-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المرأة.. الشجرة التي تغطّي الجزائر!

المرأة.. الشجرة التي تغطّي الجزائر!

احتضنت الجزائر بداية الأسبوع ندوة دولية حول ترقية المشاركة السياسية للمرأة، حرصت على إبراز تكريس الدولة لإجراءات دستورية وقانونية، جعلت المرأةَ الجزائرية طرفا موجودا في الهيئات المنتخَبة برلمانيّا ومحليا، وبمستوى ريادي في الوطن العربي!
يبدو أنّ إدماج المرأة في الحياة السياسية “عُنوة” صار هو الحصيلة الوحيدة التي تباهي بها السلطات العموميّة في بلادنا نظراءها عبر العالم، وفي مقدمتهم الدول الغربية؛ إذ ترفع حصاد التأنيث كراية نصر في وجه كل المنظمات والتقارير الدولية التي تلاحق الجزائر بمؤشّرات جدّ سلبية، في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
للأسف الشديد، فإنّ زحف الجنس اللطيف على المجالس المنتخَبة، وبغضّ النظر عن تحفظات الكثير بشأن طريقته ومستواه وحقيقته، فهو لا يعكس إطلاقا المسار الطبيعي للتطور الشامل في البلاد، بل على العكس من ذلك تماما، ربّما يُراد بالترويج المفرط لنتائجه الرقميّة أن يصبح مثل الشجرة التي تغطيّ كل عيوب الوطن!
ما قيمة اقتحام المرأة لمشهد سياسي مؤسساتي مطعون في شرعيته الانتخابية أصلا؟ وما جدوى حضورها في هيئات منتخَبة لا أثر لها في صناعة القرار وممارسة الرقابة والتشريع وحتّى التسيير المحلّي أحيانا، طالما أن السلطة شبه مطلقة للإدارة؟!
أم أنهم يريدون فقط، برفع تعداد الإناث داخل المجالس التمثيلية، استكمال تزيين الواجهة المزيّفة للديمقراطية، وتأنيس المنتخبين في وُحشة الأحاديّة المتعدّدة؟!
وإذا جاز أنّ المرأة في الجزائر قد حصّلت مكاسب معتبرة ومواقع متقدمة في المؤسسات المنتخبة، فهي لا تترجم أبدا تأثيرها الحزبي ومكانتها الفعليّة في الواقع السياسي، لأنها تتحرك في مشهد عام مفبرك، تتمّ صناعة فواعله من “القراقوز” على مقاس السلطة الحاكمة، ولا تعدو أن تكون تلك المرأة المنتخَبة سوى جزءٍ من ذلك المظهر الخدّاع!
وحتّى لا نُتّهم بمعاداة المساواة بين الجنسين، فإنّنا سنسلّم بالنصر السياسي المُبين للمرأة، وبتجربة الجزائر الفريدة من نوعها في العالم، لكن ذلك لن يحول أبدًا دون التساؤل المشروع: هل الأرقام المؤنثة، على صعيد البرلمان والهيئات المحليّة التي نفاخر بها في كل محفل، تنفع في دحض الأرقام الفلكية لتفشيّ الفساد، و”الحرقة” والانتحار والطلاق والخُلع والعنوسة والبطالة والتسرُّب المدرسي والرسوب الجامعي والتهرُّب الضريبي والتجارة الموازية والقروض البنكية المنهوبة والديون العمومية الضائعة والمشردين من دون مأوى والحالمين بالسكن في جزائر العزة والكرامة؟!
تمنّينا أن تتصّدر بلادُنا، وهي تملك كل مقومات النهوض والإنجاز، ريادة الأعمال والاستثمار والنمو الاقتصادي والاجتماعي والإنتاج الصناعي والفلاحي والخدمات السياحيّة والماليّة، ولمَ لا الابتكار العلمي والتكنولوجي… لكن خيبة الأمل كانت كبيرة بحصاد هزيل، جعل الجزائر تتذيّل قوائم الترتيب في كل تصنيفات المنجزات المعرفية والحقوقية والاجتماعية والمدنيّة، في حين يقفز اسمها “لامعا” في إحصاءات تنامي الظواهر السلبيّة الناخرة لأسس الدولة وكيانها المادي والمعنوي!
المطلوب هو أن ترافق المرأة شقيقها الرجل في معركة التغيير الشامل، وأن يصطفّا جنبًا إلى جنب في رهان التنمية المنشودة، وأن يلتحما معا ضدّ الجهل والتخلّف والفقر والتسلّط والاحتكار بكلّ ألوانه، من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا من الأجيال القادمة. ودون ذلك، ستبقى لغة الأرقام الموجَّهة للاستهلاك مجرّد لعبة تلهية لاستمرار الأمر الواقع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • نسيم

    فقط فرقة من المأجورين تحاول بشتى الوسائل "تطحين" المجتمع والمرأة عندهم وسيلة من الوسائل

  • متذمرة

    اشراك المراة في الحياة السياسية ماهو الا كذبة كبيرة تتستر وراءه الحكومة بمسؤوليها لان واقع المراة في عالم الشغل انها مظلومة من طرف المسؤولين و من طرف زملاءها الرجال .فالمسؤولين يعتبرون المراة شخصا معوقا تتوقف قدراته عند حد معين كونها امراة لذلك فهم يهمشونها و يضطهدونها حتى لو كانوا يتشدقون باشراكها في الحياة العملية .اما زملاؤها مشكلة الرجل الجزائري انه معقد من المراة هي غريمه في الحياة يتجاهل كل انواع الحقرة الممارسة من طرف الحكومة ليمسحها في المراة .لن يتطور مجتمعنا حتى تزول عقدة المراة من الاذهان و تعامل كشريك في المجتمع لا يميزه اي تكوين جسدي او شعوري .و تحقيق واحد في الميدان كفيل بكشف الا