-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المناخ مرة أخرى.. ودائما

المناخ مرة أخرى.. ودائما

يلمس الجزائريون بما لا يدع مجالا للشك، التغيرات المناخية التي طرأت على الأرض، وعلى منطقة المغرب العربي بالخصوص، فإذا كان الحديث عن الجفاف قد صار روتينيا، ويضع البلاد أمام ضرورة تغيير نمط الحياة وضرورة إيجاد الحلول للأزمة المائية، فإن الأخذ بالتجارب الإنسانية مع هذه الظواهر الطبيعية أمر مفروض، لأن ملامسة الحرارة الرقم أربعين في شهر أفريل، والخمسين في فصل الصيف هو أمر لم يسبق وأن عاشه الجزائريون، وعليهم الاستعداد له، قبل التفكير في التأقلم معه، لأن الجفاف والتصحر ونقص التساقط وغلبة الحرارة، يعني افتقاد الماء الذي جعل منه الله كل شيء حيا.

هناك بلدان في العالم اقترحت بعث وزارة خاصة بالتغيرات المناخية، فلا يمكن أن يبقى تفكير وزارة الفلاحة على النحو السابق، حيث كانت الأمطار تتهاطل بانتظام حتى أن أجدادنا ربطوا كل شهر بما يحدث فيه من تهاطل وشمس، فما عاد الربيع ربيعا ولا الخريف خريفا، وغابت الثلوج في الكثير من الولايات وحتى في الجبال، تماما كما انهارت الكتل الثلجية في شمال أوروبا وأمريكا الشمالية، وألغيت حتى دورات التزحلق على الجليد، بعد أن انقلبت المعادلة المناخية رأسا على عقب، والكارثة الكبرى أن الدول الصناعية التي تعلم بأن ثورتها الصناعية الكبرى هي واحدة من أهم أسباب هذه التغيرات، غير مستعدة إطلاقا عن التوقف عن “حياتها” التي تعني “موت” الكثير من أحياء الحياة، من حيوان ونبات وإنسان.

لا يجب أن يقتصر الأمر في الجزائر، على عقد اجتماعات وزارية كما حدث في مجلس الوزراء الأخير، في قضية الشحّ المائي وكيفية إنقاذ الموسم الفلاحي، لأن الأمر صار يتكرر في السنوات الخمس الأخيرة على الأقل، والجفاف لم يعد طارئا أو حالة استثنائية وإنما حقيقة وقاعدة مناخية ضرب المدن الساحلية، فما بالك بالمدن الداخلية، فمدينة سكيكدة التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، على سبيل المثال، التي لم يكن التهاطل فيها منذ نصف قرن يقل عن 1200 ملم في السنة، لم يعد يبلغ 200 ملم في الزمن الحالي، وسدود الولاية الثلاثة التي كانت تمتلئ مع أمطار الخريف فقط، هي حاليا خاوية تماما، تأكيدا على أننا أمام حقيقة يجب التعامل معها علميا، وليس بالتمني وانتظار المعجزات.

ما جعل اقتصادنا يراوح مكانه، في العقود السابقة، وأحيانا يتلاشى نهائيا ويُدخلنا في أزمات مالية واجتماعية، هو الاعتماد بالكامل على ما تدرّه أسواق النفط، من دون البحث عن مداخيل أخرى خارج المحروقات، وسيكون من الخطأ الجسيم في حق الأمة أن نعيش على “أطلال” مناخ ما قبل التغيرات المناخية الأخيرة، والتي زلزلت دولا أوروبية معروفة بازدهار فلاحتها وثرواتها المائية، فالفصول تغيّرت فعلا، والأرض تغيّر لونها وعلى الإنسان أن يتغير، قبل أن يجرفه، بل يحرقه المناخ الجديد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!