النسبة بين أجور الأغنياء والفقراء.. هي الحل
إذا أردنا حلا لمشكلة الأجور في بلادنا يُقيم العدل ويُعيد الأمل للناس ويُزيل الأحقاد من القلوب ويَدفع الجميع إلى ساحة العمل بدل ساحة الكسل والخمول، ينبغي أن يكون ذلك على أساس نسبة ثابتة بين الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور لا تتغير إلا بتوافق الجميع، تضع حدا لكل أنانية، وتَمنع تَغَوُّل هذه الفئة على حساب الأخرى، وتَضمن الكرامة للعمال البسطاء والشعور بالطمأنينة لأعلى الإطارات والمسؤولين.
في هذه الحالة ينبغي أن يَنصَبَّ النقاش في البرلمان أو على مستوى لقاءات النقابة والحكومة وأرباب العمل، وحتى على المستوى الشعبي عبر وسائل الإعلام على النسبة التي ينبغي أن يكون عليها الحد الأدنى للأجر بالمقارنة مع أعلى الأجور في الدولة سواء أكانت لوزراء أو نوّاب في البرلمان أو غيرهم من الإطارات العليا في أي قطاع كان.
هل ينبغي أن تكون هذه النسبة واحدا إلى 10؟ أو 20؟ أو 50؟ أو واحدا إلى 100 أو أكثر أو أقل؟. هذا الذي ينبغي أن يناقش قبل تحديد القيمة المالية للأجر.
أما أن تَسعى كل فئة بنفسها لزيادة أجورها على حساب الفئات الأخرى، كل يسعى لإنقاذ نفسه ولا يهمّه مصير الآخرين، فذاك ما يقضي على قيمة “العدل أساس المُلك” ويُزيل كل معنى عن قيم أخرى كالتكافل والتضامن، ما يؤدي إلى مزيد من الاحتقان والشعور بالظلم، ويهيئ الشروط للحقد الاجتماعي وللصراع بين الفقراء والأغنياء سَببُ كل اضطراب وفتنة وعدم استقرار.
في فرنسا يتقاضى الوزير الأول 14910 أورو في الشهر، ويتقاضى أبسط العمال حدا أدنى للأجر يساوي 1430 أورو، أي أن أجر الوزير الأول لا يزيد على الحد الأدنى بأكثر من 10 مرات، وتتقاضى أنجيلا ميلكر في ألمانيا 17000 أورو مقابل 1400 أورو لأبسط العمال أي في حدود 12 مرة، في حين لا يزيد أجر الوزير الأول الإسباني على 6500 أورو والوزير الأول الهندي على 2000 أورو، وقس على ذلك بقية الشعوب والأمم حيث نادراً ما يُرفع الأجر الأعلى دون مراعاة الأدنى، بل يصل الأمرُ أحياناً إلى تخفيض الأجور العليا وبأثر رجعي كما فعلها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مع حكومته تنفيذا لوعد قطعه أثناء حملته الانتخابية حيث خفض من أجور حكومته بنسبة 30 % وبأثر رجعي.
ما الذي يمنعنا من اعتماد هذه المنهجية النسبية ونتفق على أن لا يقل الحد الأدنى للأجر على 10 مرات الحد الأعلى، وليرفع بعد ذلك الوزراء والنواب أجورهم إلى الحد الذي يرونه ملائما إذا كانت ميزانية الدولة تسمح بذلك؟