امرأة تلد داخل سيارة وحوامل يتعرضن للضرب في عيادات الولادة

تشهد مستشفياتنا حالة متدهورة من التسيّب وسوء الخدمات وهذا ما تترجمه الشكاوى المتكررة للمواطنين، خاصة ممن يقصدون استعجالات أمراض النساء والتوليد، حيث غابت الإنسانية والرأفة بمخلوق يحتاج في تلك اللحظات إلى يدٍ حانية تمتدّ إليه لتخفف عنه آلام الولادة، لتحل مكانها المعاملة السيئة التي بلغت ببعض القابلات إلى حد ضرب المرأة الحامل وهي على طاولة الولادة، بينما اضطرت أخرياتٌ إلى وضع مولودها في السيارة أو الردهة بعد أن رفضت الطبيبة استقبالها.
أضحت ظاهرة المعاملة السيئة وتدني الخدمات “علامة مسجلة” إذا صح التعبير، تطبع جل مستشفياتنا، حيث لا يمر يوم دون أن تستمع فيه إلى شكوى مواطن حول سوء استقباله في المستشفى أو العيادة أو تعرضه للإهانة أو السب والشتم من قبل الطبيب أو الممرض أو حتى عامل النظافة والحارس، وهو الأمر الذي دفع بالكثير من المواطنين إلى تحمل الآلام في الكثير من الأحيان بدل الذهاب إلى المستشفى وزيادة حدّة توترهم وأوجاعهم في حضرة بعض الأطباء والممرضين الذين ضربوا بأخلاقيات المهنة عرض الحائط.
ولعل أبلغ صورة عن هذا الوضع هو ما تشهده مصالحُ استعجالات أمراض النساء والتوليد، حيث تحوّلت هذه الأخيرة إلى مخابر للتجارب، إذ اشتكت العديد من الحوامل من فحصهن من قبل متربصين ومتربصات أثناء فترة الحمل، حيث قالت إحدى السيدات التي وجدناها في انتظار إحدى قريباتها الحوامل بمستشفى نفيسة حمود “بارني سابقا”، أنها في كل مرة ترافقها إلى المستشفى لإجراء الفحوص الدورية يتم عرضها على إحدى الطبيبات المتربصات، والتي تتصل في كل مرة بالبروفيسور لإطلاعها على الخطوة التالية في فحص المريضة، كما يملي عليها الوصفة الطبية دون أن يفحص المريضة، في حين اشتكت أخرى من سوء المعاملة التي تلقاها الحامل من قبل بعض الطبيبات والممرضات وحتى بعض العاملين في المستشفى، حيث ذكرت لنا حادثة كانت حاضرة فيها حين قامت إحدى عاملات النظافة بشتم امرأة حامل ونعتها بأقبح الصفات، لأنها مرّت بجانبها وهي تنظف الأرضية.
وإن كانت هذه التصرفات تصدر من بعض العاملين في المستشفى، فإن الأدهى والأمر هي تلك الأفعال التي يمارسها بعض الأطباء والممرضين في حق المرأة الحامل أثناء موعد الولادة، حيث يتحول “ملاك الرحمة” إلى “شيطان” تخول له نفسه الدوس على مشاعر الحامل التي تكون في أمس الحاجة إلى من يعتني بها خلال هذه اللحظات العسيرة، حيث تضطر الكثير منهن إلى التنقل بين المستشفيات حين يتم رفضُها بحجة عدم انتمائها إلى المنطقة التي يوجد بها المستشفى، حيث اضطرت إحدى السيدات إلى الولادة داخل سيارة زوجها عندما رفضت الطبيبة استقبالها بأحد مستشفيات العاصمة بحجة أنها من ولاية داخلية ولا يمكن لها الولادة في العاصمة.
ولا تتوانى بعض القابلات عن إهانة الحامل وهي على طاولة الولادة، بل تبلغ بهن القسوة إلى غاية ضربها، حيث تحدّثت “فطيمة” عن تعرّضها لموقف مماثل أثناء وضع مولودتها الأولى، حيث تقول إنها وبعد أن خارت قواها لم تعد قادرة على بذل أيّ مجهود وهو ما دفع إحدى القابلات إلى ضربها، وهو ما تتعرّض له الكثير من الحوامل أثناء الولادة على حد قولها.
وبما أن المواطن الجزائري لا يملك ثقافة تقديم الشكاوى في مثل هذه الحالات أو لعلمه مسبقاً أنه سيقوم بذلك دون جدوى، وهو ما جعل قطاع الصحة في البلاد يزداد تدهورا، ولا يسع المواطن الجزائري إلا انتظار ما ستسفر عنه التعديلات والإجراءات الصارمة التي يقوم بها الوزير الجديد على رأس القطاع الحساس.