-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المهرجون أخطر من الفاسدين

المهرجون أخطر من الفاسدين
ح.م

مازلنا في انتظار ظهور رجال المرحلة الحاسمة التي وصلتها الجزائر، بعد عقدين من الظلام، وأكثر من شهرين من الومضات، مازلنا نحلب الصبر، عله يفجّر قطرات من أمل الجزائريين في مشاهدة الذين غابوا وغُيّبوا وسط الظلام الحالك الذي عاشته الجزائر، في جميع مجالات الحياة، حتى خُيّل لنا بأن التخلّف هو قدر لا يمكن تغييره.

إلى غاية الجمعة الثانية عشر من عمر الحراك الشعبي، والمطالبة بالتغيير، ظهر الكثير من المهرجين، الذين يزعمون انتمائهم للحراك الشعبي، ويحاولون أن يكونوا في بداية القاطرة أو ربما المحرك الأساسي لها، وإذا كان رجال العهد السابق يقولون مالا يفعلون، ويعِدون ولا يوفون بالوعود، فإن هؤلاء المهرجين رفعوا سقف الكذب والزندقة إلى حيث تجاوزوا فيه الفاسدين الذين يطالب الشعب بمحاسبتهم وبدن الأمة لم يقدر على مرض مزمن فكيف يقدر على مريض خبيث؟.

فمن غير المعقول أن يكون الشعب مثل الغريق يتشبث بأية قشة تصادفه، ليجد من يقدّم له أرقاما عن خيرات خيالية تزخر بها البلاد في الجنوب وفي أعماق البحار ويذكر أرقاما بآلاف ملايير الدولارات في شكل حبوب تنويم لجعل الناس يعيشون على الأحلام، أو يمنحون لهذا الشخص أو ذاك من بائعي الأوهام مقاليد القيادة، والطامة الكبرى أن غالبية العازفين على وتر العاطفة، هم من الذين يحملون شهادات عليا ومنها الدكتوراه. فهم لا يقدمون أسماءهم إلا وهي مقرونة بصفة أستاذ أو دكتور، وأكبر زيف في الحياة هو أن تنتحل صفة غيرك المعنوية، حتى ولو امتلكت هذه الصفة ماديا وكانت لك فيها شهادات.

لقد عانى الجزائريون من نفس الأسطوانة التي كانت تصفه بالشعب العظيم، وبأن بلاده هي الأحسن في العالم، فقيل عن برتقال بوفاريك بأنه الأجود في العالم وفرولة سكيكدة الأطيب على وجه الأرض، وكرز مليانة الأكثر فائدة للإنسان وقمح قالمة الأخصب في المعمورة، لنكتشف بفعل سياسات التنويم بأن الأرض الجزائرية هي الأكثر جدبا في العالم.

إلى غاية الجمعة الثانية عشرة لم يظهر الرجل الذي يخاطب الناس بصدق، رجل يعيد للجزائريين ثقتهم في أنفسهم لمطاولة بقية الأمم التي بنت نفسها بالعمل، يُفهمهم بأن المرحلة القادمة ستكون للعمل، لخلق الثروة، وليس لتقسيمها بين الناس، على شاكلة الأب المتسلط الذي أكل جزءا كبيرا من المال وعندما توفي، حان موعد تقسيم الإرث.

الذين يتحدثون عن ملايير الدولارات المكتنزة في حقول الذهب واليورانيوم وعن البترول المدفون في السواحل الجزائرية، وعن مخزون البترول الذي لا ينضب والغاز الذي يجري من تحتنا كالأنهار، هم كمن يجرّ الناس إلى عالم الضياع.

فالطبيب الذي يقول لمريضه بأن صحته جيدة جدا، هو الذي يُعقد من حالته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!