-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المعركة الوهمية.. “مع” أو “ضد” الانتخابات!

المعركة الوهمية.. “مع” أو “ضد” الانتخابات!
ح.م

يضع البعض نفسه في خضم معركة وهمية عنوانها أن تكون “مع” أو “ضد” الانتخابات… في حين أن المعركة الحقيقية هي: كيف نمنع انهيار الدولة الوطنية نتيجة تزايد اتساع الهوة بين الشعب والسلطة؟

بغضّ النظر عن الأسباب، وعن كون الشعب على حق في رفضه للسلطة السياسية القائمة، فإن ازدياد اتساع الهوة بين السلطة والشعب لا يخدم البتة استمرارية الدولة الوطنية، بل يزيدها ضعفا ويضعها عرضة لكافة التقلُّبات والاحتمالات بما في ذلك الانهيار.

وعليه، فإن المسألة تتعدى تبسيط المعادلة إلى طرفين، طرف فيه المخلصون الوطنيون الساهرون على استمرارية الدولة وتعزيز قوتها، وطرف فيه غير المخلصين وغير الوطنيين والساعين إلى هدم أركانها بالتدريج. وتتعدى أيضا هذا التبسيط عندما نضع كل مَن رَفَضَ الانتخابات في هذا الشطر وكل من قَبِلها في الشطر الآخر. وكأنَّ هذه الانتخابات هي الكاشف الذي يُحدِّد لنا مَن هو الوطني ومَن هو غير الوطني، مَن يعي  مصلحة الدولة ومَن لا يعي ذلك؟

أبدا ليست هذه هي الحقيقة.. في كلا الطرفين يوجد الوطني وغير الوطني، يوجد المخلص وغير المخلص، وانطلاقا من الطرفين يمكننا أن نبني الجزائر كما يمكننا أن نُحطِّمها.

إذن، علينا أن نُدرك حقيقة اللعبة وطبيعة الصراع وخصوصية المرحلة التي تمرُّ بها بلادنا كجزء من محيط عربي وإسلامي يُسمَّى في استراتيجيات القوى الكبرى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ينبغي أن نُدرك أننا لسنا أبدا خارج هذا المحيط وأن حركَتنا ليست أبدا بمعزل عما حدث ويحدث عبر أرجائه، ولا عن محاولات إعادة بناء الدول به بطريقة تناحرية عنيفة ودموية إلى حد الآن…

لذا، فإن الوعي الحقيقي الذي ينبغي أن نتحلى به يتمثل في تجاوز هذا الاصطفاف غير المبرر بين أبناء الدار الواحدة.

إننا نعيش في ظل واقع، غير راضين به جميعا وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، وننتقد واقعا كل من زاويته، بما في ذلك جزء كبير مِمَّنْ نعتبرهم أسباب تدهور حال بلادنا، لذلك علينا أن لا نزايد على بعضنا البعض في درجة الاقتناع بتغيير هذا الواقع، وبدل أن يضع بعضُنا نفسه ضمن قائمة “الثوريين” والآخرين ضمن قائمة “الرجعيين” حتى لا أذكر صفات أخرى، علينا أن نُبادر إلى الإسراع بمناقشة جدوى بدائل الحل لهذا أو ذاك، أن نخرج من دائرة الاستقطاب الضيقة التي نخنق أنفاس بعضنا البعض ضمنها، إلى دائرة الحلول الواسعة التي تزيد من مساحة الأمل التي نتعلق بها لإخراج بلادنا مما هي فيه.

من السهل جدا تعبئة الشعب بكلمات الرفض التي تبدأ بأداة النفي “لا”، من السهل ربط هذه الأداة النافية بالثورية، ولكن من الصعب عقلنة كلمة “نعم” وإخراجها من قالبها التقليدي التي تعني الركون وقبول الإذلال إلى قالبها الفَعّال التي تعني ابتكار الحلول وإيجاد المخارج لأي حالة ضاغطة نجد أنفسنا ضمنها.

من هذا المنطلق علينا كما نضع سطرا أحمر تحت كلمة “نعم” وأن نضع سطرا أحمر تحت كلمة “لا”. إننا في حاجة إلى وعي المعركة الحقيقية التي هي في الواقع بين “نعم” الخاطئة و”لا” الخاطئة. وهذه المعركة الحقيقية قليل ما تُنبَّه إليها العقول، وإذا ما حاول البعض ذلك نادرا ما يتركونه ينجح، لأن الذين لا يريدون خيرا ببلادنا، ويريدون تحطيم أسس الدولة الوطنية، لا يعجبهم هذا الطريق الثالث العقلاني والواعي والمستقبلي، (أشرت إليهم بالاسم في مقال سابق منذ شهور) يصرُّون على أنه ينبغي لك بالضرورة أن تكون ضد الانتخابات، لأنهم يعرفون مسبقا أنهم سيُهزمون فيها إذا كانت نزيهة!

لِنُفكر قليلا في هذا المجال الواسع من الخيارات، ولا نُضيِّق على أنفسنا، وقد منحنا الله تعالى كل القوى العقلية لنكون في بسطة وأرْيَحِيَة من أمرنا، ونُحقِّق الأهداف التي نريد… ماذا لو كان عنوان معركتنا السياسية هو نعم لانتخابات نزيهة من البداية… بدل كل تلك العناوين التي تم طرحها بعنوان “لا”؟ بدون شك كنا سنختصر أكثر من نصف المسافة ونربح أكثر من نصف الوقت… أليس كذلك؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • elarabi ahmed

    لقد جعل ( الله ) للأنسان عينان وأدنان ولسان +عقل أم أن البقر تشابه علينا -فلا يمكن وقف عجلة التغير والتاريخ

  • alilao

    الدولة القائمة لا يمكن وصفها بالدولة الوطنية بل بدولة العصابات. فالمحافظة عليها في شكلها الحالي محافظة على حكم العضابات. تذهب عصابة وتأتي أخرى أسوأ منها. علينا اعادة انشاء دولة وطنية حقيقية ينال كل مواطن فيها حقه. لا المحافظة على ما هو قائم. الذين يريدون الابقاء على ما هو قائم هم فقط المستفيدون منه وهم قلة قليلة لا عالبية الشعب.