بنات الكهف.. وبنات برج إيفل
موضوعان انفردت بهما “الشروق اليومي” أثارا الرأي العام خلال الأسبوع الأخير.. وشكلا الحدث الكبير الذي هزّ الوجدان وأخلط المشاعر بين الحسرة والأمل، وكانت الصورة الفوتوغرافية هي قوة الموضوعين اللذين تحولا إلى حدث الساعة الذي أنسى الناس إلتهاب الأسواق وأنساهم حتى مباراة منتخبهم الوطني الكروية المصيرية التي تجرى غدا الأحد..
-
“الصورة الموضوع” الأول ظهرت فيه صبايا بائسات أمام الغار نقلتنا إلى ريف ولاية سطيف، حيث تعيش عائلة من إثنى عشر فردا في كهف رفقة الزواحف والطيور الكاسرة، لا تعلم ما يدور من حواليها وكأنها في عصور ما قبل التأريخ، تتكون العائلة من ثلاث بنات يتجاوز سنهن التاسعة عشرة، و”الصورة الموضوع” الثاني نقلتنا إلى عالم روحاني عن صبايا شقراوات ثلاث دون سن العشرين قدمن من فرنسا واعتنقن الدين الإسلامي، والقاسم المشترك بين الموضوعين هو وجود ثلاث بنات، ولكن الشكل وما يحيط به هو المختلف، كما أن القاسم المشترك أن الموضوعين هزا الدنيا فعلا، وكانت لهما ردود فعل في كل أنحاء الوطن وخارجه.. أما الاختلاف الكبير فكان في رد الفعل والفعل أيضا، الذي ميّز تحرك الناس ونظرتهم للموضوعين، وهو رد فعل حاولوا ربطه بالشهر الكريم، حيث رموا في حادثة بنات الكهف الكرة في مرمى السلطة واعتبروها المسؤول الأول والوحيد على المأساة وقالوا لها “إذهبي أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون”، وذكّروها بالخزائن المليئة بملايير الدولارات وبالخطابات السياسية والوعود العسلية، بينما تكفل الغالبية في الموضوع الثاني بحل مشكل شقراوات فرنسا المسلمات بأنفسهم بطلب الزواج منهن.. حتى كادت “الصورة الموضوع” الثاني تنسيهم في “الصورة الموضوع” الأول، بل دعونا نعترف صراحة بأنها أنستهم فعلا.
-
مازلنا دائما نرمي السلطة بالتورط في مآسي الفقر والتهميش ونجعلها “شماعة” تعفينا عن القيام بواجباتنا، وبعضها فرائض وأركان إسلامية تصل حد الردة في حال التقاعس عن أدائها مثل الزكاة، فالله فرض على البشر قبل الدولة الصدقة وتواصل الأرحام، وعدم كتم الأمل الذي يعتصر الأفراد لأجل حياة أفضل، ولا أحد بإمكانه أن يقنع عاقلا بأننا بريئون كمجتمع من وجود بنات الكهف اللائي لا يحلمن بفستان الفرح ولا بالألعاب والعرائس، ولا أحد بإمكانه أن يقنع عاقلا بأننا بريئون من تواصل المأساة وقضاء العائلة بقية رمضان وربما بقية العمر في هذا الكهف الغابر.. ومازلنا دائما في المقابل نستفرد بحل بعض المشاكل التي ربما لا تخصنا مثل حالة شقراوات فرنسا اللائي أحدثن ضجة كادت أن تتحول إلى مسيرة شعبية حاشدة نحو قرية الصيادة بمستغانم من أجل الزواج بالصبيات الشقراوات، ولا أحد بإمكانه أن يقنع عاقلا بأننا نرتضي من الارتباط بهن الزواج البريء، لأن عدد العازبات والعوانس من الجزائريات بما في ذلك الشقراوات كثير، ولكن الفرق بينهن وبين مسلمات فرنسا هو “المزايا الإدارية” التي تتحقق من الزواج من فرنسيات.
-
أمام عامة الجزائريين الآن صورتان اجتماعيتان، الأولى لبنات الكهف المظلم، والثانية للبنات القادمات من عاصمة النور .. وليتنافس المتنافسون.