المشاركة الشبانية في الحياة السياسية بالجزائر
الشباب عماد المستقبل، وقوة الدفع بالمجتمع إلى ما هو أفضل من خلال التغيير وحسن التسيير والتدبير. وفي أي عمل وطني لابد من إشراك الشباب فيه سواء بإرادته أو بتحفيزه وتحسيسه من أجل الاهتمام بالشأن العمومي، فإذا لم يكن بالإمكان الاستغناء عن ذوي الكفاءة والخبرة من الكبار، فإنه لا يمكن إهمال الطاقات الشبانية الخلاقة في المشاركة الفعالة في البناء الوطني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ذلك أن قوة الإرادة والعزيمة والحيوية والاندفاع والطموح كلها عوامل ومؤهلات تجعل من الشباب القوة الفعالة للدفع بالمجتمع إلى الرقي والعلا من خلال المشاركة السياسية ومنها وصولا إلى مواقع المسؤولية وصنع القرار.
ومن أهم المشاركات هي تلك المتعلقة بالانتخابات عبر مراحلها طبيعتها .
ولعلّ من الأهمية التذكير هنا بدور الشباب الجزائري في الحياة السياسية خلال الحركة الوطنية وأثناء الثورة التحريرية، إذ أن جل مفجريها وقادتها كانوا من خريجي الأحزاب الوطنية آنذاك مثل حزب الشعب الجزائري وحزب البيان وحزب انتصار الحريات الديموقراطية الخ… وهم في ريعان الشباب أمثال: ابن مهيدي، ابن بولعيد، زيغود يوسف، عميروش، سي الحواس، لطفي… وغيرهم من الشهداء، وقد واصل رفاقهم الشباب الثورة وكتب لهم أن يعيشوا الاستقلال أمثال بومدين وبوصوف وبيطاط وبوضياف الخ.. ليخوضوا الجهاد الأكبر وهو بناء الدولة الجزائرية من العدم وبقوة الإرادة والإيمان وعزيمة الشباب .
أما شباب جيل الاستقلال فقد سعت الدولة إلى هيكلته وتنظيمه وتعبئته بالروح الوطنية النضالية لاستلام مقاليد مختلف المواقع والمناصب في الدولة، وذلك في أول تنظيم شباني وهو شبيبة جبهة التحرير الوطني JFLN والمنظمات الطلابية (رئيس حركة البناء ابن قرينة) مختلف التنظيميات الجماهيرية النقابات العمالية وأغلبهم شباب، كانت مشاركتهم في مختلف المواعيد الوطنية الكبرى مثل: التطوع في إطار الثورة الزراعية والطب المجاني والتطعيم والتشجير والخدمة الوطنية وخلال المواعيد الانتخابية والاستفتاءات.
أمام ذلك فقد كان من الطبيعي أن تتخرج من تلك الجحافل الشبابية كفاءات وإطارات وطنية أطرت البلاد ومنهم: الأستاذ والطبيب والممرض والمهندس والتقني والوزير ورئيس البلدية والوالي والسفير والنائب البرلماني ومدير الجامعة ومديري المركّبات الاقتصادية الكبرى…
مجالات اهتمام الدولة بشبابها
كانت الدولة وستظل تأخذ بيد الشباب الجزائري من أجل حمله على الانخراط في العمل الوطني السياسي مبكرا مع ضمان شروط الارتقاء به علما وتكوين لضمان مستقبله، يتجلى هذا الاهتمام فيما يلي بإيجاز وجيز.
-1 دسترة النشاط الشباني في دستور 2020 من خلال إنشاء المجلس الأعلى للشباب وتنصيبه ومنحه الوسائل وإمكانات العمل، والإصغاء لآرائه وتحليلاته واقتراحاته .
-2 إعطاء أهمية خاصة للكشافة الإسلامية الجزائرية باعتبارها مدرسة الوطنية والاستقامة. وجلها من فئة الأشبال والشباب.
-3 إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني دستوريا وتنصيبه وتمكينه من أدوات العمل والإصغاء له كقوة مبادرة واقتراح. علما أن نسبة عالية من تركيبته البشرية من فئة الشباب.
-4 إعطاء أهمية خاصة للتنظيمات الطلابية في الأسرة الجامعية واعتبارها محاورا أساسيا في كل ما يرتبط بالحياة الجامعية .
5- تشجيع الحركة الجمعوية الواسعة محليا ووطنيا واعتبارها طرفا فاعلا في مفهوم الديموقراطية التشاركية، علما أن أغلب الجمعيات ذات طابع شباني.
6- الاجتهاد في إيجاد صيغ التشغيل للشباب من خلال الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب والمشاريع المصغرة (ستارتاب).
7- إعطائهم حصصا في السكنات الاجتماعية والتحصيصات وفي إعداد القوائم الانتخابية، إذ نجد اليوم البرلمان والمجالس المنتخبة المحلية تعج بالشباب ذكورا وإناثا.
8- وضعهم دوريا في الصورة من خلال حملات التوعية والتوجيه حول الرهانات والتحديات التي تواجه بلادهم محليا وإقليميا ودوليا.
9- ملايين الطلبة الجامعيين اغلبهم يتمتعون بمنحة وغرفة في الإقامة الجامعية وأحيانا مِنح للدراسة المتخصصة في الخارج .
الانخراط في الحياة السياسية
قلنا إن الشباب هو عماد الأمة ومستقبلها، وإذا كانت الدولة قد عملت على ضمان ما أمكن من شروط اندماج وانخراط الشباب في الحياة العمومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فإنه يتحتم على النخبة الشبانية أن تُظهر حسن الإرادة والعزيمة لمواصلة عملية البناء والتشييد وإعلاء صوت الجزائر محليا ودوليا والتصدي لأعدائها داخليا وخارجيا .
بالإضافة إلى التسلح بالعلم والمعرفة والتكوين العالي في مختلف المجالات التقنية والمعرفية، فإن الانخراط في العمل السياسي يبقى من أهم الميادين التي يجب على الشباب أن يقتحمها بقوة لأنه من خلاله سيمكّن البلاد من خلق مشتلة من الكفاءات والإطارات القادرة على تبوُّء المواقع والمناصب في دواليب الدولة .
وبالإضافة إلى التسلح بالعلم والمعرفة والتكوين العالي في مختلف المجالات التقنية والمعرفية، فإن الانخراط في العمل السياسي يبقى من أهم الميادين التي يجب على الشباب أن يقتحمها بقوة لأنه من خلاله سيمكّن البلاد من خلق مشتلة من الكفاءات والإطارات القادرة على تبوُّء المواقع والمناصب في دواليب الدولة .
ومن هنا نرى أنه على شبابنا اقتحام الحياة العمومية من خلال ما يلي:
1- الانخراط في الأحزاب السياسية وتسلُّق المهام النضالية القيادية فيها والاستعداد للترشح في المجالس المحلية والوطنية من خلالها.
2- الانخراط في العمل النقابي النضالي للتوعية العمالية والدفاع عن الطبقة الشغيلة عند تغوُّل أرباب العمل أو لا مبالاة السلطات العمومية .
3- اقتحام عالم الحركة الجمعوية وتنشيطها من خلال المنتديات والملتقيات والمحاضرات والتجمعات الثقافية والرياضية.
4- الانخراط في أي عمل وطني مثل المواعيد الانتخابية والاستفتاءات والحملات التطوعية ذات المنفعة العامة.
5- الاقلاع عن مواقف اللامبالاة وعدم الاكتراث بالحياة العمومية بالوقوف موقف المتفرج فيها متأثرين بالخطابات العدمية السلبية التيئيسية المحبِطة للإرادات والعزائم.
6- حسن توظيف الثورة المعلوماتية واستغلالها لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة قضايا الوطن والأمة والتصدي للأعداء في الداخل والخارج.
وبذلك يشكل شبابنا الحصن والجدار المنيعين لهذا الوطن .
دور الشباب في المواعيد الانتخابية
المواعيد الانتخابية هي مواعيد حضارية ديمقراطية فيها تتحد المعالم المستقبلية للأمة من خلال برامج المترشحين في مختلف الاستحقاقات المحلية أو البرلمانية والرئاسية وحتى الاستفتاءات على الدستور أو غيره.
ولأننا مقبلون في 7 سبتمبر المقبل على الرئاسيات، فإنه من الأهمية بمكان تذكير شبابنا بأهم الأدوار الواجب القيام بها لإنجاح هذا الموعد وإعطائه المصداقية وطنيا ودوليا والشرعية لمن يحظى بتزكية الناخب الجزائري لقيادة البلاد لخمس سنوات قادمة. يمكن الإتيان على ذكر أهم محاور العمل الشباني على سبيل المثال لا الحصر وذاك كالتالي:
1- التجند للتحسيس والتوعية وتحفيز المواطن على المشاركة الواسعة في التصويت بصرف النظر عن اختياره لهذا المترشح أو ذلك وهذا البرنامج دون ذاك .
2- إبراز التحديات والرهانات الكبرى التي تواجهنا داخليا وإقليميا ودوليا وضرورة الالتحام والالتفاف حول مؤسساتنا السيادية وقيادتنا لضمان أمننا واستقرارنا ووحدتنا.
3- انخراط الشباب في البعد الانتخابي بداية من خلال المبادرة في التسجيل في القوائم الانتخابية والتحسيس والتحفيز لدى المواطنين للتسجيل باعتباره واجبا وطنيا قانونا.
4- السهر على التصدي لإشكالية العزوف الانتخابي بالعمل بشتى الطرق والوسائل المتاحة، والتوعية والتحفيز والتحسيس بأهمية العملية الانتخابية كأسلوب حضاري لحكم الشعب بنفسه بإعطاء صوته لمن يرى فيه الخير لخدمة الله والوطن.
5- تكثيف الاتصالات اللقاءات المباشرة في الأحياء والقرى والمداشر وفي المنتديات وحتى في المخيمات الصيفية للشرح والتحسيس.
6- المساهمة المباشرة في سير العمليات الانتخابية بتولي الإشراف الرسمي على المراكز والمكاتب الانتخابية تطبيقا للقانون الانتخابي ونصوصه التنظيمية بمجرد التسخير القانوني، كما يمكن للشباب المتطوعين أن يسهروا على مراقبة العمليات الانتخابية في المكاتب تمثيلا لأحزابهم ومرشحيهم، فالشاب هو القادر جسديا وفكريا على المكوث ساعات طويلة في مراقبة الصناديق.
7- المبادرة إلى إقامة منتديات ولقاءات فكرية وعلمية لدراسة ظاهرة العزوف، وأسبابه وعلاجاته الممكنة، وإبداء التوصيات والتوجيهات والاقتراحات على أن تبلَّغ للسلطات العمومية المركزية للاستفادة منها.
8- إقناع الشباب والمواطنين، بأنهم قادوا الحراك بالأمس وعليهم أن يحموا اليوم أهدافه ويقطفوا ثماره بدل المتطفلين المتسلقين والانتهازيين، وذلك بالحضور والمشاركة الفعالة في المواعيد الانتخابية.
9- اقتحام وسائل الإعلام المختلفة العمومية والخاصة الورقية والالكترونية والسمعية البصرية وخاصة التواصل الاجتماعي، وذلك لمزيد من التوعية وتحفيز للناخب بأن صوته أمانة ولابد أن يؤديها بصدق وعدم الاستكانة واللامبالاة إزاء قضايا مصيرية للأمة والوطن.
10- التصدي بقوة وبكل الوسائل لأبواق التيئيس والتشكيك المأمورة المجاورة من الخارج، والكشف والتبليغ عن مظاهر التلاعب بأيّ مرحلة من المراحل الانتخابية.