-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“بابا نويل” الذي يأخذ ولا يُعطي

“بابا نويل” الذي يأخذ ولا يُعطي

لو يرتدي الرئيس الأمريكي، لباسا و”شاشية” حمراء، ويطلق لحيته البيضاء، ما فرّق الناس، بينه وبين الصورة النمطية لـ”بابانويل” الذي، يقول أهل الغرب، أنه يطلّ في كل رأس سنة ميلادية، ليمنح الناس والأطفال والفقراء الهدايا والأمل، لدخول عام جديد من التفاؤل، ولا نظن بأن “بابا” ترامب، يرى نفسه أقل شأنا من “بابا” نويل، خاصة عندما يسافر إلى هنا أو هناك، ويجتمع بزعماء العالم، حيث يرى نفسه الخير كله، ويرى في معارضيه الشرّ، حتى ولو كان من هؤلاء الرئيس الأمريكي السابق، الذي يبدو أنه سيعيش في خطاب الرئيس الجديد إلى غاية نهاية العهدة الرئاسية.

الفارق بين “بابا نويل” وبابا ترامب، لا يعني الشكل، وإنما المضمون، فالرجل الثاني يظهر في كل الشهور والأماكن، والفارق الأهمّ أنه لا يُعطي أبدا، وإنما يأخذ وبشراهة، ويقول: “هل من مزيد”؟

من جلسته الاختبارية مع زيلينسكي إلى جلسته مع القادة الخليجيين، كان الرجل يبدو وأنه مقتنع بأنه هو العالم، هو العدل والحق والخير، وليس أمام غيره سوى تطبيق تعليماته، أو دعونا نقول أوامره.

يمثل ترامب نموذجا فريدا من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، هو رأسمالي نظريا ولكنه شيوعي التطبيق، يؤمن إلى حدّ النخاع بشعار الفيلسوف كارل ماركس: “لا إله والحياة مادة”، فالرجل أحيانا عندما يتسلّم الكلمة، لا يسلّم على أحد، ويدخل مباشرة في حكاية صارت تتكرر، عن حاجة الولايات المتحدة الأمريكية للمال الغزير بمئات مليارات الدولارات، لأجل أن تحمي العالم من الإرهابيين، الذين يراهم أحيانا مثل البعوض، يمكن القضاء عليهم بأي مبيد في العالم، ويراهم تارة أخرى جبابرة، لا يمكن القضاء عليهم إلا بإغداق ملايير الدولارات على حامي العالم وحافظه من الأذى، الولايات المتحدة الأمريكية.

الذين تساءلوا ذات مواعيد انتخابية أمريكية: لماذا لا تشارك شعوب العالم في الانتخابات الأمريكية؟ يبدو أنهم كانوا على حق، أو ربما استشرفوا ما هو قادم؛ فالرجل الذي طمع في بحر بنما وأرض غرينلند وسماء إيران، وأموال الخليج وصمت بقية بلدان المعمورة، سجّل تغيرا واضحا في السياسة الأمريكية، وقد يسير على نهجه من يخلفونه، ليدخل العالم في أحادية ظن كثيرون بأنها كانت تلفظ أنفساها الأخيرة عندما عصفت جائحة كورونا واندلعت حرب أوكرانيا والتهب سعر الغاز وجرف طوفان الأقصى ما كان في طريقه.

في رسالة وداع سنة 1799 قال جورج واشنطن مؤسس الدولة الأمريكية إنه خائف على مستقبل الأمة الأمريكية.

وفي اشتداد الحرب العالمية الأولى سنة 1918 قال الرئيس الأمريكي ويليام هاوارد تافت: “الرؤساء يأتون ويذهبون، لكن محكمة الرب تبقى إلى الأبد”، وفي الحرب العالمية الثانية قال الرئيس الأمريكي روزفلت سنة 1942: “ليس بإمكاننا دائما أن نبني المستقبل لشبابنا، لكن يمكننا بناء شبابنا من أجل المستقبل”.

وقال جون كينيدي في سنة 1961 في عز الحرب الباردة: “لا تسأل عما يمكن لبلدك أن يفعله لك، اسأل عما يمكنك أن تفعله لبلدك”.

ويقول دونالد ترامب في سنة 2025: والعالم يدخل في نفق مظلم: “أنا أتأسف لكم أيها التافهون، لكن معدل ذكائي عال جدا، لذلك أرجوكم لا تشعروا أنكم أغبياء أو حمقى، فهذا ليس ذنبكم”.

ولكم أن تقارنوا بما قالوه.. وما قاله!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!