بحثا عن الشباب الضائع.. رجال ونساء فوق الخمسين يقتحمون تيك توك وأنستغرام

لا يختلف اثنان، في أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تتحكم في عقليات الناس وتفكيرهم. الكل في هاتفه يتصفح، أو كما يقال بالإنجليزية، سكرول، بين منشور وآخر. وبعد أن كانت السوشيال ميديا ديدن الشباب، صارت في وقت قصير إدمانا للكبار أيضا. ولكن، لم يتوقف الأمر على التصفح فحسب، بل تعداه إلى اقتحام هذه الوسائط بالصوت والصورة.
بعد أن كان الكثير من الناس، من شرائح عمرية مختلفة، ينتقدون مواقع التواصل الاجتماعي، وينددون بالمهازل والمصائب التي تحدث فيها، انقلبت الأمور، وصار منتقد الأمس مؤيد اليوم.
ينقسم الناضجون، بين قوسين، من مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي، إلى قسمين: قسم يملك محتوى هادفا، يستخدمه لنشر الوعي وتوجيه النصيحة للشباب، أو نشر محتوى تجاري، يهدف إلى الترويج لبضاعة معينة. المحتويات الهادفة كثيرة، منها الدينية والتوعوية والسياحية، وأيضا المحتوى الذي يرمي إلى الترويج للموروث الثقافي الجزائري. قسم من هؤلاء، تراه يجيد لعبة التسويق الإلكتروني والتجارة أونلاين. أما الإعلاميون، فتراهم يقدمون تحليلات سياسية واجتماعية، على الظواهر التي يشهدها المجتمع.
أكثر فئة قد يكون استخدامها لفايسبوك وإنستغرام وتيكتوك محمودا ومطلوبا، فئة الأطباء، الذين يأخذون على عاقتهم مهمة توعية العامة، من مخاطر الأمراض، ويسدون لهم النصيحة في كيفية التعامل مع ما يصيبهم من متاعب صحية، وأيضا، يركزون على الوقاية. وفي مهنة الطب، كلما تقدم الممارس في السن، صار أكثر علما وحكمة، وأقرب إلى التشخيص الصحيح.
العديد من مشاهير الفن في سن معينة تتجاوز الأربعين بأشواط
تجدهم يفتحون صفحات باسمهم، يعرفون على أعمالهم، ويتقاسمون مع جمهورهم يومياتهم. وهناك منهم من يظهرون في لايفات تيكتوك، لجني المال من التفاعل الكبير الذي يلقونه على المباشر. المدقق في سلوك هؤلاء، يدرك أنهم في رحلة بحث عن شعبيتهم الضائعة، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، وصار الكاستينغ لا يقام على أساس الموهبة والأقدمية، بل على أساس عدد المعجبين. كل هذا، طمعا في عدد المشاهدات.
لايفات تيكتوك، هنا تكمن المعضلة، حيث كل شيء ممكن الحصول، من تجاوزات، إهانات، سب، شتم.. فهل يعقل أن يسمح إنسان ناضج اكتسب الاحترام طوال حياته، بأن يفقده في لحظة طيش وتصاب.
المتصفح للمواقع، لا بد من أن يصادف مؤثرين ومؤثرات ناضجين، قد يعجب بالبعض ويشمئز من البعض، خاصة ممن لا يحترمون سنهم. وهنا، قائمة الأسماء واضحة، يعرفها الكبير والصغير، من أربعينيات وخمسينيات، يعرضن حياتهن على العلن، باسم عدد المشاهدات وعائدات التيكتوك، فضلا عمن يقدم نفسه على أنه من أنصار فريق ما، فيشتم اللاعب الفلاني والمدرب العلاني، غير آبه بالأخلاق الرياضية.
النماذج كثيرة لشياب دخلوا مواقع التواصل الاجتماعي، لكنهم فشلوا في كسب الانتشار، الذي كانوا يطمحون إليه، ووجدوا أنفسهم ميمز في التيكتوك، لا يصنعون البوز إلا بالخرجات الجنونية. لكن، مقابل هذا، نثمن نجاح المئات من الأشخاص، من مختلف القطاعات، خاصة المثقفين منهم، في لعب دور محوري في محاولة خلق توازن في عالم مضطرب، مليء بالتحديات.