المساس بالمسجد الأقصى هو مساس بعقيدة مليار مسلم

يتحدث الإعلامي الفلسطيني فايز نصار في هذا الحوار الذي خص به “الشروق” عن عديد الجوانب التي تخص الشأن الفلسطيني، وفي مقدمتها مساس جيش الكيان الإسرائيلي بحرمة المسجد الأقصى، وحادثة حرق الرضيع الفلسطيني من طرف مستوطنين متطرفين، كما قدم نظرة تقييمية بعد عام من العدوان الإسرائيلي على غزة، مشيرا أن صمود المقاومة هو الذي أرغم جيش الاحتلال الإسرائيلي على قبول الهدنة، وكشف فايز نصار عن علاقته العميقة والحميمية بالجزائر التي أقام فيها مدة 16 سنة كاملة، من خلال دراسته الجامعية، وممارسته التدريس والصحافة والتدريب، بشكل جعله متعلقا بعدة مدن جزائرية على غرار العاصمة وباتنة وسطيف وقسنطينة ومدينة أصهاره سيدي عقبة ببسكرة.
بداية، ما تعليقك على الممارسات الصهيونية الحاصلة بالمسجد الأقصى؟
أعتقد أن المساس بالمسجد الأقصى هو مساس بعقيدة مليار مسلم، ودولة الاحتلال مصرة على تأجيج الصراع في المنطقة، وتقودها إلى حرب ستحرق الأخضر واليابس.
كيف ذلك؟
المؤكد أن اعتداءات دولة الاحتلال على المسجد المقدس بما تسن من تشريعات تبيح للمحتلين استفزاز مشاعر المسلمين، وما يقوم به المستوطنون من أعمال عربدة بحماية جيش الاحتلال، والأهم ما تقوم به الدولة العبرية من محاولة تهويد المسجد من خلال الحفريات بجانبه، ومنع جماهير المسلمين من أبناء القدس وبقية المدن من أداء الشعائر الإسلامية في المسجد الأقصى.
ما هو الغرض العميق من دولة الاحتلال على ضوء انتهاك حرمة الأقصى؟
يبدو أن ما تمعن فيه دولة الاحتلال من اقتحامات للمسجد الأقصى، ما هو إلا دليل على أنها ماضية في مخططها لتدمير المسجد الأقصى بعد تقسيمه مكانياً وزمانياً، وإقامة الهيكل المزعوم، وهي بهذه التصرفات تعتبر نفسها فوق القوانين والتشريعات، ويشجعها على ذلك الصمت العربي الإسلامي، وسكوت المجتمع الدولي عنها في تصرفاتها ضد المؤسسات وعلى رأسها المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي الذي تمنع فيه دولة الاحتلال إقامة الآذان أكثر من 50 مرة شهرياً.
كيف تنظر إلى مستقبل هذه التطورات على ضوء الممارسات القائمة؟
إقدام الدولة المحتلة على إغلاق المسجد المبارك دلالة واضحة على أن الدولة المحتلة تتحدى حرية العبادة وتمنع المسلمين من أدائها، وإن تصرفاتها هذه المتمثلة في القتل والتدمير في المسجد الأقصى ما هي إلا بالونات اختبار لمعرفة موقف الأمة العربية الإسلامية تجاه ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى، ويتوحد الفلسطينيون في هباتهم لحماية قبلة المسلمين الأولى، ويهيب أبناء فلسطين بالمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه ذلك والضغط على المعتدين للكف عن تصرفاتهم المسعورة في القدس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي في الخليل.
الجميع أصيب بصدمة كبيرة مؤخرا بعد قتل الرضيع الفلسطيني علي دوابشة حرقا من مستوطنين متطرفين، كيف تصف لنا رد الفعل في فلسطين؟
ليست المرة الأولى التي يحرق فيها المحتلون أطفالا من فلسطين.. فقد حرق أبو خضير قبل أشهر، وهم من حرقوا أطفال قانا في لبنان، وأطفال مدرسة بحر البقر في مصر.. وهم من هدم البيوت وأحرق أطفال غزة قبل عام في حرب غير معهودة، المهم أن حرق الطفل علي كشف قناعا جديدا لحقيقة الصهيونية التي تتغذى من التلمود، ولعلها تكشف لمن تبقى من المتعلقين بسلام مفترض مع هذا العدو بأن التجربة الجزائرية يجب أن تكون النموذج لدحر هذا العدو السافل.
عام يمر على مجازر غزة، فماذا تقول في هذا الجانب؟
غزة الحبيبة تعرضت للعدوان مرارا.. ودمرت تكرارا، ولكن عدوان رمضان من السنة الماضية كان أكثر بشاعة من عدو لا يرحم، استغل انشغال الفلسطينيين بانقسامهم.. وانشغال أمة العرب بالجدل المسلح حول حقيقة الملائكة إن كانوا ذكرا أم أنثى، وقبل ذلك استغل انشغال العالم بإعادة ترتيب الخرائط السياسية والاقتصادية بما يخدم الاستعمار الجديد، الحمد لله أن غزة مازالت صابرة على قهر العدو، وعلى الأخ والصديق والشقيق في إعادة الإعمار… وتندب حظها، لأن هذا العدوان حصل في ظروف خاصة فرضها الانقسام غير البريء بما يقتضي أن نقف صفا واحدا لدحر الانقسام كإخوة أولى لتوحيد الصف.. والاستعداد للمعركة الكبرى مع الاحتلال الغاشم.
كيف تقيم مسيرة المقاومة طيلة فترة العدوان على غزة؟
المقاومة الفلسطينية نجحت هذه المرة على فرض التفوق في ميزان الرعب، وفرض نظرية لم يتعودها المحتل في حروبه السابقة، القتل بالقتل والقصف بالقصف، ولن نتحدث هنا عن فارق الخسائر، لأن العدو خسر ما يسمى بكرامة جيشه الذي لا يقهر، وخسر في معركة الحرب الأخلاقية، وخسر في الحرب الإعلامية، التي تمتع فيها إعلام المقاومة بالمصداقية، ما جرى في غزة يؤكد بالدليل أن الفاشيين يزيدون في إجرامهم كلما فلتوا من العقاب، ناهيك عن كونهم يزدادون تغولا وسادية بسبب الأوضاع غير المسبوقة التي يعيشها العرب والمسلمون.
كيف تفسر صمت الأنظمة العربية في تلك الفترة؟
لا استطيع التعليق على صمت الأنظمة العربية غير العربية إلا بالقول “حسبنا الله ونعم الوكيل”… لأن الـ500 طفل الذين استشهدوا في غزة لم يحركوا ضمير هذا العالم المتهود، أقسم أن الشرعية الدولية ستتحرك بقوة، وتشمر عن شرائعها لو قتل 500 حمار في بريطانيا، أو 2000 ديك رومي في كاليفورنيا، عندما تستفيد دولة الاحتلال من دعم أنظمة عربية محورية، وتلقى الدعم من دول عظمى، أظن أنها لا تعير اهتماما لرأي عام عربي أو دولي.. لأن الشارع يتحرك على مشاهد الدم، ثم سرعان ما يعود كل واحد إلى ممارسة حياته.
ما تعليقك على موجة التضامن التي ميزت الشعب الجزائري إزاء حرب غزة وجميع القضايا الفلسطينية؟
قضيت أجمل فترات عمري في الجزائر… وتعلمت من الجزائريين “النيف”، والحق أقول: أن شعب الجزائر جرب قسوة الاحتلال، وصمد في مواجهة جرائم الأطلسي.. وهو الآن وفي لمثله العليا التي تجعله أفضل من يحمي الفلسطينيين ولو بالكلمة الصادقة، والدعم الذي يصل رغم معوقات ذوي القربى، التحية للجزائر ثورة وقيادة وشعبا،، وصدق الراحل هواري بومدين عندما قال يوما: سيبقى استقلال الجزائر منقوصا حتى تستقل فلسطين.
ما رأيك في موقف الجماهير الجزائرية وكذا اللاعبين الذين تذكروا فلسطين في كأس العالم 2014؟
لا حديث هنا إلا عن نخوة نجوم المنتخب الجزائري.. الذين ضربوا أفضل الأمثلة بالتبرع من حر مكافآتهم لأهل غزة.. والأفضل ما قاله أحدهم اعتقد “إسلام سليماني”.. لا نريد تبرعات من أي شخص.. ادفعوا أموالكم لأهل غزة ردا على الفنانة إياها، بصراحة لا يقدر بثمن أن يرفع الجزائريون أعلام فلسطين في مختلف المحافل.. أنا أصغر فلسطيني.. وأقول: شكرا يا أحفاد مصطفى بن بولعيد والعقيد عميروش.