-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المصالحة الخليجية.. مشاوراتٌ لم تنته

المصالحة الخليجية.. مشاوراتٌ لم تنته

من هنا بدأ الخلاف الخليجي، بنهاية التوافق التقليدي على موقف تجمُّع إقليمي يلتقي في التطلعات، والنظر إلى القضايا العربية والدولية، رغم بروز خلافات سرعان ما يتم احتواؤُها، من أجل الإبقاء على مسار سياسي موحَّد.

محورٌ تقليدي خليجي، أخذ بالتفكك شيئا فشيئا، في ظل متغيرات دولية وإقليمه كبرى، شتت المصالح المشترَكة، وركن كل طرف في زاوية مصالح قطرية ضيقة، له طموحاته في أداء دور محوري منعزل دون حساب المؤثرات على سلامة الأمن الإقليمي ووحدته.

ظهرت دولة قطر في محور إقليمي مغاير على نحو مفاجئ، بينما تحتضن أراضيها مركز قيادة العمليات العسكرية الأمريكية، ونسَّقت مواقفها المتوازنة نسبيا بين تركيا وإيران، على حساب علاقاتها في محيط دول الخليج العربي، وفرضت على نفسها إيواء ودعم التنظيمات الإسلامية، ولعب دور الوسيط بين حركة حماس و”إسرائيل”، وتأمين ميزانية الإنفاق في قطاع غزة.

اختارت سلطنة عمان منذ البدء سياسة العزلة للنأي بنفسها من دائرة الصراعات الإقليمية، وضمان أمنها القومي وفق إبعاد سياستها المرسومة، دون الإخلال بقواعد علاقاتها التقليدية مع دول مجلس التعاون الخليجي.

اتخذت دولة الكويت نهجا متكاملا في سياساتها الخارجية، واعتمدت ترتيبات دفاعية مع بريطانيا وروسيا وفرنسا، فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الإستراتيجي المتواجد عسكريا في أراضيها، وحافظت على علاقاتها المتوازنة مع تركيا وإيران دون الانخراط في مشاريعهما الإقليمية، وظلت بمثابة العنصر المتوازن في العلاقات ما بين دول مجلس التعاون الخليجي.

رأت مملكة البحرين قوتها في موقف سياسي معتدل، إقليميا ودوليا، والتزمت نهج التوافق في إطار مجلس التعاون الخليجي، وسياسة التكامل الأمني مع المملكة العربية السعودية، وتسعى جاهدة لاحتواء خلافاتها الحدودية مع دولة قطر، وتتخذ إجراءاتها وفق ما تشعر به من خطر إيراني يهددها.

انطلقت دولة الإمارات المتحدة في سياستها الخارجية الحديثة، من موقعها الإستراتيجي، بحدودها المطلة على الخليج العربي، والمحيط الهندي المتاخم لمضيق جبل عمان “هرمز”، وأهَّلتها ثروتُها النفطية الهائلة إلى لعب دور أمني وسياسي في منطقة الشرق الأوسط، بما جعلها تلعب دورا محوريا منفردا، بعيدا عن المقيِّدات السياسية التي يفرضها مجلسُ التعاون الخليجي، وأخذت موقف الند المتصارع مع طموحات تركيا وإيران.

متغيرات كبرى تشهدها سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية في المرحلة الراهنة، في ضوء الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والعالم، سياسة تجاوزت بحجمها ومهامها دور مجلس التعاون الخليجي الفاقد الآن لوحدته التقليدية، واعتمدت إستراتيجية جديدة في مواجهة الاضطرابات التي يشهدها العالمُ العربي، وتحديات المشاريع الإقليمية المناوئة بتعزيز التحالفات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإسنادها بمحور عربي – خليجي يضمّ مصر والأردن والإمارات والبحرين.

معطيات واقع معقد، تحكمه علاقات أشد تعقيدا، مقيدة بخيارات لا يمكن التحرر منها، من أجل وحدة خليجية تكاد تفقد شروط وجودها، بتنوُّع طموح واختلاف مصالح أطرافها، والمصالحة المعلنة في قمة مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض خطوة بالاتجاه الصحيح، لم تكتمل مشاوراتها بعد، وطريقها مازال طويلا، رغم السماح بفتح الأجواء التي تقرِّب المسافات الجغرافية الفاصلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!