-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بلد بلا أخلاق

بلد بلا أخلاق

قال الشاعر النصراني  الماروني اللبناني رشيد سليم الخوري (1887 – 1984) عن فرنسا محيرا قومه العرب، ومواطنيه اللبنانيين منها:

فلا تَرْكَنُوا لِأَكْذَبِ دولة     قامت سياستها على البهتان

وهذا رغم قصر مدة الوجود الفرنسي المباشر في لبنان وسوريا، حيث لم يتجاوز الثلاثين سنة.

كما نسب للكاتب والأديب الأمريكي مارك توين (1835 – 1910) ، الذي أطلق عليه لقب “أب الأدب الأمريكي”؛ نسب إليه قوله عن فرنسا بأنها “بلد لا يوجد فيه شتاء ولا صيف ولا اخلاق”. (أسامة وحيد: في حضرة الدجال ص 61. دار الأمة الجزائر 2024). هذان قولان لشخصين كلاهما يدين بدين فرنسا، اذ هما نصرانيان مثلها، ولم يصب أولهما من جرائم فرنسا إلا ما يصيب المرء من شَوْكَةٍ يُشاكها، وأما الثاني فهو من حلفاء فرنسا، بل لبلاده فضل كبير على فرنسا.

أن لا يوجد في فرنسا شتاء ولا صيف فليس للفرنسيين يد في ذلك على فرض أن كلامه صحيح، لأن الأمور الطبيعية لا سلطان للإنسان عليها، ولا قدرة له على تبديلها وتغييرها؟ ولكن أن لا يوجد في فرنسا اخلاق فهذا هو “العار”، لأن الأخلاق، وهو هنا لا شك يقصد الأخلاق الطيبة، الأخلاق الحسنة، هي من الأمور الكسبية…

قد يوجد من يشكك في كلام مارك توين الأمريكي، ولكن المطلع على الأدبيات الفرنسية لا يستغرب من كلام هذا الأمريكي.

إن سيئي الأخلاق في كل زمان ومكان يتسترون على جرائمهم وأخلاقهم السيئة إلا رهطا واحدا من البشر يجاهرون بهذه الأخلاق الوضيعة، ويتفاخرون بها، ويتمجدون بها، لأنهم عن طريقها يحصلون على ترقيات وعلى تشريفات عجزوا عن الحصول عليها ميدانيا.

كما أن هذه الأخلاق الوضيعة ليست مقتصرة على صعاليك الفرنسيين، بل ربما يكون منهم من هم أكثر تخلقا ممن يعدون من أشرافهم.. وأمامكم كبار ضباطهم وكبار مسئوليهم، ومن يعدون من نخبهم العلمية والأدبية.. فقد كتبوا أشياء عن أفعالهم يخجل منها أرذل الناس وأحقرهم… وقد شهدوا على أنفسهم، وشهدوا على بعضهم.. لقد شهد أحد وجهائهم، وهو دوطوكفيل “بأن المستوطنين الفرنسيين مجرد حفنة من الأوغاد، وأننا تصرفنا في افريقيا – الجزائر – بوضاعة وتفاهة”. (انظر: كتابات طوكفيل عن الجزائر. ترجمة: علي زيكي، ص 149 و221). يكذب الفرنسيون – وأكاد لا استثني – عندما ينشرون في العالم أن سبب غزوهم الجزائر هو “الثأر لشرف فرنسا بعد لطمة الداي حسين لسفيههم، على وقاحته وسوء أدبه في 1827″؛ في حين أنهم يعلمون أن هذا الصعلوك نفسه قد بحث تقريرا لحكومته يحرضها فيه على غزو الجزائر، وذلك قبل اللطمة ببضع سنين. والتقرير موجود في الأرشيفات الفرنسية وقد اطلع عليه بعض الباحثين من الجزائريين وغيرهم.. والحملة المسعورة في هذه الأيام في فرنسا ضد الجزائر تؤكد مقولتي مارك توين ورشيد سليم الخوري وهما أن فرنسا هي ” أكذب دولة” وأنها “بلد بلا أخلاق”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!