-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المسلمون والأرمن: حرب على هامش حاضر مرعب

المسلمون والأرمن: حرب على هامش حاضر مرعب
ح.م

حرب إقليمية في منطقة القوقاز ساحتها ناغورني قره باغ، تغذيها دول حالمة بالسيطرة على مفترق الطرق الأوروبية – الأسيوية.

حرب تشتعل في ملتقى غرب آسيا وشرق أوروبا، دينية أو عرقية، لا فرق في تسميتها، فهي حرب نزاع جغرافي متوارث، تخوضه أطراف إقليمية ترى لها الحق في أرض عادت لطبيعتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وحققت مبدأ الانتماء لعنصرها العرقي – الديني في دولتي أرمينيا وأذربيجان.

حرب عنيفة بدأت تحصد ضحاياها اشتعلت بين أرمينيا وأذربيجان في حاضر راهن تتراكم فيه الأزمات من آسيا إلى أوروبا فإفريقيا، هدفها الهيمنة على الإقليم الجبلي ناغورني قره باغ الذي يشكل جزء من جنوب القوقاز.

كان إقليم ناغورني قره باغ بمساحته البالغة “4.800 كم” ملتقى الإمبراطوريات الروسية الفارسية العثمانية المنهارة، الذي شهد حروبا على مر التاريخ، أدت إلى تنوع تركيبته السكانية، وضمت الأرمن والأذريين، بأغلبية أرمينية تتبع كنيسة الأرمن الأرثوذكس.

أضحى إقليم ناغورني قره باغ عقدة جغرافية – سكانية، ودولة محاصرة في شرق أوروبا، لم يعترف بها، تبعد عن العاصمة الأذربيجانية 170 ميلا، وقريبة جدا من الحدود مع أرمينيا، تثير شهية الحروب المتجددة بين أرمينيا وأذربيجان، تغذيها أطراف إقليمية لها أهدافها بعيدة المدى.

الصراع الأرميني – الأذري انطلق منذ قرن تقريبا، وتعود جذوره إلى 1921 عندما ألحقت ضم الاتحاد السوفيتي “سابقا” هذا الأقليم لأراضي أذربيجان، وفي عام 1991، أعلن استقلاله من جانب واحد بدعم أرمينيا، وهو ما تسبب حينها بحرب راح ضحيتها 30 ألف قتيل، وتوقفت بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 1994.

وتجددت الاشتباكات عام 2016 بشكل دام في ناغورني قره باغ، وكادت تتحول إلى حرب شاملة بين الطرفين، قتل فيها 100 شخص من الجانبين.

تسعى أرمينيا التي تسيطر على المنطقة المتنازع عليها، المحافظة على الوضع الجغرافي القائم، أما أذربيجان الغنية بموارد الطاقة والتي يتخطى إنفاقها العسكري موازنة أرمينيا برمتها، فتسعى لاستعادة السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ بالقوة العسكرية.

اعتبرت أرمينيا التحرك العسكري الأذري بـ”إعلان الحرب” على شعبها، الأمر الذي دعا رئيس الوزراء الأرميني إلى شحذ همم الشعب للوقوف بـ “حزم خلف دولتنا وجيشنا وسننتصر”، معلنا التعبئة العامة والأحكام العرفية لمواجهة أذربيجان.

بدأت هذه الحرب، بتبادل الاتهام بشن هجوم على الحدود المشتركة، والتي تسببت بسقوط قتيلين و5 جرحى من القوات الأذرية، وجاءت بعد تصريحات للرئيس الأذري إلهام علييف،  هدد فيها بالانسحاب من محادثات السلام حول قره باغ، واعتبر أن لبلاده الحق في السعي “إلى حل عسكري للنزاع”.

هي حرب إقليمية إذن بين أرمينيا وأذربيجان للسيطرة على إقليم جبلي، حرب بين بلدين في شكلها الظاهر، تشتعل في منطقة القوقاز، بين عدد من الدولة من أجل السيطرة على منطقة يصفها علم الجغرافيا بانها ” بوابة آسيا نحو أوروبا” يتجلى فيها حضور إيران وتركيا وروسيا وأمريكا.

تؤيد روسيا وتدعم أرمينيا، فهي ترى أن فقدان أرمينيا يعني فقدان موسكو بعض مناطق الاتحاد السوفيتي السابق، والتي لازالت تملك تأثيرا عليها رغم الاستقلال، مما يفقدها  تأثيرها في منطقة القوقاز، وهي تسعى لإدامة الحرب الأذرية – الأرمينية لضمان استمرار بيع الأسلحة للطرفين المتحاربين.

الولايات المتحدة الأمريكية، وقفت على الحياد الظاهر، رغم موقفها الجوهري في وقف امتداد مناطق النفوذ الروسي، واكتفت بالدعوة لمنع أي تدخلات خارجية في الحرب الأرمينية – الأذرية.

روسيا لن تتخلى عن أرمينيا الحليف الإستراتيجي والإقتصادي، الذي فتح أراضيه لبناء قاعدة عسكرية متطورة، فضلا عن امتلاكها نحو 40% من الاستثمارات الأجنبية فيها.

أما تركيا فلم تدخر وقتا وهي تعلن دعمها الكامل لمسلمي أذربيجان، تدخل من خلاله القوقاز وترسخ حضورها، وسط أنباء غير مؤكدة عن إرسال مرتزقة سوريين إلى منطقة الحرب، التي ترث صراعا تاريخيا بين أرمينيا وتركيا، وعلاقات حميمية أذرية تركية يغذيها الأذريون من عرق تركي.

تعيد أرمينيا وهي تدعو لإبعاد أنقرة من دائرة الحرب القائمة في القوقاز، إلى الأذهان قضية الإبادة الأرمينية على يد العثمانيين، وتجدد مطالبة تركيا الاعتراف بها.

إيران التي تعد المسلمين “الشيعة” رعايا إيرانيين تتحمل مسؤولية حمايتهم، تتخلى عن أذربيجان بمسلميها، وتقف مع أرمينيا صراحة، غير آبهة بالروابط العرقية والدينية والثقافية  بين البلدين، حيث ينتمي ما يقرب من ثلث الإيرانيين إلى العرق الأذري، كما أن أغلبية الشعب الأذري يدينون بالمذهب الشيعي، ويتبعون مراجع دينية في قم وتبريز.

تسعى طهران لإضعاف أذربيجان قدر الإمكان، متخلية عن معتنقي المذهب الشيعي، خوفا من إحياء الأقلية الأذرية في إيران بإحياء المزيد من الحقوق أو الانضمام إلى دولتهم، وحفاظا على العلاقات الاقتصادية المتطورة بين أرمينيا وإيران.

مازال حلم الإمبراطورية الفارسية يراود العقل الإيراني في كل أزمة إقليمية تثار، فطهران تعتبر أذربيجان المطلة على بحر قزوين الذي يعتبر مخزنًا غنيًا بالنفط والغا، وسكانها الـ10 ملايين جزءاً من إيران وأنها تتبع لـ”محافظة أذربيجان الإيرانية”، أمام رفض باكو التبعية لنظام “ولاية الفقيه”.

وإذ تتصاعد الحرب بالكشف عن القوى الداعمة لها وفقا لخططها الإستراتيجية، فان “الكيان الإسرائيلي” هو الأقرب الذي يتسلل عبر الفوارق الدينية والعرقية، لاستثمارها في ضمان موطئ قدم في بوابة أسيا نحو أوروبا .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مواطن جزائري

    تحليلك لا يستند إلى معطيات تاريخية .تلك المنطقة كانت تابعة للخلافة العثمانية وما وجود أرمينيا إلا لعزل تركيا عن آسيا الوسطى التي يعتبر شعبها من العرق التركي وحتى لا تعود الدولة العثمانية مرة أخرى و تشكل تهديد.إقليم قره باغ أنشأه الإتحاد السوفياتي وهجر إليه سكان من العرق الأرميني لتكريس سياسة فرق تسد و الوصاية على المنطقة .إن رئيس وزراء أرمينيا صرح مؤخرابأن الإقليم ليس أرمينيا بل هو آذاري.

  • محفوظ

    ......ذكرت عبارة "الإبادة الأرمنية", وهذه فيها نظر....هل تعلم أن الصهاينة في مؤتمر بال 1897 وضعوا خُطط لتدمير الدولة العثمانية بما فيها التأمر الداخلي....الأرمن كانوا سكان الدولة العثمانية ولكن تأسست منهم مجموعات ودخلت في حملات عنف قصد البلبة وتحطيم الخلافة...السلاح كان يأتي من روسيا والخطط من الصهاينة....