المعامرية..المهر بتسعين سنتيما ولازواج الا ببركة الولي الصالح
رغم التطور الذي وصلت إليه البشرية في شتى المجالات، إلا أن الكثير من العادات والتقاليد لازالت قائمة إلى يومنا هذا سواء تعلق ذلك بأمور الحياة اليومية أو بالحياة العامة للكثير من الشعوب والأمم ولكل منطقة من مناطق وطننا الشاسع عادات وتقاليد في كيفية الزواج كما في تحضير الاحتفالات أيضا، فلسكان بعض تلك المناطق عادات وتقاليد غريبة جدا في تحضير مراسيم الزواج تجمع بين ما هو معقول وما هو عجيب كما هو الحال بمنطقة المعامرية بولاية غليزان.واضح نور الدين
فسكان هذه المنطقة الواقعة ببلدية لحلاف في نواحي عمي موسى بولاية غليزان والتي تعود تسميتها نسبة للولي الصالح سيدي معمر أحد شيوخ المنطقة على حد اعتقاد أهل المنطقة، عادات وتقاليد خاصة في الزواج لها صلة مباشرة بالولي الصالح، ويعتقد أهل المنطقة أن من يخالف توصياته وأوامره فسيلحقه الشر وغضب الولي.
ومن عادات الزواج بالمعامرية، أنه بإمكان الشاب غير المقتدر أن يتزوج بدفع مهر لا يفوق 90 سنتيما، وما يزيد في غرابة الزواج بهذه المنطقة هي تلك الحكايات التي لا تصدق والتي ألف سكان المنطقة القيام بها والترويج لها عند زواج أحدهم وهي أن العريس يكتفي ويقوم بتقبيل الولي الصالح وهي من العادات التي ترويها إحدى عجائز المعامرية، حيث أن العادة لازالت متبعة لحد الآن برغم مرور السنين وغلاء مستلزمات الزواج، والويل لمن خالف هذه العادة. كما أن الأساليب التقليدية لازالت سائدة لدى تزويج الأبناء، حيث أن العريس أو الزوج لا يلتقي بعروسه إلا ليلة الدخلة والقليل القليل من الشباب من يسعفه الحظ في التعرف على شريكة حياته قبل الزفاف.
ومع بلوغ الشاب، حيث يصبح قادرا على ضمان وتأمين قوته، يتجه والده أو وليّه رفقة بعض الأقارب إلى خادم الولي الصالح سيدي معمر ويعرض عليه فكرة تزويج ابنه وبأنه عازم على إتمام عادة وتوصية الولي الصالح، فينصحه الخادم بالتوجه إلى العائلة ويسميها له على أساس أن لها شيئا بنتا تريد تزوجيها، طبعا هذه الخدمة مقابل صدقة لخادم الولي الصالح الذي يكون على علم مسبق بأن الفتاة في سن الزواج. وعملا بكلامه، الذي يكاد يكون أمرا، يتجه الراغب في الزواج إلى العائلة المذكورة حاملا معه رسالة من الخادم وتعتبر تلك الرسالة بمثابة أمر لا يعصى، لتتفق العائلتان بعد ذلك على مراسيم الخطبة والزواج كما هو معمول به لدى عائلات المنطقة ومختلف الأسر الجزائرية، وفي حالة الاتفاق على الارتباط يقدم أهل العريسين مكافأة لخادم الولي الصالح على دعواته بأن تزرع المودة والمحبة بين العائلتين، هذه المكافأة تتمثل في مبالغ مالية وألبسة، ويتم تحديد مهر العروس بمنطقة المعامرية بـ90 سنتيما فقط وكل من يخالف هذه العادة فقد ظلم نفسه.
وباستلام المهر من أهل العريس تعتبر العروس حلالا على ابنه لتشرع العائلتان بعد هذا في تحضير مستلزمات الزواج وإجراءاته، والتي كثيرا ما تترك على عاتق أب العريس.
ومن الغرائب والبدع التي يتشبث بها سكان منطقة المعامرية، هي اعتقادهم أن كل من خالف عادة أهل المنطقة يصاب بمكروه ويغضب عليه الولي غضبا شديدا ولا يسامحه إلا إذا عاد إلى رشده! ولتخويف كل من تسوّل له نفسه مخالفة هذه العادات تروى له قصة ذلك الشاب الذي يقطن المنطقة وأراد أن يتزوج بفتاة تقطن بمنطقة بعيدة دون أن يأخذ بعادات وتقاليد المنطقة إلا أنه وبعد أن اتفقت العائلتان على الارتباط احترقت العروس في يوم الزفاف داخل السيارة وأصيب العريس بحروق بالغة وشلل كامل ولم تشف من إصابتها إلا بعد أن أعاد والدها كل ما أخذه من عائلة العريس. ويتداول الناس أخبارا وحكايات عن جنون بعض العرسان كانهيار بعض البيوت وغيرها من الحوادث التي خالف أهلها عادات وتقاليد سكان منطقة المعامرية وتوصيات الولي الصالح؟!
وتبقى عادات وتقاليد الزواج بمنطقة المعامرية غريبة، كما يبقى سيدي معمر الولي الصالح حتى وهو ميت أسطورة تأخذ بأذهان سكان المنطقة الذين لهم حكايات مع هذا الولي الصالح.