الهزيمة المزدوجة
يصرّ “أحمِرتنا” الذين يحملون أسفارا ولا يحملون أفكارا أن الحرب القذرة التي شنتها فرنسا الصليبية على شعبنا المسلم كانت لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية وتجارية مستبعدين نهائيا أهم سبب، أو سبب الأسباب كلها، وهو السبب الديني، الذي يهدف إلى إطفاء نور الله في هذا البلد، واستبداله الفادي – أي عيسى عليه السلام – بالهادي، أي سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام –
لقد سقنا مئات الشهادات لمسئولي فرنسا في القرنين التاسع عشر والعشرين، ومئات الشهادات لضباط فرنسا الصليبيين المجرمين، ولكبار قسيسيها ورهبانييها على أن الحرب الفرنسية على الشعب الجزائري كانت “قرنا من الصليبية نجم قبل تكون جيشا من الفرنسيين هجم”، كما يؤكد الإمام محمد البشير الإبراهيمي.. ولكن “أحمِرتنا” تسد آذانها عن سماع الحقيقة، وتستمر في “مضغ” الكلام الممجوج من أن هذا الصراع الذي جرى في أرض الجزائر لم يكن “حربا دينية صليبية”، وقديما قيل: “ليس عليّ إفهام البقر”، مع الاعتذار للبقر.
من آخر الشهادات على هذه الصليبية الفرنسية القذرة ما نشره المؤرخ الفرنسي اليهودي بنيامين سطورة، رئيس لجنة المؤرخين من طرف فرنسا للبحث في ملف الذاكرة..
قال سطورة إن: “الاحتلال الفرنسي لم يهزم عسكريا فحسب، بل انهزم – الأصح هزم – أيضا دينيا، لأنه في الوقت الذي كان فيه الجيش الفرنسي يغزو الأراضي الجزائرية بقوة السلاح، كان الكاردينال لافيجري يحمل لواء تنصير الجزائريين، في محاولة لخلق مجتمع منسجم مع المشروع الفرنسي”، (جريدة الشروق في 6/11/2024 ص3).
ونتيجة هذه الحرب الصليبية التي شنتها فرنسا على الجزائر، إحياء للمخطط الصليبي لكل من إربان الثاني، ولويس التاسع، نتيجة لذلك وجد الشعب الجزائري في “الإسلام فضاء يتم اللجوء إليه من قبل الجزائريين في ظل الحرب الدينية التي سلطت عليهم مع القمع الوحشي”. (المرجع نفسه).
لقد كان أكابر مجرمي فرنسا الصليبيين من شارل العاشر إلى شارل دوغول مستيقنين أن هذه الحرب الفرنسية القذرة على الشعب الجزائري كانت حربا صليبية، ولذا كان أحد رموزها الدينيين وهو المجرم الصليبي لافيجري يردد في تصريحاته وكتاباته: “إن فقدان الجزائر يعني أكثر من عشر هزائم لفرنسا”، (انظر سعد الله، أبو القاسم: تاريخ الجزائر الثقافي، ج 6، ص 287)، وذلك لأن الجزائر “كانت تحتل في حياتنا القومية أهمية لا مجال للمقارنة بينها وبين بقية البلاد التي كانت تابعة لنا”. (المجرم دوغول: مذكرات الأمل، ص49).
وعلى ذكر لافيجري الصليبي إنني أطلب من نواب الشعب الجزائري في المجلس الشعبي الوطني وفي مجلس الأمة أن يشنوا حملة لإزالة تمثال هذا المجرم في ساحة “كنيستهم” الافريقية، وليسائلوا الوزراء المعنيين عن سبب بقاء تمثال هذا الصليبي، إذ لا فرق بينه وبين الصليبي المجرم دوبورمون، والصليبي بيجو، والصليبي دو قيدون، والصليبي المترهبن شارل دو فوكو، والطبيب الصليبي دو فيالار.