-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتصار متوقع لـ”الشعب وجيشه”

حبيب راشدين
  • 1307
  • 2
انتصار متوقع لـ”الشعب وجيشه”
ح.م

حسنا فعلت السلطة حين تنازلت عن دور قيادة الحوار وألقت بمسؤولية ترتيبه وإدارته لمن تتوافق عليه المعارضة، ومن نصّب نفسه وكيلا حصريا للحَراك، وكأنها كانت تراهن على استحالة توافق قوى المعارضة، وأن ما يعنيها هو التحاق الجميع بخيار إدارة المرحلة الانتقالية تحت سقف الدستور، وهو ما بدأ يتحقق منذ لقاء عين البنيان، وقد تعزز بدخول طائفة من جمعيات المجتمع المدني معترك التفرّد بقيادة الحوار عبر قائمة من الشخصيات، هي نفسها التي كانت مرشحة لتشكيل هيأة رئاسية تدير ما وُصف بالانتقال الديمقراطي خارج الاحتكام للصندوق.

باستثناء إصرار قلّة قليلة من نشطاء الحَراك على خيار إسقاط الدستور، فإن شريحة واسعة من النخبة السياسية في المعارضة، وحتى في المجتمع المدني تكون قد استسلمت للأمر الواقع، وقد أفقدتها المقترحات الأخيرة لرئيس الدولة المتناغمة مع مقترحات مؤسسة الجيش، فرصَ المشاغبة برفض الحَراك لحوار تديره رئاسة الدولة أو الحكومة، وقيدت حركتها بما جاء في خطاب بن صالح الأخير من تنازلات حيال الصلاحيات التي سيمنحها القانون للهيأة المستقلة لإدارة الانتخابات، تكون قد حيَّدت الحكومة وأضعفت فرصة ترحيلها.

استسلام المعارضة وجانب من قوى المجتمع المدني لخيار الحوار المفتوح حول توفير أفضل الشروط لإدارة الانتخابات الرئاسية القادمة، وتراجع الرهان على إسقاط الدستور القائم ومؤسساته، كان متوقعا بعد نجاح السلطة في تمديد المرحلة الدستورية، وتسويقها بنجاح في الداخل والخارج، وتراجع منسوب ضغط الحَراك الذي ظل عالقا في أوحال المطالبة بترحيل الباءات، وتراجع الاهتمام السياسي والإعلام الدولي بفعالياته، وأخيرا نجاح السلطة في توظيف حملة التطهير وملاحقة الفساد والمفسدين في تفكيك كثيرٍ من الألغام التي كانت تعوق خيار المرحلة الانتقالية الدستورية.

التقدير الموضوعي للمشهد يسمح لنا اليوم بتعيين الأطراف التي أصبحت خارج اللعبة، على رأسها القوى الموصوفة بـ”العصابة” التي اجتُثَّت بالكامل من قلب السلطة، ونجح القضاء حتى الآن في ترحيل رموزها إلى سجن البليدة العسكري وسجن الحراش، وضُربت في مقتل، باستهداف أذرعها المالية والأمنية والإعلامية، وحُرمت حتى الآن من فرصة إخراج الحَراك عن سلميته، وخاب رجاؤها في دعم مفترض من قوى أجنبية كانت تراهن عليها، تتقدمها فرنسا المنشغلة اليوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذُه من نفوذها، ولو بتأمين حضورها الثقافي واللغوي، بإنقاذ مكانة الفرنسية في المنظومة التعليمية كما يوحي به التصريحُ الأخير للسفير الفرنسي.

الطرف الثاني الذي يكون قد خرج مؤقتا من اللعبة، هو أحزاب الموالاة وما كان يسمى بالمنظمات الجماهيرية، حتى أن جبهة التحرير لم تقاوم ساعة من الزمن دفاعا على آخر موقع لها في المؤسسات القائمة، وتنازلت دون قتال عن رئاسة غرفة النواب، ويظل مصير التجمع معلقا مجهولا، وهو اليوم أكثر أحزاب الموالاة مهددا بالتفكيك الذاتي، مع ما تتعرض له قواعده وقياداته في مؤسسات الدولة من ملاحقات وتهديد بالملاحقة القضائية.

أما الطرف الثالث الذي قد يخرج قريبا من اللعبة بحبلٍ من السلطة وبحبل من زعاماته التي دخلت في مواجهة صريحة مع مؤسسة الجيش، فهو بلا شك ما يوصف بالقوى العلمانية، التي وضعت بيضها في سلة واحدة، وراهنت على حَراك لم تكن تملك أدوات إدارته وتسخيره لخلق حالة الفراغ الدستوري: فرصتها الوحيدة للإفلات من اختبار الصندوق.

وسواء توافقت المعارضة وقوى المجتمع المدني حول مرجعية وقيادة الحوار، والاستفادة من الفرصة الأخيرة للعب دور في الاستحقاق الرئاسي القادم، فإن خيار السلطة بات واضحا عبر محطات باتت معلومة، تبدأ بمراجعة قانون الانتخابات وإعادة تشكيل الهيأة المستقلة، قبل دعوة الهيأة الناخبة وإجراء الانتخابات الرئاسية بمن حضر قبل نهاية السنة على أكثر تقدير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • شخص

    سر الحراك هو (النية) و ما إن تبدأ حرب التموقع حتى يفقد الحراك وهجه

  • جزائري حر

    للأسف فقد صنفت نفسك من النخب المشهروين من طرف إعلام فاسد هو إعلام العصابة التي أستعرف بها انها رقصت أغلب les ànesgériens بالتليكموند من سجن الحراش وهم في كل جمع خارجين مشمرين على كرعيهم تسقط العصابة .