انتشار وتقنين الغش.. كابوس يهدد الامتحانات المدرسية والجامعية

دعا العديد من الأساتذة والمربين وحتى الطلبة إلى وضع حلول ناجعة للتقليل من ظاهرة الغش التي باتت تستفحل خلال الامتحانات المدرسية والجامعية، ما شوه سمعة التعليم في الجزائر، وحوّل امتحانات نهاية كل موسم إلى كرنفالات تضرب القيمة العلمية والمعرفية والأخلاقية في الصميم.
تحوّلت ظاهرة الغش إلى عملة متداولة بين الكبار والصغار، واستفحلت في المدرسة والجامعات وبقية المسابقات، في ظل بروز غشاشين يتفاخرون ومقربون متواطئون، ناهيك عن تكييف التكنولوجيات الحديثة في تطوير هذه الظاهرة السلبية، واعترف البعض ل”الشروق” بأن هذه الآفة تلاحق الأساتذة أنفسهم، أثناء اجتيازهم امتحانات التوظيف أو الترقية، فيما أكد آخرون بأن هناك مدراء طلبوا من الأساتذة التساهل مع طلبة تحسين المستوى (الذين يدرسون عن طريق المراسلة) بحجة أنهم غير قادرين على الإجابة، في الوقت الذي تساهم أطراف في نشر ظاهرة الغش التي تحولت إلى كابوس يهدد الامتحانات الرسمية والمدرسية والجامعية، على غرار ما يحدث في مسابقة شهادة البكالوريا.
اعتبر السيد إلياس بوزناق، أستاذ وطالب ماستر بجامعة باتنة، بأن أغلب فئات المجتمع تلجأ إلى هذه الصفة الذميمة، والتفاخر بها، من خلال الغش بوسائل متعددة، كتصوير وتصغير حجم الدروس، أو “الغش عن بعد”، باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، مثل الهواتف الذكية والبلوتوث والسماعات (الكيتمان)، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي. وفي السياق ذاته اعتبر الأستاذ محمد الفاتح حمدي من جامعة جيجل، بأن الغش داخل المؤسسات التعليمية والجامعية ليس وليد اليوم، ويمكن حصره في كثرة الغيابات عن المحاضرات وقاعات التدريس، إضافة إلى نقص أساليب التوعية والنصح والتوجيه، كما انتقد محدثنا طريقة تقديم الدروس التي تنفر في بعض الأحيان الطالب من الحضور. وفي الشق الانضباطي انتقد محمد الفاتح حمدي الإدارة بسبب عدم فرض عقوبات صارمة على من يقوم بالغش، وقال بأن معايير النجاح والانتقاء تحتاج إلى مراجعة، بعدما أصبحت الجامعة مصنعا لتسليم الشهادات.
وبخصوص محاربة الظاهرة، يرى إلياس بوزناق بأنه مهما تعددت طرق الغش فيمكن التصدي لها، بوضع أجهزة تشويش تقطع الاتصالات الهاتفية بالخارج، وإدراج كاميرات المراقبة في المراكز التي يتم فيها إجراء الامتحانات، وغيرها من الإجراءات التي ترى الجهات المسؤولة بأنها ناجعة. فيما يشترط الدكتور محمد الفاتح حمدي تكاتف الجهود من طرف الأساتذة والإدارة ومؤسسات المجتمع من أسرة ومسجد ووسائل الإعلام، ووضع إستراتيجية فعالة لعلاج ظاهرة الغش، بدلا من منح البكالوريا للآلاف من الطلبة، والدفع بهم مستقبلا داخل المجتمع من أجل تشويه صورته وتحطيم مستقبل الأجيال القادمة، مشيرا إلى عدم الجدوى من الطالب الذي يبني مستقبله على الغش.
ويعطي العديد ممن الأساتذة والمربين حلولا توعوية للتقليل من ظاهرة الغش، مثل صياغة الأسئلة بشكل غير مباشر، وتقديم دورات تدريبية للطلبة في طريقة تحضير الدروس ومراجعتها، ووضع مقاييس صارمة في التقييم، حتى لا يستطيع الطالب الذي يغش في الامتحانات الحصول على علامات ممتازة، وعدم تساهل الحراس والإدارة مع حالات الغش التي تصلهم، ووضع كل حالة تحت المراقبة.