-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الوقوف مع الظالم

عمار يزلي
  • 939
  • 0
الوقوف مع الظالم

العدوان المتواصل على إيران، وسلسلة الاغتيالات والضربات الجوية الصهيونية على المنشآت الحيوية والسكنية في عدة مدن إيرانية، سرعان ما قوبل برد إيراني غير منتظر، وغير متوقع، ومتراكم ومتدرّج في القوة والدقة.. ردّ أربك كثيرا الحسابات في تل أبيب، وفي واشنطن، وعدة عواصم غربية تقليدية، تتباكى على الكيان ظالما، غير مظلوم.

الغرب التقليدي، الاستعماري، وبطبيعة بنيته التاريخية وتكوينه السياسي والاقتصادي والإيديولوجي، ما ينفكّ يقف مع دولة الكيان حتى في عز الاعتداءات السافرة التي يقوم بها على شعوب ودول ذات سيادة جارة أو حتى تلك التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات.. فالكيان، ككيان صنيع لهذه القوى الغربية الاستعمارية، لا يمكنه أن يتخلى عن صنيعه، لكون هذا الصنيع، يمثل قلبه النابض بفكر التوسع والهيمنة والاحتلال والاستعمار والمركزية الأنانية للغرب الأوربي قبل أن ينتقل هذا المركز إلى الغرب الأمريكي وسوطه الذي يستعبد به الشعوب.

ما يحدث اليوم، من ترك الغرب الحبل على الغارب للكيان الصهيوني، لكي يصول ويجول بلا رقيب ولا رادع ولا حسيب ولا محاسِب، يقتل الأطفال ويدمر شعبا بأكمله ويبيد قضية برمتها بمباركة كل الإدارات الغربية تقريبا، فيما خلا بعضها جانحة تاريخيا للثورة ورفض لكل أشكال الهيمنة والعبودية والاحتلال والميز العنصري، ما يحدث، يوحي بأن العالم يتغير بسرعة، ويعيد تشكيل نفسه على مقاسات جغرافية واصطفاف اقتصادي وجيوسياسي جديد، غير المقاسات التي كانت قائمة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بل إن الأمور قد تتدحرج نحو شفير اصطدام نووي قائم، إذا ما تمادى الغرب بقيادة أمريكا وخلفها أوروبا، في تقليص جغرافيا نفوذ الدول النووية العظمى الأخرى ومنها الصين وروسيا.

الحرب على إيران، هي حربٌ على أبواب روسيا الحليف الاستراتيجي، وعلى أبواب تركيا والصين وباكستان، وكلها ترى في رغبة الكيان، ومعه الغرب، في إسقاط نظام الحكم في إيران، يعني تقدم الغرب نحو حدود روسيا والصين، وهذا ما قد يستنفر في الأيام القادمة كل هذه القوى، التي لا تزال ترى في إمكانية إخماد الحرب الناتجة عن العدوان الصهيوني على إيران. لهذا نرى تلك التحركات الدبلوماسية على مستوى روسيا وأمريكا وتركيا، خشية أن تتدخَّل أطرافٌ أخرى في هذه الحرب التي أريد لها أن تكون خدمة لرغبة صهيونية وحكومة نتنياهو اليمينية، رغبة شخصية قبل أن تكون رغبة إيديولوجية وسياسية.

نتنياهو المأزوم سياسيا، الذي يحاول أن يهرب من حرب إلى حرب، ومن جبهة إلى جبهة، لإطالة عمره السياسي الافتراضي، سيجد نفسه أمام وضع غير ذلك الذي رسمته له أحلامه التوراتية والشخصية، في أن يكون “آخر ملوك بني إسرائيل على أرض الميعاد”، وهذا حلمه ودينه وديدنه: فإيران ليست دولة موز، وقد تحدِث دمارا وخرابا كبيرا في البنية الاجتماعية الصهيونية والدورة الاقتصادية التي يقتات عليها الكيان.

الكيان الصهيوني هو جسمٌ غريب محتل، إنما جاء ليتمتع بالرخاء على حساب سكان والأرض وخيراتهم ومقدراتهم، ولا سبيل له أن يبقى تحت رحمة جهنم بلا أفق. كما أن جغرافيا الكيان لا تقارَن مع جغرافيا دولة إيران مترامية الأطراف ومقدراتها الموزَّعة على خريطة ممتدة شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، وإمكانية الصمود لديها، رغم الدمار، أكبر في تحمل تبعات العدوان المدمر المفروض عليها، ولا سبيل لإيران إلا الدفاع عن نفسها بكل ما أوتيت وأعدت من قوة ورباط، وهذا ما قد يضعف قدرة الكيان حتى مع تدخل أمريكي محتمل هجوميًّا، بعد أن تورطت دفاعيا وإعدادا وتنسيقا وتمويلا وتسليحا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!