير به وزارة التربية
    بهته الطريقة يقضى على المدارس العليا للاساتذة ويتم العزوف عنها من طرف طلاب العلم

  • ابن الجنوب

    وزارةالتربيةالآن لانظرةإستشرافيةلهاولاهم يحزنون وزيرةالقطاع تستعين بخبراءهم أصلاضدوجوددولةجزائريةفمابالكم بتكوين نوعي لأجيالنامن أجل إستمرارناكقوةفاعلةفي منطقةالبحرالمتوسط قضيةالعقودقضيةمفتعلةلأن عددالمتخرجين من المدارس العليالايلبي طلب وزارةالتربيةوبالتالي فهي قادرةعلى إمتصاص خريجي المدارس العليابكل راحةأمافيمايخص التكوين في الدكتوراه فإن الكثيرمن طلبةالمدارس العلياوخاصةالعلوم الإنسانيةقددرسوا05سنوات ثم اضطرواللتسجيل في الماستر01مع من درسواثلاث سنوات وأعرف منهم من سافروالفرنساوسجلواهناك دكتوراه

  • مجيد

    شكرا لك استاذ ماذكرته صحيح لكن الطلبة اتبعوا سياسة الانتصار او الانكسار وهذا خطا كبير

  • جزائري

    من يتأمل جيدا موقف المؤسسات الرسمية من الإضرابات وعلى سنوات عديدة يخرج بنتيجة واحدة وهي أن الدولة لا تأبه بها ولا بمن يقوم بها....باستثناء بعض المؤسسات الحيوية (للدولة طبعاً) كسوناطراك والجوية الجزائرية على سبيل المثال!

    سبب هذه اللامبالاة راجع إلى كون معامل الإنسان في معادلة التنمية في مفهوم الدولة الجزائرية منعدم. الدولة الجزائرية لديها البترول...ولديها la planche à billets إذا انخفض سعره.

    إذن، فليُضرب الطلبة والأساتذة والأطباء..والعصافير والصراصير .......كل ذلك سيان !

  • الطيب ـ 2 ـ

    و كيف لمطالب بسيطة كهذه تتحول إلى مشكل وطني حقيقي و عويص !؟ 1 ـ بأي حق يُحرم الطالب من مواصلة دراسته و تعليمه العالي !؟ 2 ـ إذا خصصت الحكومة أموالاً طائلة لتكوين أساتذة لأطوار التعليم فآليًا التوظيف فيها من حقهم و الأولوية لهم و من مصلحة الحكومة وجود أستاذ تكّون مسبقًا في المدارس العليا للتخلص من الكثير من المشاكل التي تعاني منها المنظومة التربوية . 3 ـ بأي حق يُفرض على أستاذ تعيينه بعيدا عن مقر سكناه بمئات الكيلومترات !؟ الذنب ليس ذنبه ...الذنب على الذي لم يخطط أو لا يفهم في التخطيط ..

  • الطيب ـ 1 ـ

    المسألة يا أستاذ هي الإرتجالية و غياب الدقة في المعطيات و غياب النظرة الاستشرافية بعيدة المدى و هذا الذي نعاني منه في الحقيقة في كل القطاعات و كما يُقال بالعامية " نباتو على راي و نصبحو على راي خلاف !"
    لماذا لا تكون لنا رؤية دقيقة آنية و أخرى للمستقبل المتوسط و البعيد لاحتياجات كل ولاية بحيث تشمل كل التفاصيل عنها لنعرف ماذا نصنع !؟ و قضية المدارس العليا و التعليم ككل يدخل في هذا الإطار ...