-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتخابات العراق تكريس للإمبراطورية الطائفية

انتخابات العراق تكريس للإمبراطورية الطائفية

انتخابات طائفية بكل المقاييس، لن تخرج عن نهجها المعتاد، في انتخابات سبقتها، خالية من روح المدنية، أغلقت الأبواب أمام إقامة مجتمع مدني حضاري، وشلت حركة النازعين للتطهر من براثن مذهبية، أشعلت نيران حرب أهلية، تستعر وتخفت أحيانا، في بلد تعايشت فيه كل الأديان السماوية، بطوائفها ومذاهبها ومللها، على مر عصور مضت، وفقد الآن كل مقومات الحياة.

تعددت القوى السياسية، واختلفت بمناهجها الفكرية، وبرامجها الموضوعة، وتنوعت تكتلاتها، لكنها لا تخرج عن مسار طائفي أو الارتماء في حضن طائفي، له قدرة الوصول دون غيره، إلى مركز القرار السياسي، في ظل دستور جزء المجتمع الموحد، ورسمت الخارطة السياسية على هدى بنوده، دون انتظار أي تغيير يذكر، في انتخابات مرتقبة.

قوى هذه الخارطة السياسية التي صممت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، عائدة إلى مواقعها كما كانت، عبر تسميات أخرى، لن تتخلى عن مضامين توجهاتها، وانتماءاتها الإقليمية، التي أضحت حاضنات لنمو وجودها، وشروط بقائها.

الانتخابات التشريعية العراقية في 12 ماي 2018 هي ثاني انتخابات عراقية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011، ورابع انتخابات منذ الغزو الأمريكي عام 2003، لانتخاب 328 عضو في مجلس النواب العراقي والذي بدوره ينتخب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن “عدد التحالفات التي جرى تسجيلها بلغ نحو 54 تحالفا” وعدد الأحزاب التي سيحق لها التنافس في الانتخابات المقبلة هو 205 حزب:

• حزب الدعوة الإسلامية: يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قرر المشاركة بقائمتين منفصلتين في الانتخابات البرلمانية، وقررت الأمانة العامة للحزب بعد اجتماع “عدم دخول حزب الدعوة بعنوانه حزبا سياسيا في التحالفات السياسية والانتخابية المسجلة لدى دائرة الأحزاب في المفوضية العليا للانتخابات، وتحديدا في انتخابات مجلس النواب والمحافظات لعام ٢٠١٨”.

وترك حزب الدعوة للأعضاء الحرية الكاملة بالمشاركة في الانتخابات بعناوينهم الشخصية وليس الحزبية، والترشيح في أي قائمة أو ائتلاف آخر، وكذلك ترؤس أي من القوائم الانتخابية.

تحالف النصر والإصلاح: تكتل مختلف الطوائف شكله رئيس الوزراء العبادي، ويضم تكتل “مستقلون” وقوى وشخصيات في عدة محافظات، من بينها الموصل، ويعد وزير الدفاع السابق خالد العبيدي من أبرز الشخصيات في هذا الائتلاف.

وقال العبادي إنه شكل ائتلافا “عابرا للطائفية” لخوض الانتخابات البرلمانية، لكن هذا التكتل تعرض لتصدع مبكر بعد أن قررت قوى من الحشد الشعبي الانسحاب منه، وربط مصدر من الائتلاف الانسحاب بانضواء قوى أخرى في تحالف العبادي، منها “تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، وقوى سياسية سنية أبرزها تحالف “بيارق الخير” بزعامة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، و”معاهدون” بزعامة رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم، و”الوفاء” بزعامة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي.

• تحالف التضامن العراقي: أسسه محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي لخوض الانتخابات البرلمانية برئاسة أخيه أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، ويضم التحالف 11 كيانا سياسيا، بينها كتلة المشروع العربي التي يتزعمها السياسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، وكذلك حزب الحق بزعامة النائب في البرلمان أحمد المساري.

• ائتلاف الوطنية: يضم 26 كيانا سياسيا، بينها قوى سنية بارزة، أبرزها الأحزاب التي يتزعمها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ورئيس الكتلة العربية في البرلمان صالح المطلك ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وتم تسجيل التحالف رسميا لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

يرأس سليم الجبوري حزب التجمع المدني للإصلاح، في حين يرأس صالح المطلك (سني) الجبهة العربية للحوار، ويتزعم علاوي حزب الوفاق الوطني العراقي.

• كتلة الاستقامة: يقودها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي أعلن خوض الانتخابات البرلمانية بقائمة منفردة، وقال إنه يرفض بشكل قاطع الانضمام إلى التحالفات، وإنه سيدعم ما سماها القوائم العابرة للمحاصصة، والتي يكون أفرادها من التكنوقراط المستقل.

• ائتلاف الفتح: يضم 18 كيانا من أجنحة سياسية لفصائل الحشد الشعبي، أبرزها منظمة بدر بقيادة هادي العامري، وجماعة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وقوى أخرى منضوية تحت مظلة الحشد الشعبي.

وبرزت أبرز المظاهر في العملية الانتخابية لعام 2018 :

* الاختلاف بتسمية التحالفات والتكتلات، فعندما اختار البعض تسمية ترفض التوجه الطائفي، اختار البعض التسمية المذهبية الصريحة، حيث اختار أياد علاوي “عابر للطائفية”  بينما اختار أسامة النجيفي المقرب من تركيا “سني سني”، وابتعدت الأحزاب الطائفية “الموالية لإيران” عن اعتماد التسميات الطائفية.

* اتحاد القوى، الذي يضم معظم الأحزاب السنية “انقسم بين التحالف مع نائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي، وأسامة النجيفي”.

* انسحاب حزب الدعوة الإسلامية من خوض الانتخابات باسمه لصالح قائمتين إحداها لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والأخرى لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، تاركا لأعضائه وأنصاره حرية الاختيار في الترشيح والانتخاب والتصويت في القوائم والائتلافات السياسية المسجلة”.

* تحالف التيار الصدري”الديني” الذي أسس “حزب استقامة” مع الحزب الشيوعي العراقي وأحزاب مدنية أخرى.

* مشاركة أعضاء الميليشيات الطائفية المسلحة كمستقلين ضمن قوائم الأحزاب المسجلة.

* تشتت القوى الكردية في انتخابات 2018:

تشهد الانتخابات المرتقبة، تشتت القوى الكردية بشكل غير مسبوق، فقد أطلق تحالف الوطن الذي يضم حركة الديمقراطية والعدالة وحركة التغيير، والجماعة الإسلامية معلنا أن “رئيس برلمان الإقليم المستقيل وعضو حركة التغيير يوسف محمد يترأس هذا التحالف”.

وسيخوض “تحالف الوطن” الانتخابات البرلمانية في محافظة كركوك، والمناطق المتنازع عليها.

 ويسعى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه الرئيس الراحل جلال طلباني إلى إحياء تواصله مع كافة الأحزاب الكردستانية الأخرى لمحاولة جمع الآراء لخوض الانتخابات بقائمة موحدة خاصة في كركوك والمناطق المتنازع عليها.

وفي المقابل فقد الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود برزاني، ما كان يتمتع به من ثقل سياسي، أمام تشتت القوى الكردية التي اختارت التمدد في خارطة سياسية أوسع.

• القوى الخارجية المؤثرة في نتائج الإنتخابات المقبلة:

فشلت الولايات المتحدة الأمريكية، في إقناع الحكومة العراقية بضرورة تأجيل الانتخابات، حتى عودة المهجرين في مناطق النزاع التي احتلتها داعش، بناء على طلب بعض الأحزاب الفاعلة في الموصل والأنبار وصلاح الدين، التي ترى أن تأجيل عودة النازحين سيؤثر على دور الناخب في تلك المناطق، بما يقلل من نسب فوز ممثليه وضمان تجدد حضوره في مركز القرار السياسي.

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، لم تجد الطريق الأنسب في دعم الأحزاب المدنية والعلمانية، كبديل للأحزاب الدينية الطائفية، كما أرادت عبر لقاءاتها مع مختلف القوى السياسية، نظرا لضيق الوقت.

أما تركيا التي تدوّن حضورها عبر الأحزاب الإسلامية “السنية”، فهي الأخرى لم تجد منفذا للتأثير المباشر في نتائج الانتخابات، أمام حجم القوى الطائفية في الضفة الأخرى.

ولا يبدو للدول العربية أي دور فاعل في دعم القوى السياسية، التي تكافح من أجل تقليص دور الأحزاب الطائفية الموالية لإيران، رغم رغبة بعض الأنظمة العربية سيما الخليجية بدعم قائمة “ائتلاف الوطنية” التي يتزعمها أياد علاوي.

ويبدو فشل الولايات المتحدة وتركيا وبعض الدول العربية في التأثير بمسار الانتخابات، قد ظهر في فشلها بتحقيق رغبة تأجيل الانتخابات، لموعد مناسب آخر، أمام قوة النفوذ الإيراني المهيمن على العراق، الأسير في حاضنة إمبراطورية طائفية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بدون اسم

    حصان امريكا في المنطقه هو الشيعه فعن طريقهم استطاعت ان تقسم المقسم و تبذر الفتنه في المنطقه اما ما يشاع عن ةعدائها لايران فهو كذبه كبرى لم يعد يصدقها حتى الطفل .
    امريكا و ايران حليفين قويين و الا كيف يبرر دعم امريكا لحكومه شيعيه عراقيه مرجعيتها ايران بل خامنئي شخصيا ؟

  • بدون اسم

    ويبدو فشل الولايات المتحدة وتركيا وبعض الدول العربية في التأثير بمسار الانتخابات، قد ظهر في فشلها بتحقيق رغبة تأجيل الانتخابات، لموعد مناسب آخر، أمام قوة النفوذ الإيراني المهيمن على العراق، الأسير في حاضنة إمبراطورية طائفية.