المدرِّبُ الأجنبي في البطولة الجزائرية

مع مطلع كل موسم كروي، يتهافت رؤساء الأندية المحترفة في الجزائر، على جلب مدربين أجانب، بمبالغ مالية كبيرة ومنحهم كل إمكانات النجاح، على غرار جلب لاعبين بأموال كبيرة، ومعسكرات إعدادية خارج الوطن، وظروف عمل مميزة، لكن التقني القادم من وراء البحار يفشل في مهمته، ويقال لإرضاء الشارع الكروي، ويأخذ أمواله كاملة وفق العقد المبرم بين الطرفين… وكم من تقنيين أجانب عملوا كل ما في وسعهم لإقالتهم في ظرف قصير، حتى يأخذوا كل أموالهم، مثلما حدث في السنتين الماضيتين مع أحدهم؛ إذ نال كل مستحقاته التي فاقت سبعة ملايير سنتيم، من دون إجراء حصة تدريبية واحدة للفريق!
المتتبِّع للشأن الرياضي في الجزائر، يكون قد لاحظ أن أغلب المدربين الأجانب الذين قدِموا إلى البطولة الوطنية لم يقدِّموا الإضافة المرجوَّة منهم، حتى إن أغلبهم لا يعمل إلا في الجزائر، فمباشرة بعد تنحيته ومغادرته بطولتنا المحلية، يعود إلى وطنه، ويبقى ينتظر عقدا جديدا من بطولة ألفها وحفظها عن ظهر قلب، وينال مبتغاه، بسبب مسيِّرين همّهم الوحيد إسكات الشارع الكروي… كل أندية المحترف الأول، هذا الموسم، أقدمت على إقالة مدربيها، سواء الأجانب أم حتى المحليين، ما عدا فريقا واحدا، وهو شباب قسنطينة، الذي- رغم المشاكل والضغوط- بقي متمسِّكا بالمدرِّب، خير الدين مضوي، الذي تمكَّن من إدخال الفريق التاريخ، بتأهيله لنصف نهائي كأس “الكاف”، بعد إقصائه اتحاد العاصمة الذي يشرف عليه مدرِّبٌ برازيلي، لم يتمكن من إيصال سفينة الاتحاد إلى برّ الأمان.
تأهُّلُ فريق شباب قسنطينة لنصف نهائي كأس “الكاف” بمدرِّب محلي، هو ابن مدينة سطيف خير الدين مضوي، المتوَّج مع النسر السطايفي سنة 2014 برابطة الأبطال الإفريقية، هو صفعة لكل رؤساء الأندية الذين يفضّلون استقدام “الخواجة”.. فمدربون، مثل مضوي ودزيري وزغدود وآيت جودي وشريف الوزاني… وغيرهم، يستطيعون تحقيق نتائج إيجابية مع فرقهم، لو تُمنح لهم الإمكانات ذاتها التي تُمنح للأجانب، ووضعهم في أحسن الظروف، ومحاسبتهم في نهاية الموسم الكروي، وليس إقالتهم في الجولات الأولى من المنافسة المحلية بحجة سوء النتائج، وطريقة لعب لا تعجب، ومستوى رديء، وغيرها من الحجج التي يقدِّمونها للمناصر البسيط، الذي يحلم دائما بالفرحة نهاية الموسم.
وإذا كان الاتحاد الجزائري يرغم الأندية على جلب مدربين اثنين فقط كل موسم كروي، إلا أن هذه القاعدة لم ولن تطبَّق ما دام هناك مسيِّرون يضربون بالقوانين عرض الحائط، حتى إن هناك أندية استهلكت أربعة مدربين في موسم واحد، والعدد مرشحٌ للارتفاع ما دامت سياسة اللاعقاب غائبة من طرف المسؤولين الذين يسنّون قوانين من دون متابعة تطبيقها على أرض الواقع.
لا نرى جدوى تماما من جلب مدربين أجانب مستواهم متقارب مع المدربين المحليين، فالذي قام به مضوي يعدّ درسا لكل المسؤولين على الأندية المجبرين مستقبلا على العمل مع الإطار المحلي. ولا مانع من جلب مدرِّب أجنبي يكون أحسن من الجزائري، حتى تستفيد منه الكرة الجزائرية.